المشاعر وانواعها

يجلس المريض في مراكز الاستشارات النفسية ، طالبًا المساعدة في حل مشكلته وتفكيك عُقَد علاقاته .

إن الهدف الأساسي للعلاج النفسي هو تعليم المريض الإقرار بكافة أنواع المشاعر التي تتؤثر علي قراراته، والتعبير عنها بغير حساسية  ووعي 

مرضى كثيرين يصارعون للتغلُّب على مشاعر موجعة، كالغضب والهياج، أو الأفكار الانتحارية .

معني المشاعر :

المشاعر(Emotion) هي كلمة  مشتقة من المصطلح اللاتيني (emovere) ويعني التجاوز ، المصطلح مزيج من الطاقة والحركة ، المشاعر هي شيء نشعر به باستمرار، عندما يحصل حدثًا يتطلب استجابة معينة في داخلنا قد نحس بالمشاعر من موقف أو تجربة أو ذكرى، تساعدنا العاطفة على فهم التجارب التي نتعرض لها وتوضح لنا كيف نشعر تجاه تلك التجارب سواء كانت تشعرنا بالسوء أو بالرضا.

احياناً في حالة الصدمة قد لا نستطيع  تحديد مشاعرنا؛ لأنها قد تسد أو تتعثر،

وعندما نمر بنفس التجربة مرة أخرى لا يمكننا معالجة المشاعر أو التفاعل معها بطريقة صحيحة!

تهدف المشاعر الإيجابية إلى تعزيز متعة التجربة حتى نسعى إليها مرة أخرى ، تُنشّط المشاعر الإيجابية نظام المكافأة في أدمغتنا والذي يجعلنا نشعر بالأمان، أما المشاعر السلبية فهي تحذرنا من المواقف الخطيرة وترفع من غرائز البقاء داخلنا حتى نصبح أكثر وعياً .

وبطريقة ما تطورت عواطفنا حتى نستطيع البقاء في مجتمع عقلاني أكثر من مجتمع أسلافنا البعيدين ولكن ردود الفعل متشابهة إلى حد كبير.

يتكلم ادلر عن المشاعر :

يقول أدلر: “تذكر أن أحد الأسباب الأساسية لامتلاكنا مشاعر، هو مساعدتنا على تقييم خبراتنا”. لقد فحص أدلر، ومعه هال إي هيرشفيلد، ، الرابط بين خبرة المشاعر المختلطة والصحة النفسية، لدى مجموعة من الأشخاص، خلال مرورهم باثنتي عشرة جلسة من جلسات العلاج النفسي. لقد طلب من المشاركين قبل كل جلسة أن يملأوا استبانات هدفها تقييم صحتهم النفسية. كما طُلب منهم أن يكتبوا سردًا لما مرّوا به في حياتهم من أحداث وما جرى معهم في أثناء جلسات العلاج، التي كانت تهدف إلى تحقيق الرضا العاطفي لديهم. كتب أدلر وهيرشفيلد في تقريرهما ، إن الشعور بالابتهاج والاكتئاب في وقت واحد، كمثل ما كتبه بعض المرضى: “أشعر بالحزن أحيانًا بسبب كل شيء أمر به، ولكنني سعيد ولديَّ أمل، لأنني أعمل، بالرغم من مشاكلي”، كان مقدمةً لتحسن الصحة النفسية خلال أسبوع أو أسبوعين، حتى لو كانت المشاعر المختلطة التي خبرها أولئك المرضى في ذلك الوقت سيئة. لقد وجد الباحثان أن “المرور بالجيد والسيئ معًا قد يخفف من الآثار الضارة للخبرات السيئة، على نحو يجعل لكل من الجيد والسيئ دورًا لدعم التحسن في الحالة النفسية”.

وللمشاعر السلبية في الأغلب دور في مساعدتنا على البقاء، فالمشاعر السيئة –كما يقول أدلر– يمكن أن تكون علامة مهمة، ودالة على أن هناك ما يتطلب الانتباه ، كمشكلة صحية مثلًا أو علاقة من نوع ما. إن أهمية المشاعر السلبية للبقاء قد تفسر لماذا يكون كبتها عقيمًا وغير مثمر إلى حد بعيد .

هيكلة المشاعر :

 وفقًا لـ (HUMAINE) فالمشاعِر المتعرّف عليها ثمان وأربعون، المقررة في الملاحظاتِ العاطفية واللغات التعبيرية .ومعظم أخصائيي علم النفس يتفقون على ذلك مع الخيار لتصنيفها أكثر من ذلك .

النهج الأولي والثانوي وما بعد الثانوي وُصف أساسًا في عام 1987 في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي على شكل شجرة تبدأ بجذعها الشخصية ثم بفروعها المشاعر الأولية ثم الثانوية ثم ما بعد الثانوية.

تلك الشجرة كانت الخطوة التالية من عجلة (Plutchik)، صممت العجلة بطريقة سهلة حتى يفهمها العملاء، لأنها أيضاً تستخدم الألوان لتصنيف كل من المشاعر الإيجابية والسلبية، وأيضا سهلت تحديد المشاعر المعاكسة، من فوائد هذه العجلة أنها سهلت التعرف على شدة المشاعر والعلاقة بين شعور واحد بالمشاعر الأخرى.

في عام 2012 توصلت دراسة بحثية استندت على بتلات (Plutchik) إلى أن أخصائي علم النفس ربما بالغوا في تصنيفهم للمشاعر، وان هناك أربع مشاعر أساسية فقط وتوصلوا إلى ذلك بعد تحليل 42 عضلة من عضلات الوجه أثناء الاستجابات العاطفية، وكانت المشاعر الأخرى إما متشابهة للغاية أو فرع لأحدى الأربعة الأساسية، على سبيل المثال كان رد فعل الوجه للمفاجأة والخوف متشابهين مع أن ذلك قد يكون بسبب مظهر العينين المفتوحتين بشدة هو غريزة بقاء لزيادة الانتباه البصري وهو أمر أساسي في معظم المواقف التي تثير الخوف أو المفاجأة .

المشاعر الأولية والثانوية !

تخيل أن شيئاً قد حدث وفجأة شعرت بإحساس ، إحساس قوي ، إحساس يعبر عن ردة الفعل الأولى لما حدث !

 هذا هي المشاعر الأولية وهي استجابة الجسد الأولى وغالباً يسهل التعرف عليها لأنها قوية جداً .

أكثر المشاعر الأولية شيوعاً : الخوف والسعادة والحزن والغضب .

هذه المشاعر قد تكون مشاعر ثانوية أيضًا في مواقف مختلفة ، ولكن ردة الفعل الأولى هي عادة إحدى تلك المشاعر، فإذا رن الهاتف وبدأ شخص ما بالصراخ بلا سبب فأنت على الأرجح قد تشعر بالغضب أو الخوف !

 أو إذا اتصل شخصٌ ما وأخبرك بأن كلبك قد مات سوف تشعر بالحزن، ليس هناك دافع قوي يستخرج مشاعرنا الأولية فهي قابلة للتكيّف ، لأنها تجعلنا نتفاعل بطريقة معينة دون الإحساس بأننا نخضع لاختبار وهي مشاعر غريزية أولية تبقينا على قيد الحياة .

المشاعر الأولية :

المشاعر الأولية عابرة أو مؤقتة أكثر من المشاعر الثانوية ولهذا السبب هي أقل تعقيداً وأسهل للفهم، أول شيء نشعر به مرتبط مباشرةً بالحدث أو المحفز ولكن مع مرور الوقت نكافح لربط تلك المشاعر بالحدث لأن عواطفنا قد تغيرت.

المشاعر الثانوية : 

تعد العواطف الثانوية أكثر تعقيداً لأنها غالباً تشير إلى شعورك تجاه المشاعر الأولية وتلك هي المشاعر التي نتعلمها من والدينا أو أولياء أمورنا مع تقدمنا في العمر.

فمثلا : عندما تشعر بالغضب قد تشعر بعد ذلك بالخجل، أو عندما تشعر بالفرح قد تشعر بالراحة والفخر .

يمكن تقسيم المشاعر الثانوية إلى مشاعر أساسية

وهي ناتجة من اللاوعي والعادة ، تعلمنا هذا النوع من المشاعر منذ الصغر كشكل من أشكال التكيّف ، فعندما نبكي يأتي أحد الوالدين لتهدئتنا ، نتيجة لذلك نستخدم تعبيرات الوجه والاستجابة المرتبطة بتلك التعبيرات عندما نحتاج إلى الشعور بالحنان أو الأمان .

العديد من الأطفال الصغار بارعون جداً في استخدام هذا النوع من المشاعر ليحصلوا على ما يريدونه عن طريق الغضب، فالطفل يضع نفسه في نوبة غضب حتى يستسلم والديه لمطالبه، ومع الوقت نعلم أن ذلك الأسلوب غير مقبول إطلاقًا وإذا كبرنا ولم نعلم الإستجابة الصحيحة للمشاعر الثانوية فسنصبح مدللين ومتلاعبين وسيجعلنا ذلك أيضا منفصلون عاطفيًا ممن حولنا .

كيف نميَز بين المشاعر الأولية والثانوية :
يصعب تحديد بعض المشاعر الثانوية، هناك العديد من الطرق لتحديد ما إذا كانت مشاعرك أولية أو ثانوية، أولاً اسأل نفسك هل مشاعرك هي ردة فعل مباشرة أم لا؟ إذا كانت الإجابة نعم فمشاعرك أولية، وإذا نشأت المشاعر بشكل قوي ثم بدأت تتلاشى فمن المحتمل أنها مشاعر أولية، أما عكس ذلك فهي مشاعر ثانوية.
وإذا بقيت الاحاسيس لمدة طويلة بعد انتهاء الموقف أو الحدث أو تجددت بعد حدوث حدث مُشابه قد تعد المشاعر ثانوية، وغالباً ما تكون المشاعر الثانوية مُعقدة، وهُناك نوع من المشاعر يُسمى بالمشاعر ما بعد الثانوية ولكنه صعب التفسير وفهم ماهيَته مثل المشاعر الثانوية.
أحد أسهل الطُرق لمساعدة غير القادرين على التمييز بين مشاعرهم الأساسية أو الثانوية سواءً كانوا أطفالًأ أو بالغين، هي البطاقات التعليمية، يُكتب على أحد أوجه تلك البطاقات العديد من المشاعر مثل (الغيض، الحسد، الغضب) وعلى الوجه الآخر يُكتب ما إذا كانت المشاعر أولية او ثانوية وعلى الأشخاص التخمين أو اختيار نوع مشاعرهم سواء كانت أولية او ثانوية، وإذ كانت ثانوية إلى أي نوع أولي تنتمي.
ما هي فائدة تحديد نوع المشاعر؟
تخبر المشاعر الأولية والثانوية عن مدى ثبات وصدق مشاعر الشخص، وقد تساهم أيضاً بتسهيل التشخيص لأخصائي الرعاية الصحية، فبدلاً من تقبل ذلك الشعور دون تفكير، ستعرف نشأة تلك الأحاسيس وفهم الأحداث المسببة لها، من الممكن أن يكوّن ذلك مسارًا يكشف عن سوء معاملة أو أحداث صادمة سابقة أدت إلى ندوب عاطفية.
إيجاد السبب الحقيقي وراء ردة فعل شخصٍ ما يعني أن تحلل المشاعر الأولية، بينما المشاعر الثانوية قد تساعد بفهم كيف يتعامل الشخص أو المريض مع المعلومات، وأيضا إبطاء عملية التفكير والعمل بإدراك من خلال الأسباب الداخلية لـ (لماذا شخصٌ ما قد يشعر بتلك الطريقة؟)، وهم على الأرجح سيفهمون أنفسهم من خلال عملية كانت تحصل بلا وعي منهم حتى الآن.
وأيضاً إحدى أسباب أهمية تحديد نوع المشاعر ، هو أن تكون قادراً على الاستجابة لمشاعرك بشكل صحيح !
 وإذا كان الشخص يعاني في التعامل مع مشاعره بشكل مناسب فقد يصعب عليه التعبير عن نفسه مما يجعله مُحبطًا وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى الغضب أو حتى إلى الغيظ .
ولذلك علينا تحديد مشاعرنا جيدا …للتحكم في سلوكياتنا .

بي بيرفكت للطب النفسي 

أكاديمية كوريكتور

أخصائي نفسي الولاء مكي

 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟