الفرق بين الاكتئاب والحزن

الحزن والاكتئاب شعوران يتعرّض لهما الجميع في مرحلةٍ ما من الحياة، وهما شعوران يجعلان النفس تضيق والقلب ينقبض، خاصة إذا كان الشعور بهما يمرّ بفتراتٍ طويلة. لكن يخلط الناس عادةً بين الحزن والاكتئاب، حتى أنّ الكثير منهم يعتقد أنّ الحزن الذي يمرّ به هو اكتئاب والعكس أيضًا. في الحقيقة يوجد فرق بين كلٍ منهما، وهو فرقٌ ربما لا يكون واضحًا في معظم الأحيان، خاصة أنّ الحزن قد يتطوّر إلى اكتئاب، وقد يكون سببًا في حدوثه، كما أنّ الاعراض الظاهرية للحزن والاكتئاب تتشابه كثيرًا. لكن ما الفرق بين الحزن والاكتئاب؟ وكيف يُمكن لنا أن نُميّز بينهما؟ وكيف نتخلّص من الحزن أو الاكتئاب؟

الفرق بين الحزن والاكتئاب

الحزن شعورٌ طبيعي يتولّد نتيجة خيبات الأمل أو الخسارات أو المواقف المؤلمة التي نمرّ بها، وهو شعورٌ يأتي من وقتٍ لآخر، وعادةً يذهب سريعًا، ولا يمنعنا من ممارسة حياتنا اليومية. وقد نٌعبر عنه بأساليب كثيرة كالشعور بالضعف أو الإحباط. قد نصف الحزن بأنه اكتئابـ لكن إن اختفى من تلقاء نفسه ولم يترك أثرًا كبيرًا فينا، فهو ليس اكتئابا. الاكتئاب مصنفٌ من الحالات النفسية التي تستمر لفترة طويلة في اغلب الأحيان، ويُؤثر على مزاج الشخص وطريقة تفكيره وفهمه لنفسه، كما يؤثر على طريقة ربط الشخص للأحداث.

الاكتئاب أكثر تعقيدًا من الحزن، وهو شعور غير طبيعي، دخيل على النفس الإنسانية، ويُشير إلى اضطراب نفسي. يشعر المصابون به بأنّهم بلا قيمة، وأنّ الحياة ميؤوس منها، مع الشعور بالذنب غير المبرر، كما قد يُعاني المصابون بالاكتئاب من نوبات من التهيج والغضب، وصعوبة التركيز وعدم القدرة على اتخاذ القرارات المنطقية، كما قد يكون لديهم ميول انتحارية إذا كان الاكتئاب شديدًا. ولا ينتهي الاكتئاب من تلقاء نفسه في معظم الأحيان، ويحتاج إلى علاج سلوكي أو حتى الدوائي .

معايير التشخيص  للتمييز بين الحزن والاكتئاب

قبل تشخيص الحزن أو الاكتئاب يعتمد أخصائيو الصحة العقلية على دليل تشخيصي محدد، يتم فيه وضع النقاط المرجعية للتفريق بين الحزن والاكتئاب. ومن أشهر الأدلة التشخصية الدليل التشخيصي والإحصائي للرابطة الأمريكية للطب النفسي (معايير DSM-5)، والذي يُعدّ مرجعًا لتحديد ما إن كان الشخص مكتئبًا أم حزينًا. ويكون الشخص مكتئبًا إن استوفى عددًا من المعايير الموجودة في هذا التشخيص، والذي يتضمن معايير ” DSM-5″وعددها تسعة أعراض، وهي كما يأتي:

  • اضطرابات في النوم، أي النوم لساعات طويلة أو عدم القدرة على النوم والإصابة بالأرق.

  • الشعور الدائم بتعكّر المزاج.

  • فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانت تُشكل متعة في السابق.

  • اضطرابات الطعام.

  • الشعور بالإعياء الشديد دون سبب مبرر.

  • الإحساس بمشاعر غير مبررة، ومبالغ فيها، مثل الشعور بانعدام القيمة، والشعور بالذنب.

  • الإصابة بالقلق والتهيج والانفعالات السريعة.

  • فقدان القدرة على التركيز أو أخذ القرارات الصحيحة.

  • كثرة التفكير بالموت والميول الانتحارية .

متى تظهر مرحلة الخطر :

يظهر  الخطر الحقيقي في تحوّل الحزن إلى حالة من الاكتئاب المزمن، وهو أمرٌ وارد في كلّ مرة نُصاب فيها بالحزن، ويمكن أن يحدث هذا في أيّ عمر. كما يمكن أن يُصيب الرجال والنساء باختلاف العرق أو الخلفية الاقتصادية أو الاجتماعية. فلا يُمكن التنبؤ بالاكتئاب مهما اختلفت الظروف. أما عوامل الخطر التي تُنذر بتحوّل الحزن إلى اكتئاب فهي كما يأتي:

    • عدم القدرة على التأقلم مع الأحزان سريعًا منذ الطفولة المبكرة، والإحساس بمستويات شديدة من الألم عند أقل حدث مُحزن.

    • الشعور الدائم باحترام متدن للذات.

    • وجود تاريخ جيني وراثي في العائلة للإصابة بالاكتئاب.

    • تعاطي الكحول والمواد المخدرة.

    • عدم القدرة على التكيّف مع الأمراض أو الإصابات المسببة للإعاقات.

    • إن لم نجد دعما من الأصدقاء أو العائلة أو الزملاء في العمل.

  • تناول الأدوية التي تزيد من خطر الاكتئاب مثل: الأدوية الهرمونية وحاصرات بيات والستيرويدات القشرية، وبعض أدوية علاج الكوليسترول مثل الستاتينات.

التعامل مع الحزن والاكتئاب

المعاناة من الحزن أو الاكتئاب تحتاج إلى بعض التغييرات في أسلوب الحياة للتخفيف منها قدر الإمكان، وعدم السماح لحالات الحزن بالتحوّل إليها. وللتعامل مع الاكتئاب بعض الإجراءات هي كما يأتي:

  • التواصل مع الأشخاص المقربين، وقضاء وقتا ممتعا معهم.

  • ممارسة النشاط البدني، أو الانضمام إلى نادٍ رياضي.

  • ممارسة رياضة اليوجا “التأمل” لقدرتها الكبيرة في التخفيف من الحزن.

  • تخصيص وقتا لعمل نشاط ممتع كلّ يوم.

  • مشاهدة أفلام ومسلسلات مضحكة، أو قراءة كتبا ممتعة.

  • تناول الطعام الصحي، وأخذ قسطا كافيا من النوم والمرح.

يبقى أيضا من الضروري التوجّه إلى معالج نفسي، واتباع العلاج السلوكي أو الدوائي، بحسب تفاقم الحالة. لكن كلما كان الشخص قادرًا على مواجهة موقفه، كلما كان التعافي أسرع. تذكر دائمًا أن مزاجك هو مرآة أفكارك، فإذا كنت تفكر بطريقة إيجابية ستكون قادرًا على تخطي جميع العقبات النفسية، وسيكون الحزن طارئًا، ولن تقع في فخ الاكتئاب. أما التفكير السلبي فهو قيدٌ بمنعك من التحليق، فحاول دائمًا أن تبقى إيجابيًا ومتفهمًا لكلّ شؤون حياتك، واجعل السعادة حقا قرارك الدائم مهما كانت الظروف.

 

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟