التخريب عند الأطفال (1)

سلوك تقطيع وتمزيق الأوراق عند الأطفال أو تكسير وتخريب الألعاب وسلوك رمي الأغراض وغيرها من سلوكيات التخريب التي يقوم بها الطفل؛ جميعها من المتصرفات التي تضع الأهل في حالة مزاجية عجيبة!، من جهة هم منزعجون لأن الطفل يقوم بالتخريب والتمزيق والرمي، ومن جهة أخرى هم قلقون أن يكون سلوك التخريب عند الأطفال مشكلة سلوكية يجب علاجها وخائفون أن يؤذي نفسه، ذلك كله بالتزامن مع سعادة بعض الأهل لقدرة أطفالهم على التعامل مع الأشياء وتفكيكها أو تخريبها، خاصة في المرات الأولى التي يظهر بها سلوك التخريب عند الأطفال.

متى يكون سلوك التخريب عند الطفل مشكلة حقيقية؟
جميع الأطفال دون استثناء يختبرون تخريب الأشياء وتكسيرها، ويختبرون الصراخ والغضب ورمي الأشياء أو سكب السوائل كردة فعل، لكن متى يكون سلوك التخريب عند الطفل مشكلة حقيقة تحتاج إلى حل:
– استخدام الطفل لسلوك التخريب كوسيلة للضغط على الأهل لتلبية طلباته، أو كوسيلة للفت الانتباه، أو كوسيلة انتقامية، وبشكل مستمر ومستقر.
– وجود اضطرابات سلوكية أخرى مثل اضطراب التحدي والشخصية العدائية، أو اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة.
– عندما يكون سلوك التخريب عند الأطفال غير متناسب مع عمرهم، فإذا كان طفل بعمر السنة والنصف يقوم برمي الأشياء بعيداً هذا يعتبر جزءاً من نموه المعرفي والسلوكي، لكن الطفل في الثامنة عندما يقوم بتخريب أدوات أخيه الأصغر أو تكسير أقلامه فهذا السلوك يعتبر عدوانياً ويحتاج لحل.
– عندما يعبِّر سلوك التخريب عند الطفل عن مشكلة في إدارة العواطف والتعبير عنها.
– عندما يترافق سلوك التخريب عند الطفل مع كسر القواعد المنزلية والاستخفاف بها والاستخفاف بمنظومة الثواب والعقاب الأبوية.
– عندما يكون سلوك التخريب طارئاً في عمر كبير ويرتبط بضغوطات أسرية أو أزمات نفسية معينة، فقد يلجأ الطفل لهذا السلوك عند إدراكه لشجار والديه أو عند انفصالهما أو تحت وطأة  الصدمة

أسباب السلوك التخريبي عند الأطفال

1- اللعب واللهو بتمزيق الأوراق ورمي الأشياء: جميع الآباء والأمهات يعلمون المتعة التي يشعر بها الرضيع عند تمزيق الأوراق أمامه، وعند سماعه صوت تمزيق الورق، كذلك يلاحظ جميع الآباء والأمهات سعادة الرضيع بالإمساك بالأشياء ورميها ثانية، هذا التطور يعتبر من أهم التطورات المعرفية والسلوكية لدى الأطفال والذي يبدأ في الشهر الثامن تقريباً ويستمر لفترة ليست قصيرة من الطفولة المبكرة، وما دام التخريب عند الطفل الصغير متناسباً مع عمره، كل ما علينا فعله هو حماية الطفل من خلال إبعاد الأشياء المؤذية عنه، وتقديم أشياء معدة سلفاً للتفكيك إلى قطع كبيرة وغير مؤذية.

2- الفضول والاكتشاف من خلال التكسير والتخريب: في المرحلة العمرية التالية -أي بين سنة ونصف وحتى ست سنوات تقريباً- تكون الملامح الأساسية لسلوك التخريب عند الطفل هي الاكتشاف، الأطفال هم الأشد فضولاً على الإطلاق، بل أن الطفولة هي الفضول والبراءة معاً، لذلك فالطفل في هذا السن يقوم بتفكيك كل ما يمكن تفكيكه، ويقوم برمي كوب على الأرض ليسمع صوته، ويقوم بفتح الخزائن لاكتشاف ما تخفيه، وتمزيق الورق لمراقبة العملية نفسها (التمزيق).

3- لفت الانتباه والتذكير: عندما يشعر الأطفال بالإهمال العاطفي وأنهم ليسوا موضوع اهتمام الأهل يلجؤون لأنواع مختلفة من السلوك بهدف لفت الانتباه والتعبير عن أنفسهم، معظم هذه السلوكيات تكون مزعجة مثل البكاء والصراخ والتخريب والتكسير ورمي الأكل وسكب الماء وتوسيخ الأرضيات عمداً…إلخ، وفي حالات أخرى قد تكون أساليب الطفل بلفت الانتباه صامتة، حيث يدخل بحالة من الكآبة المبكرة وعدم الاكتراث.

4- التعبير عن الغضب أو الحزن: يعتبر سلوك التخريب عند الأطفال من السلوكيات الشائعة بالتعبير عن الغضب والحزن وبالتعبير عن التوتر والخوف أحياناً، وفي حال كان الطفل يقوم برمي الأشياء عندما يغضب -كما يفعل الكبار بطبيعة الحال- فلا بد من مساعدته على التعبير عن مشاعره بشكل أفضل، اقرأ مقالنا حول تعليم الطفل التعبير عن عواطفه.

5- الانتقام عند الأطفال: الانتقام من الدوافع القوية جداً عند الأطفال والتي تظهر في سن مبكرة، ويعتبر سلوك التخريب بدافع الانتقام من أخطر مظاهر التخريب عند الأطفال، فقد يلجأ الطفل لكسر الكوب المفضل لوالده انتقاماً منه على ضربه أو الصراخ عليه، ومع تقدم الطفل بالسن واكتساب المزيد من المهارات سيصبح قادراً على القيام بأعمال تخريبية كبيرة في المنزل بدهاء شديد ودون إدانته حتى!.

6- السياق التربوي للطفل: من الأسباب المهمة التي تجعل الأطفال يلجؤون لسلوك التخريب هو السياق التربوي غير المناسب ، فالأنماط التربوية المتساهلة بشدة أو المهملة أو حتى شديدة القسوة قد تعبر عن نفسها في سلوك الطفل من خلال التكسير والتدمير.

7- السلوك التخريبي القهري عند الأطفال: عادة ما يكون السلوك التخريبي القهري عند الطفل جزءاً من اضطراب سلوكي أو نفسي معين، وغالباً ما يظهر بعد السنة السابعة أو حولها، حيث يقوم الطفل بالتخريب دون وجود أسباب أو دوافع واضحة، وتكون جميع العقوبات التقليدية غير فعالة في هذه الحالة، ويعتبر اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع عند الطفل والمراهق واضطراب التحدي المعارض من أهم الاضطرابات التي تقود لسلوك التخريب القهري.

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟