فوبيا الطلاق

أسباب الخوف من الطلاق
ولا أتحدث فقط عن الخوف من الزواج قبل الإقبال على هذه الخطوة في الحياة، أو على اعتبار خوف أي شخص من الزواج يقوم أساساً على خوف من طلاق وانفصال في المستقبل، لكن الحديث عن الخوف من الطلاق وما يعنيه ذلك باختفاء الثقة الأساسية بالزواج كمصدر للأمان العاطفي، خاصة إذا كان أحد الطرفين هو من يفكر بالطلاق والآخر لم تردْ الفكرة على باله أصلاً؛ فبينما يتأمل الزوج بإصلاح العلاقة الزوجية، تتحضر الزوجة لمعركة الطلاق والحصول على حقوق حضانة الأطفال، أو بينما تتعامل الزوجة مع كل مشاكل العلاقة الزوجية بروية في محاولة لتجاوز المرحلة الصعبة، يقوم الزوج بالتخطيط لربح معركة الطلاق وتخليص الزوجة من حقوقها لا سيما حضانة الأطفال!

تخاف المرأة الطلاق
عندما يقع الطلاق يبحث الجميع في الأسباب التي أوصلت أي ثنائي إلى هذا الانفصال، لكن لا أحد يبحث في أسباب الخوف من الطلاق قبل وقوعه أو مجرد الخوف من الطلاق دون أن يحدث، لأن الخوف من الطلاق يبقى في أكثر الأحيان وسيلة لترهيب الزوجة وتعبيراً عن تسلط الزوج، بالتالي اعتبار الرجل المسبب الأساسي بالطلاق، حيث غالباً ما تقنعنا الصور النمطية أن الرجال هم من يقومون بالخيانة الزوجية، فلا يمكن أن ترتكبها النساء وأن الرجال أقل عاطفية من النساء، والأهم من كل ذلك أن الرجال أقل اهتماماً بأطفالهم، فغالباً ما يُنظر إلى الأمهات في ثقافتنا؛ كضحايا للطلاق أو كضحية لرجل ارتكب خطأ الإهمال أو الخيانة.

هناك تفاوت في الآراء حول مؤسسة الزواج بكل تأكيد، وهذا لا يعني أن الخوف من الطلاق هو السبب الأساسي في ارتفاع سن الزواج أو تأجيل هذه الخطوة لدى الكثير من الشبان والشابات في المجتمعات العربية المعاصرة، لكن الخوف من الطلاق يبقى مساوياً للخوف من دخول قفص الزوجية، من حيث المبدأ الذي تحدثنا على أساسه، أي فقدان الثقة بالحياة المشتركة التي يمكن أن يهددها الانفصال في أي لحظة.

أسباب تمنع الخوف من الطلاق
إذا أجريت مقارنة ما بين ألم البقاء في علاقة زوجية يهددها الطلاق وبين ألم الانفصال؛ ستجد أن قرار الطلاق هو الصحيح رغم أنه أبغض الحلال، وعلى الرغم مما سيعنيه تغير حياتك بفعل الطلاق، بعد عيش الاستقرار وتأسيس عائلة، فهناك أسباب تجعل من الطلاق قراراً سليماً، كما أنها بمثابة حلول منطقية لمنع خوفك من فكرة الطلاق :

– الطلاق أفضل للأطفال: عندما تكون في علاقة زوجية سيئة ومتعبة لكلا الطرفين، سيكون الطفل شريكاً في هذه التعاسة، كما سيتأثر بكل المشاعر السلبية الناتجة عن الانفصال العاطفي للوالدين، وبالطبع من المهم أخذ مشاعر الأطفال بسب الطلاق على محمل الجد والتعاطف معهم ومساعدتهم على تجاوز المحنة، لكن فكرة أن البقاء في زواج سيء ستكون أكثر ضرراً للأطفال بقضاء وقتهم في منزل مليء بالتوتر والصراع المزمن، حيث يميل الأطفال إلى الاعتقاد أنهم مسؤولين عن المشكلة بطريقة أو بأخرى.

– المشاكل الزوجية المزمنة تسيئ للصحة النفسية والجسدية: وذلك ينطبق على كلا الطرفين مع الأطفال بالطبع، فتخيلي أنك على كل مشكلة تافهة تتعرضين لتهديد بالطلاق، وتعيشين في رعب دائم من فكرة الطلاق، ما الذي تتخيلين أنه سينتج على صحتك وصحة أطفالك وحتى على صحة زوجك العصبي؟ فالانفصال قد يكون هو الحل، ولا ينبغي التقليل من دور العلاقات السلبية في إلحاق الأذى بالصحة البدنية، حتى أن هناك بعض الأبحاث تشير إلى أن العلاقات السلبية أو المسيئة، يمكن أن تقصر من عمر الفرد، ثم أن النمو الشخصي والتغيير في الحياة أمر مهم وضروري، وهذا لن يحدث في ظل حياة قائمة على التوتر والقلق والخوف من الطلاق.

– الخوف يسمح لمزيد من نمو الخوف: سواء الخوف من مواجهة الحياة بمفردك، أو الخوف من قضاء حياتك مع شخص لا تشعرين بالسعادة معه، والخوف من أن تكون وحيدا/وحيدة، كل ذلك ليس سبباً كافياً للبقاء في زواج يزيد البؤس في حياتك بسبب رعبك من فكرة الطلاق، ستظلين متزوجة لكنك عاجزة ومحاصرة بخوفك طوال الوقت.

– الخوف من ألم الطلاق: لا يعني الحزن والألم الذي قد تعانيه من فكرة رعب الطلاق في حال وقع؛ أنه سيستمر طويلاً، لكنه مرحلة طبيعية وضرورية في معالجة تأثيرات الطلاق، فلا بد أن تأخذ/تأخذين وقتاً للحزن والتعامل مع مشاعر الوحدة بعد الطلاق، ولا يمكنك ربط نفسك بعلاقة زوجية قائمة على الخوف من الطلاق، بسبب خوفك من الحزن والوحدة والألم بعد الطلاق! فهذه هي الحياة في حلقة مفرغة لا تنتهي، ولا بد من إعطاء نفسك مساحة لتجربة الخسارة والتعامل مع مشاعرك الناتجة عن إنهاء هذه العلاقة الهامة في حياتك.

– على أمل أن تتحسن الأمور: قد يكون الأمل مضللاً، في حال العيش تحت ظل الخوف من الطلاق، فهناك فرصة لخيبة أمل كبيرة عندما لا تتحسن الأمور بينكما، إذا لم تتخذا خطوات فعالة لتحسين الزواج، مع عدم ملاحظة التحسينات الصغيرة، والتزام الطرفين بنفس القدر لتحسين العلاقة الزوجية، فإن الأمل أن تتحسن الأمور، يمكن أن يجعلك عالقة/ عالقاً في موقف لا تُحسد عليه.
هذا لا يعني أننا نؤيد الطلاق، ومن الأفضل أن يحصل الزوجان على استشارة احترافية؛ قبل اتخاذ هذه الخطوة، كما أنه من المهم حساب التأثيرات والاحتمالات، التي يعنيها قرار الطلاق على المدى الطويل.

أخصائي نفسي

الولاء مكي

 

 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟