من الضروري تحديد قواعد تربوية ثابتة لتعريف الطفل على الخطأ والصواب.
ففي حال قيامة بسلوك نافر، لا يدع العقاب لمزاجهما وحالتهما النفسية أو لطباعهما الشخصية، لأن غياب هذه الثوابت في التعامل معه تشكّل أسوأ طريقة لتربيته .
من الضروري توحيد معايير التربية من قبل الأهل، تلافياً لئلا تضيع ويتلاشى أثرها، إن قام أحدهما بإصدار توجيه مغاير للآخر، أو إذا كانت سياسة أحدهما الحزم الشديد في حين يتبع الآخر اللين المفرط…لذا، تستوجب هذه الرسالة اتفاق الأبوين على الطريقة والأسلوب والتوجيهات التي ستحكم السيطرة على الأبناء، من خلال احترام كل منهما لرأي الآخر ووصولهما إلى حلول وسطى في حال الاختلاف في وجهات النظر تخدم الأهداف المشتركة التي يطمحان إليها.
وينصح الخبراء
أن يتم الاتفاق بين الوالدين في مرحلة مبكرة من سنّ الطفل، وذلك لتفادي حدوث خلافات في المستقبل على أسس تربيته، كما ينصح أن تكون هذه الحوارات الخاصّة بتحديد سياسة موحّدة تجاه الطفل بمعزل عن هذا الأخير.
أن الاختلاف في السياسات التربوية التي يتبنّاها الأبوان أمر بالغ الخطورة على مستقبل الأبناء، حيث يتسبّب التناقض في أسلوبهما في حدوث حالة من الاعتلال والاضطراب في شخصية الطفل، مع عيشه حالة من الصراع الداخلي في نفسه، الأمر الذي يلقي بآثاره السلبية على شخصيته. وتشمل أبرز هذه الآثار :
• عدم ثقة الصغير في نفسه، وافتقاده القدرة على اتّخاذ القرار.
• ظهور حالة من التذبذب والقلق والتوتر المرضي بسبب عدم قدرته على توقّع ردود أفعال أحد والديه أو كلاهما.
• لدى قناعته بأنّ أي قرار يتخذه أبوه يمكن أن يتم الرجوع عنه عبر اللجوء إلى أمّه أو العكس، تتمهّد الطريق لاتجاهه نحو الانحرافات السلوكية، خصوصاً أنّ التناقض في سياسات التربية بين الأم والأب غالباً ما يرتبط بضعف الرقابة الأسرية.
• لدى مواجهته مشكلة، يلقي كلّ من الأبوين اللوم على الطرف الآخر، فيصبح التنصّل والهروب من الأخطاء هو الشغل الشاغل لهما، في حين يتجاهلان حلّها ما يجعلها تتفاقم.
• عندما يفقد الأبوان مصداقيتهما أمام الطفل، تصبح عملية التوجيه والتربية صعبة أو ربما غير ممكنة إلى حدّ ما، ليختار الابن التوجيهات التي تتماشى مع أهوائه وميوله ورغباته، بعيداً عن منفعته.
غياب القدوة
ولعل أكثر العواقب سوءاً لفشل الوالدين في توحيد سياستهما تجاه تصرّفات الابن، ميل هذا الأخير للطرف الذي يدلّله ويحقّق له رغباته ولا يكترث لمعاقبته إن أخطأ، خصوصاً إذا كان الطرف الثاني يتبع أسلوب الحرمان والصرامة في العقاب، ما يزيد من ابتعاد الطفل عنه أو تجنّبه خشية بطشه…وقد يصل الأمر إلى حد الكراهية! وتبلغ الأمور خطورةً عندما يعتبر الطفل ومع التقدّم في العمر، أن الطرف الذي كان يدلّله ضعيف ويمكن تجاوزه بسهولة، وبالتالي ينفرط عقد التربية على أساس سليم، في ظلّ غياب قدوة يحتذي بها الطفل ويتبع أوامرها.
لا للابتزاز العاطفي!
ويشكّل تماسك الرأي بين الزوج والزوجة تجاه الابن أحد أعمدة تكوين شخصية هذا الأخير، وذلك منذ الأشهر الأولى التالية لولادته وحتى الوصول به إلى برّ الأمان الذي يتشكّل في فترة ما بعد المراهقة.
وتفيد دراسة علمية، في هذا الإطار، أنّ الحنان العائلي يشكّل 70 من مكوّنات البناء النفسي للطفل. وعند اقترافه لبعض الأخطاء التي تستوجب العقاب، يجدر بالأبوين أن يتماسكا في أخذ القرار اللازم لتهذيب سلوكه.
نصائح سريعة وأساسية فى تربية الأبناء :
يعتقد بعض الآباء أن الدخول في تفاصيل حياة أطفالهم كافة يندرج تحت بند التربية السليمة، إلا أن ذلك ربما يكون سبب إصابة الصغار لاحقا بالأزمات النفسية وفقدان الثقة في النفس، نظرا لأن تلك الطرق التربوية لا تسمح للطفل بأن يكون مستعدا لاختبارات الحياة المفاجئة، لذا نوضح الآن فوائد نفسية وراء عدم تضييق الخناق على الابن والابنة، في ظل اعتماد الطفل على نفسه.
كونى قدوة:
احرصى على اتساق أفعالك مع أقوالك، فالطفل يتعلم من الأفعال أكثر مما يتعلم من الكلام المجرد. ل
ا تشكى منه ولا تتحدثى عن مساوئه أمام الآخرين
وخاصة فى حضوره طبعاً هناك فرق بين الشكوى وطلب النصيحة. فالنصيحة تُطلَب من أهلها وفى الوقت والمكان المناسبين، أما الشكوى فلا تراعى مثل هذه الأمور.
اجعلى ثناءك محدداً : أى أثنى على اعتنائه بأخته، أو مساعدته لكِ فى المنزل.. ولكن لا تقولى: أنت رائع، أنت شاطر.. يجب أن يفهم سبب الثناء عليه حتى يصدق أن كلامك حقيقى ويكرر تلك الأفعال التى تلقى بسببها الثناء. لا تعاقبى قبل أن تضعى القواعد، ولا تلوميه على شئ سمحتِ له بفعله.
احرصى على وجود روتين يومى من حيث مواعيد الاستيقاظ، والنوم، وتناول الطعام، وأداء الواجبات واللعب، وذلك حتى يعتاد الطفل على النظام ويكون أسهل عليه الالتزام بهذه الأشياء.
تكلمى عن والده بشكل جيد أمامه مهما كان شعورك نحو زوجك ومهما كانت المشاكل بينك وبينه، فنفسية الطفل لا تتحمل أن يرى أحد والديه فى صورة سيئة فهما القدوة ومصدر الأمان بالنسبة له، وصدمته فيهما تفقده الإحساس بالأمان.
يجب أن يعلم حدود ما يمكن أن يتحدث فيه أو يفعله، وأن هناك موضوعات وأفعال تخص الكبار، ولكن عرفيه ذلك بأسلوب هادئ وغير جارح أعطى ابنك الحرية ليكون مختلفاً ولا تفترضى أن يكون ابنك نسخة منك فيحب ما تحبين ويكره ما تكرهين ..الخ. احرصى على النقاش والإقناع وقللى من توجيه الأوامر.
القدرة على التطور
تعتبر مرحلة الحبو هي الدليل الأبرز على أهمية اعتماد الطفل على نفسه منذ البداية، حيث يساعده ذلك على التطور عبر إدراك كيفية تنظيم عمل أطراف الجسم مع المخ، بل ويحسن من مهاراته الذهنية، الأمر الذي يتطلب عدم الحد من حركة الأطفال الصغار، في ظل توفير عناصر الأمان لهم، والتأكد من أن تطبيق الأمر نفسه في أغلب مهام الحياة فيما بعد هو الطريق الأمثل للتربية السليمة.
اكتساب مهارة حل المشكلات
اعتماد الطفل على نفسه في مواجهة المشكلات المختلفة، قد يبدو مأساويا في نظر بعض الآباء الذين يرغبون في مساعدة أطفالهم فورا، إلا أن مواجهة تلك العقبات تساعدهم في الواقع على اتخاذ القرارات والتطوير من طرق التفكير في وقت مبكر، ما قد يؤدي لوقوع الطفل في الأخطاء أحيانا، وهو أمر طبيعي في ظل تعلم الأطفال الصغار من التجارب الناجحة والفاشلة على حد سواء.
تعلم السيطرة على المشاعر
يحتاج الطفل إلى تعلم إظهار السلوك المناسب لسنه وللموقف الذي يمر به، فبينما يعد البكاء من ردود الفعل الطبيعية بالنسبة للأطفال في عامهم الأول، فإن الأطفال الأكبر سنا يجب أن يظهروا ردود فعل مختلفة، ما يمكن تعلمه في ظل اعتماد الطفل على نفسه، مع الحصول على تحفيز الآباء بشأن اختيار رد الفعل المناسب وعدم حثه على عدم البكاء بصورة انفعالية.
التمتع بمستويات ذكاء أعلى
تعتبر مساعدة الأطفال في حل الواجبات الدراسية الصعبة من السلوكيات التي قد تضر أكثر مما تفيد، فالواجب المدرسي الذي يحتوي على توجيهات الآباء لن يجعل الأطفال أكثر ذكاء، بل يمكن للدرجات المحبطة في الاختبارات الدراسية أن تكون وسيلة اكتشاف أزمة ما لدى الطفل لتصبح السبب وراء تحسين مستواه فيما بعد، علما بأن سوء درجات الطفل تعطيه نظرة مختلفة للأمور، عندما يدرك أن الحياة لا تتوقف عند حدوث الأزمات.
التحلي بالتنظيم العاطفي
ربما يبدو إبداء تعاطف زائد من قبل الأب أو الأم مع الطفل الصغير، سواء عند خسارته في رياضة ما أو عند حصوله على درجات سيئة في الاختبارات المدرسية، من الخيارات الصائبة في نظر الكثيرين، إلا أن الأهم من ذلك هو أن يقنع الآباء صغارهم بأن المشكلات تحدث باستمرار، وأن الحل يبقى دائما في كيفية التأقلم معها بهدوء ودون انفعال، لذا يصبح عدم البكاء بصحبة الطفل على ما حدث، وترك الفرصة له من أجل الاعتماد على نفسه لتعويض الخسارة، هو العلاج الأمثل للأزمات التي تواجهه.
إدراك كيفية وتوقيت طلب المساعدة
القيام بكل مهام الأطفال والإشراف على تحركاتهم كافة في كل لحظة، لن يترك لهم الفرصة من أجل طلب المساعدة لأنها تأتي على الأغلب بصورة تلقائية، ما يتطلب اعتماد الطفل على نفسه في أغلب مهامه الحياتية، حتى يدرك التوقيت والكيفية التي تمكنه من طلب المساعدة، التي يجب أن تأتيه في تلك الحالة، ليشعر حينها بالأمان المطلوب.
في الختام، يحتاج الأطفال الصغار إلى تعلم الاعتماد على النفس في وقت مبكر على عكس اعتقاد الكثيرين، ما لا يعني ضرورة ترك الأمور كافة في أيديهم، بل ينصح فقط بإشراف الآباء على ما يقومون به من حين لآخر مع التأكد من سير أمورهم في أمان.
بي بيرفكت للطب النفسي
أكاديمية كوريكتور
أخصائي نفسي الولاء مكي