التنويم الإيحائي من منظور علم النفس
فرويد والعقل الباطن
كان العلماء قبل أواخر القرن قبل الماضى يفسرون فقط الظواهر النفسية والاضطرابات العقلية بعوامل لا شعورية لا يعرف المريض عن وجودها داخل نفسه وهي المتسببة في حالته، ويتجلى دور فرويد مؤسس مدرسة التحليل النفسي في دراسته للاشعور بأن تأثير العقل الباطن ليس فقط في حالات الاضطرابات والسلوك الشاذ؛ ولكن هذه الدوافع اللاشعورية تتضح في سلوكنا العادي خلال حياتنا اليومية وتصرفاتنا وردود أفعالنا ومنها على سبيل المثال: فلتات اللسان وزلات القلم؛ أو نسيان موعد هام.
وبيَّن أن اللاشعور هو الجانب الأكبر من الحياة النفسية كالجزء المغور من جبل الجليد الطافي فوق سطح الماء، فهذه المواد اللاشعورية والمترسخة في العقل الباطن تؤثر في نمط تفكيرنا واتجاهاتنا الفكرية واعتقاداتنا والأفعال وردود الأفعال، وكما ينطبق هذا على السلوك الشاذ كذلك ينطبق على السلوك السوي.
تطوير التنويم الإيحائي
اتَّبع فرويد طريقة التداعي الحر وهي طريقة يكون دور المعالج فيها الاستماع إلى أفكار المريض وتحليلها واستنباط العوامل المؤثرة في الحالة النفسية له؛ غير أن تلك الطريقة قد تكلف الكثير من الوقت والجهد وبالرغم من قدمها وتطور أقسام علم النفس فإنها ما زالت مستخدمة لبعض الأنواع من الاضطرابات.
ومع تعدد المدارس فيما بعد وتطور البحث في التعامل مع العقل الباطن ومروراً بالدكتور جيمس برايد بدأ وضع الأسس لظهور التنويم الإيحائى كوسيلة دعم نفسي وعلاج؛ ومن بعده المعالج إيملى كووي الذى طوّر من التنويم ووضع الأسس للإيحاء الذاتي, والتصور لما قد يحدثه الإيحاء الذاتي بكلمات إيجابية وفي أوقات خمول وهدوء العقل (قبيل النوم مباشرة وعند الصحو مباشرة) من تسريع للشفاء من الأمراض حتى العضوي منها.
واعتمد في عيادته على المحافظة على جو هادئ يدخل مرضاه في حالة ذهنيه تتقبل اقتراحاته وإيحاءاته اللفظية لهم؛ بغية التواصل مع العقل الباطن واستغلال ما به من قوة محركة للسلوك فهو مخزن الذكريات الذى تخزن فيه بكل دقة كل التجارب التي مررنا بها وتأثيراتها، وهو أيضا مصدر المشاعر والأحاسيس والأفكار والاعتقادات المسبقة التى تدفع العقل الواعي إلى اتخاذ القرارات والتصرفات وردود الأفعال.
ومازالت طريقة الإيحاء الذاتي ينصح بها ليتمكن الناس من تعلمها ويتدربوا على كيفيه تطبيق التنويم على أنفسهم في المنزل بدون الحاجه إلى معالج، وذلك من أجل مساعدة أنفسهم على إدارة الضغوط اليومية و التخلص من الآلام الناتجة عن الإرهاق وتحسين عملية النوم و كذلك التخفيف من أعراض التوتر والاكتئاب .