ابنتى تعيش فى عالم الخيال والهروب من الواقع وابنتى الاخرى اريد ان تواظب على الصلوات فى اوقاتها ماذا افعل ؟؟

السؤال

السؤال:

السلام عليكم ..

أنا أم لـ3 بنات، أسأل الله أن يبارك فيهن، أعمارهن كالتالي: 9 ونصف، 8 ، 3 ونصف.
المشكلة التي أنا بصددها اليوم هي مع الوسطى، وهي أنها تعيش في عالم الخيال وتهرب به من الواقع المليء بالواجبات والالتزامات، فهي في الصف الثالث الابتدائي، وتعيش في عالم الخيال دائما. في السابق لم يكن يمثل الأمر مشكلة، ولكني بدأت ألاحظ مؤخرا أن فترات استمتاعها به تزداد.
بدأت المشكلة كالتالي:
منذ ولادتها كانت تنام في الساعة 8 مساء وتصحو الساعة 6 صباحا، وهذا جميل، وهي الفطرة السليمة، ولكن كان لهذا الوضع المستمر صيفا وشتاء آثاره، فنحن لا نستطيع الخروج صيفا مساء، وإذا أخذناها فإنها تنام بمجرد ركوبها السيارة ونحملها إلى أي مكان ونعود بها ولا تستيقظ إلا في الصباح، ولا تذكر شيئا عن الفسحة أو الزيارة التي كنا بها، وتتضايق لأن الكثير من الأشياء الحلوة تفوتها. أما شتاء فليس هناك مشكلة إلا في الإجازات، المهم أنها تستيقظ مبكرا وتظل تلعب بعرائسها أو وحدها وتعيش في عالم الخيال مدة طويلة تستمر ساعتين أو ثلاث إلى التاسعة أو العاشرة.
حاولت مرارا أن تنام ساعة عصرا مثلا حتى تستيقظ في التاسعة ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل فهي لا تستطيع النوم بالنهار.
أعرف أنها هي “الصح” وأن المشكلة فينا نحن، وفي المدنية التي نعيشها، ولكن لا مفر، بدأت أقلق عليها من جلوسها تحدث نفسها وتلعب وحدها طويلا، فأصبحت أخرج للاستلقاء والنوم أمامها على الأريكة بالمجلس وكم تعبت من هذا الوضع.
الحمد لله مستواها الدراسي جيد جدا وليس بالممتاز، وقدرتها على الحفظ متوسطة ولكنها تبذل الجهد بارك الله فيها، المشكلة أنها بمجرد رجوعها من المدرسة تدخل غرفتها أو أي مكان خال من الناس في البيت وتمارس دور المدرسة والتلاميذ الوهميين طبعا، وتمسك القلم والسبورة وتظل تأمر وتنهى التلاميذ وتوزع الدفاتر على الكراسي أمامها كأنهم التلاميذ، وتسألهم مثلا عن شيء وتسكت قليلا ثم تتابع كأنها سمعت الإجابة مثلا: من حل هذه المسألة يا بنات؟ … ممتازة يا فاطمة! وأنت.. لماذا لم تحلي يا فلانة؟ وهكذا.. المهم أن الأمر يستغرق وقتا طويلا، وإذا سألتها عن شيء أو أخبرتها أن الغداء جاهز لا ترد علي إلا بعد تكرار الطلب مرات أو أكثر، وتكون ضجرة جدا لأني قطعت عليها متعتها وربما قالت لي: “انتظري حتى تخلص الحصة”!
كذلك إذا طلبت منها إنهاء هذه اللعبة حتى نبدأ المذاكرة، وتحت إلحاحي والفصال الشديد ترد: طيب بعد 10 دقائق لا بل ربع ساعة. ثم تأتي إلي وهي متأففة جدا و”مش مركزة” وتقول: هيا هيا حتى نخلص.
وإذا أعطيتها راحة تفرح وتذهب لتلعب نفس اللعبة، علما بأن أختها الكبرى تمل اللعبة بسرعة ولا تشاركها غالبا، والصغرى إذا دخلت معها اللعبة فإنها تكون تلميذة وغالبا ما يتشاجران طبعا لأن لها رأي فهي تلميذة من لحم ودم وليست وهمية، وغالبا ما ينتهي الأمر بطردها من الفصل (اللعبة) لتستمر تلعب وحدها.
لم أكن أعير الأمر بالا إلا أن إحدى قريباتي عندما رأتها أقلقتني عليها وطلبت مني استشارة أحد.. فهل أنا محقه في قلقي عليها؟
كما أود استشارتكم في الوقت المناسب لأوقظ ابنتي الكبرى لصلاة الفجر حيث إنها ما زالت لا تواظب بعد على باقي الصلوات، ولا يخفى عليكم المعاناة والجهد في أمرهن وتذكيرهن بالصلاة، علما بأن موعد استيقاظها للمدرسة يكون بعد خروج وقت الصلاة..
ولكم كل الشكر.

 د/ منى البصيلي

الاجابه:

إن الخيال لدى الطفل هو روح الحياة.. هو المعمل الذي يتم فيه التعامل مع الأفكار والصور والحكايات والأحداث اليومية وكل ما يتعرف عليه الطفل في هذا العالم، حيث يتم إعادة مزجه وبلورته وتفسيره من وجهة نظر الطفل ليصنع منه في النهاية شيئا خاصا بهذا الطفل وحده دونا عن باقي الأطفال..
فنحن قد نحكي حكاية لمجموعة من الأطفال أو نريهم فيلما سينمائيا فإذا سألنا كل منهم على حدة عن ما فهمه وتعلمه من القصة وعن انطباعاته عنها لوجدنا تباينا شديدًا في الأفكار والآراء رغم أنهم كلهم أطفال متقاربو السن وشاهدوا نفس القصة!!
إنها روح الحياة التي تنتج لنا الجديد والمبتكر كل يوم.. ولولا ذلك لكان الأطفال مثل جهاز الكومبيوتر يتم تخزين المعلومات والنصائح والآداب والمعتقدات داخله فإذا حاولنا استعادتها نجدها كما وضعناها تماما.. عندها تتجمد الدنيا.
إن خيال الطفل هو عالم خاص به يفعل فيه ما يشاء ويتخيل نفسه في الدور الذي يتمناه ويضع من حوله في الأماكن التي يراها ويؤمن بها هو دون اعتراض من أحد.
إنه عالم سحري يكون الطفل فيه هو القائد، هو المخرج والمؤلف وكاتب السيناريو، هو المايسيترو الأوحد.. فمن الطبيعي جدا أن نجد الطفل شغوفا بهذا العالم ومرتبطا به.
ولكن تختلف هذه المساحة من طفل إلى آخر بشدة حسب قدرة الطفل نفسه على التخيل وطاقاته النفسية والعقلية، وكذلك حسب احتياج الطفل لإثبات ذاته في هذا الواقع الافتراضي الذي يرسمه بنفسه، فالطفل الذي يفشل في إثبات ذاته على أرض الواقع وإيجاد النجاح والقبول لدى الآخرين يضطر للبحث عن ذلك بالاستغراق في الخيال وتحقيق ذاته ونجاحه فيه.
فإذا كنا نقول إن خيال الطفل ظاهرة صحية فإن دور الأم يكمن في حسن توجيه هذا الخيال والاستفادة منه، وكذلك في متابعته حتى إذا زاد عن حده الطبيعي بدأنا بالبحث عن الأسباب ومعالجتها برفق؛ وهذا ما حدث مع ابنتك حيث إنها من الواضح أنها وجدت نفسها في هذا العالم الذي ترسمه وتتحكم في نفسها دون تدخل من أحد فبدأت ترتبط به، بل تستعيض به عن العلاقات الاجتماعية الطبيعية معكم ومع شقيقاتها وربما حتى مع صديقاتها.
من الواضح أن فايزة عندها شعور بالنقص أو عدم تحقيق الذات على أرض الواقع وهذا كثيرا ما يحدث في حالة الابن الأوسط على وجه الخصوص حيث يشعر بالتوتر والقلق والرغبة في إثبات الذات وسط شقيقين يستمد الأكبر فيهم مكانته من كونه الأول والبكري وأول من رأته العين وحملته الأيدي، وهذه مكانة خاصة لدى الأبوين والأجداد… ويستمد الأصغر مكانته من حيث إنه الأصغر والمدلل والأولى بالرعاية والتدليل فيتساءل الأوسط: وأين أنا؟
إن فايزة طفلة طبيعية تمارس خيالها بشكل طبيعي، ولكن مكثف نتيجة لافتقادها تحقيق الذات على أرض الواقع.
• أعطيها جزءا أكبر من وقتك وتفاهمك واستمعي لها ولأحلامها.
• لا تنتقديها أبدًا بعنف خاصة أمام شقيقاتها أو أي شخص غريب.
• أعطيها إحساسا صادقا بالثقة بها وبقدراتها.
• اتخذيها صديقة لك يكون بينك وبينها أسرار ومواضيع.
• ابحثي في شخصيتها عن نقاط التميز، نميها لديها واثني على هذا النقاط دائما أمامها وأمام الناس.
• ابحثي عن هواياتها ومواهبها الفنية والرياضية وساعديها على تنميتها والتفوق فيها.
• ربما يكون مجال المسرح المدرسي والتمثيل والتعبير الحركي إحدى المواهب التي يمكن أن تتميز فيها بشدة وتمنحها الثقة بنفسها.
• احرصي على إشراكها في أنشطة جماعية متنوعة حتى تخرج من حالة الاكتفاء بالنفس إلى التفاعل الطبيعي مع الآخرين مثل: لعبة رياضية جماعية، فريق تمثيل، موسيقي، مرسم.
• إياك أبدًا أن تهاجمي أو تتهكمي على عالم الخيال الخاص بها، ولكن اسحبيها منه بهدوء وفطنة وذكاء.
• حاولي توجيهها لكتابة هذا الخيال في صورة قصص فربما تصبح كاتبة لقصص الأطفال.
أما بالنسبة لتعويد بناتك على الصلاة فلا بد أن تعلمي أن هدفنا هو تعويد أبنائنا على الالتزام بالصلاة طوال حياتهم وليس هناك تعويد ناجح إلا بالحب وإلا بإثارة الدافع الداخلي للشيء.
تحدثي معهن عن فضل صلاة الفجر وادفعيهن للمنافسة في نيل هذا الثواب معك ولا تجعلي الأمر مثل الواجب اليومي الذي يتهربن منه، ولكن اجعليها مرات متقطعة حتى يشتقن لها ويطلبنها هم منك وعندها لن يتهربن منها.
تحدثي معهن في غير أوقات الصلاة عن علاقتنا بالله وفضل الارتباط به وفضل الصلاة والدعاء. واجعلي الالتزام بالصلوات بل تذكيرنا كلنا بها في صورة مسابقة بينهن تعلق نتائجها على ورقة على الحائط. وهكذا تتنوع الأساليب والطرق حتى يتعودن على الالتزام بالصلاة ولا تنسي أن الله تعالي جعل حوالي 7 سنوات من عمر الإنسان للتعود فقط على الصلاة قبل أن يكلف بها شرعا وذلك لأهميتها وصعوبة التعود عليها.

بانتظار الحل 0
Corrector Academy 7 سنوات 1 إجابة 2817 مشاهدات

إجابة ( 1 )