الخيال الواسع في علم النفس .
الخيال تجربة مميزة وممتعة تمثّل طوراً مهماً من أطوار نمو الفرد وممارسة مستمرة على مدار حياته، ويمكن النظر إلى الخيال الواسع في علم النفس على اعتباره عالماً خاصاً يقوم الفرد ببنائه للتعبير عمّا يرغب به سواء كان ممكناً أو مستحيلاً ويكون خارجاً عن سيطرته في معظم الأحوال، كما ينظر على النفس للخيال الواسع على اعتباره ميزة لا يمتلكها الجميع بنفس القدر، وقد يكون أصحاب الخيال الواسع أكثر قدرة على ابتكار الحلول وتوليد الأفكار الإبداعية.
لكن في نفس الوقت قد يشكّل العيش في الخيال مشكلة كبيرة أمام البعض، ومشكلة مزعجة تجعلهم غير راضين عن هذه الممارسة وربما غير قادرين على إيقاف التخيل والشرود وأحلام اليقظة، حيث يقضي المصابون بالخيال الواسع بين 4 ساعات و5 ساعات يومياً منغمسين في أحلام اليقظة، وعادةً ما يذكرون تأثير ذلك على حياتهم وعلاقاتهم وعملهم.
وفقاً للدراسات قد تكون أحلام اليقظة مرتبطة بمجموعة من مناطق الدماغ المعروفة باسم شبكة الوضع الافتراضي، التي تقع في جزء من قشرة الدماغ وتعمل ضمن أنماط نشاط متسقة عندما يكون الدماغ في حالة الراحة، بعبارة أخرى، يكون نشاط الدماغ في هذه الشبكة في ذروته عندما لا ينشغل بالتفكير بشيء محدد، وتنخفض مستويات النشاط فيها إذا بدأ الدماغ بالانتباه إلى مهمة أو كائن خارجي أو انخرط في نشاط ما، وتعتبر هذه الشبكة الافتراضية ضرورية خلال التجارب الواعية، فهي تزداد نشاطاً عندما يكون شخص ما في حالة من الشرود والتخيل وأثناء أحلام اليقظة المفرطة.
أضرار الخيال الواسع ومتى يكون خطيراً .
يصبح التخيل غير صحي عندما يبدأ في التسبب بضائقة أو ضعف في الحياة الحقيقية للشخص، أو عندما يمنعه من القدرة على العمل بشكل طبيعي، فيما يلي بعض الأمثلة عن أضرار الخيال الواسع والحالات التي تصبح فيها أحلام اليقظة معيقة للأداء الوظيفي والاجتماعي:
الشعور بالانزعاج أو الإحباط عندما يشتت الآخرون انتباهه أو يقاطعونه عن التخيل، ما قد يسبب مشاكل في التواصل والعلاقات الاجتماعية مع الآخرين.
عدم القدرة على التركيز على المحادثات أو المهام والأنشطة بسبب الخيال وأحلام اليقظة.
قلة الإنتاجية في العمل أو المدرسة بسبب أحلام اليقظة وكثرة التخيل.
وقف الأنشطة الاجتماعية / الترفيهية الأخرى من أجل قضاء المزيد من الوقت في التخيل والاستغراق بأحلام اليقظة.
البدء في تفضيل الخيال وأحلام اليقظة على عيش الحياة الحقيقية، وتحوّل الخيال الواسع إلى طريقة للهروب.
عدم القدرة على التحكم في أحلام اليقظة والخيال الواسع من أجل التركيز على أشياء أخرى.
الحاجة إلى أحلام اليقظة والتحيل من أجل الشعور بالهدوء أو الاستقرار العاطفي.
الاستخدام المفرط للموسيقى أو الإنترنت أو الأفلام أو الألعاب أو الأفلام الإباحية لتعزيز الخيال وأحلام اليقظة.
علاج الخيال الواسع وأحلام اليقظة
هناك بعض التقنيات التي قد تساعد الشخص على إدارة أعراض الشرود وأحلام اليقظة المفرطة والخيال الواسع، وتشمل ما يلي:
تقليل التعب: يمكن لأي شخص القيام بذلك عن طريق زيادة عدد ساعات أو جودة النوم الذي يحصل عليه، قد يكون من المفيد أيضاً استخدام المنشطات مثل الكافيين لمكافحة التعب خلال النهار.
الانخراط في مهام جسدية: كالكتابة، أو اللعب، وتعد طرقاً مهمة لكسر فرط أحلام اليقظة، لأنها تجبر المرء على التركيز على مهمة في متناول اليد.
تخصيص وقت محدد من اليوم للسماح لنفسك بأحلام اليقظة: مثلاً 15 دقيقة لمرة واحدة، وعندها فإنك تلغي بذلك جميع الأوقات العشوائية الأخرى التي ترغب في أن تأخذك فيها أحلام اليقظة طوال اليوم.
إدراك الأعراض: إن إبقاء الآخرين على اطلاع بأعراضك قد يمنحك فرصة أن يقوموا بملاحظة ومقاطعة أحلام اليقظة المفرطة لديك.
تحديد المحفزات وتجنبها: الاحتفاظ بمذكرات عن وقت أحلام اليقظة المفرطة التي يمكن أن تساعدك على تحديد الأنشطة أو المحفزات التي تتسبب حدوثها.
تجربة العلاج السلوكي المعرفي: وذلك لتحديد المحفزات والأسباب الكامنة وراء أحلام اليقظة المفرطة، حيث تساعد التقنيات العلاجية كالعلاج السلوكي المعرفي في الكشف عن أي مشكلات أساسية، وقد يقترح المعالج أيضاً بعض استراتيجيات التأقلم المفيدة.
تناول الأدوية المناسبة: من غير المحتمل أن تكون أحلام اليقظة المفرطة شديدة بما يكفي لطلب العلاج. مع ذلك، يمكن أن يساعد عقار يسمى “فلوفوكسامين” في تخفيف الأعراض، وذلك حسب التجارب على المصابين فإن استخدامه كان مفيداً في السيطرة على الأعراض، ولكن لا يوجد سوى القليل من الأبحاث لدعم استخدام العلاجات الدوائية لأحلام اليقظة.
أخصائي نفسي
الولاء مكي