“تربية البنات تحتاج إلى الكثير من الفكاهة وقدرًا هائلًا من الحب والعاطفة والوقت، والتمسّك بالأمل حتى لو كان الطريق مليئًا بالمطبات”.
الأبناء نعمة عظيمة، وتربيتهم تحتاج إلى قدرٍ كبير من المسؤولية سواء للبنات أو الأولاد، إلا أنه يوجد فروقات في بعض الأسس التربوية التي يتبعها الأهل في طريقة تربيتهم وتعاملهم مع البنات، نظرًا لوجود اختلافات في طبيعة الشخصية بين الولد والبنت، ذلك بالإضافة إلى اختلاف التركيب الفسيولوجي لكلٍ منهما. تربية البنات تحتاج إلى اللّين الذي يُناسب طبيعة الأنثى، ونظرًا لقلة وعي الأهل أحيانًا أو تأثرهم بآراء بعض المحيطين، يقعوا في أخطاء تربية البنات،
خاصة أنّ العديد من المجتمعات ومنها العربية تنظر إلى البنات بصفتهنّ ضلعًا قاصرًا، وأقل قدرة من الذكور. ذلك يدفع الوالدين لارتكاب أخطاء عديدة في تربية البنات.
سبعة أخطاء شائعة في تربية البنات
وجود البنات في الأسرة يُعطي جوًا من البهجة، لكن في بعض الأحيان يُبالغ الآباء والأمهات في اتباع أساليب مختلفة من التربية، خاصة في حال تبادلهم خبرات التربية مع غيرهم، وتعاملهم بنفس الطريقة الخاطئة. هذا يُعرضهم للوقوع في أخطاء كثيرة يجب تجنبها كي تُنتج التربية بنات يتمتعن بالثقة والقوّة والقدرة على مواجهة الحياة بعزم ونجاح. من أبرز الأخطاء في تربية البنات شيوعا ما يأتي:
التركيز على مظهر البنت بشكلٍ أساسي، بحيث يتم تحويل تفكيرها وتركيزها طوال الوقت على شكل جسمها ووزنها وطريقة لباسها كي تكون جذابة، مما يخلق لدى البنت حالة من القلق الدائم تجاه شكلها. وهذا يُؤثر على احترام البنت لنفسها، ويجعل تركيزها الأكبر على جسدها وملابسها، ويُسبب ضررًا نفسيًا وجسديًا للبنت، ويجعلها تظن أنّ قيمتها في مظهرها فقط.
حمايتها بطريقة مبالغة، وخلق جوا من التوتر أثناء إعطائها أي نصيحة أو عند خروجها وحيدة من المنزل، لأنّ هذه الطريقة تُسبب قلة ثقتها بنفسها وخوفها من العالم الخارجي. كما أنّ هذه الحماية المبالغة تغرس في ذهن البنات أنّهنّ أكثر حساسية من الأولاد من جميع النواحي وأقل قدرة منهم على حماية أنفسهنّ خاصة من الناحية الجسدية. وفي هذا الشأن تقول “كاتيهاريس” أخصائية علاج سلوك الأطفال: “في سنوات طفولة البنات، يُصبحن أقل قدرة جسدية ويشعرن بشكل طبيعي أن الأولاد “قاسيون جدًا”، نظرًا لما يغرسه الأهالي في عقولهنّ وأنّهنّ أقل قدرة من الأولاد”.
توبيخها المستمر على ارتفاع صوتها، وهذا بحدّ ذاته يخلق لدى البنات نوعًا من الخنوع، خاصة إذا كانت البنت من النوع الذي يُحب أن يعبر عن رأيه بصوتٍ عال وطلاقة. التوبيخ المستمر على رفع الصوت يجعلها لا ترغب بالكلام من الأساس، وبالتالي فمن الأفضل تنبيه البنت إلى طريقة الكلام المناسبة دون أن يتم رسم حدود صارمة تمنعها من الحديث، مع تشجيعها على التعبير عن نفسها بطريقة صحيحة.
التقليل من قدراتها وإنجازاتها مقابل تعزيز قدرات وإنجازات الأبناء الذكور. يُسبب هذا عدم تناغم البنت مع أهدافها، وقلّة رغبتها في تحقيق المزيد منها، وربما يُشعرها هذا بالغضب والضغط النفسي.
عدم الاستماع إلى مشاكل البنات الخاصة سواء كانت جسدية تتعلّق بالتحوّلات التي تطرأ عليها أو العاطفية. فالبنات يحتجن إلى الإرشاد الدائم من قبل الآباء والأمهات، وإلى إشعارهنّ بالرعاية والاهتمام، وعدم كبت العواطف، وعدم ترك ضغوطاتهن تتراكم.
مقارنة إنجازات البنات بإنجازات الأبناء الذكور، سواء من الناحية العملية أو العلمية. فهذه المقارنة غير صحيحة أبدًا، نظرًا للاختلافات في طبيعة كل من الولد والبنت، واختلاف نقاط القوة والضعف لدى كلٍ منهما واختلاف طبيعة أهداف كل منهما.
تخويف البنات من الجنس الآخر بطريقة سلبية فيها الكثير من المعلومات المغلوطة التي تُسبب لديهنّ فجوة في التعامل مع الذكور سواء في مرحلة المراهقة أو الشباب. وهذا يجعل في أعماق البنات الكثير من الحواجز التي قد لا يستطعن تخطيها مستقبلًا.
مؤشرات للآباء والأمهات في تربية البنات
من الطبيعي أن تحاول الفتيات انتهاك القواعد السلوكية وخاصة في سنّ المراهقة. ويأتي واجب الوالدين هنا بالرشد والحكمة عند إظهار القيود بمرونة ووضوح، ومناقشتها معهنّ. البنات يحتجن إلى مزيد من الانتباه في التربية دون إشعارهنّ إلا الحب والاهتمام الإيجابي. من أبرز النصائح في هذا الشأن ما يأتي:
تجنب إهمال علاقة الأب بابنته وعلاقة الأم بابنتها. هذه العلاقة يجب أن تكون نموذجية ومثالية قدر الإمكان، ومبنية على الاحترام والصدق والمواجهة.
عدم استخدام العنف في التعامل مع البنات، فطبيعتهن تقتضي الليّن والكلمات اللطيفة واللمسة الحانية بدلًا من العنف الذي لا يُناسب البنات أبدا جسديا أو نفسيا.
تشجيع البنات على ممارسة الاهتمامات والهوايات المختلفة، وعدم وضع حواجز في وجه طموحها وأحلامها بحجة أنّهن بنات أو لا يستطعن القيام بجميع الأشياء.
تجنب عزل البنات عن المجتمع الذي يعشن فيه من باب الخوف عليهنّ، وعدم إقامة سياج على علاقتهنّ مع الآخرين. لأنّ هذا يحدّ من تطورهنّ الاجتماعي، ويجعل شخصياتهنّ ضعيفة.
عدم اتخاذ أي قرارات نيابة عنهنّ، فالبنات قادرات على اتخاذ قرارات حياتهنّ بأنفسهن إذا وجدن الفرصة والدعم من الوالدين.
تعليم البنات كيفية التعبير عن آرائهنّ والدفاع عن أنفسهنّ بطريقة مادية ومعنوية، وتوعيتهنّ تجاه الأخطار المحتملة دون زرع الخوف في قلوبهنّ.
قضاء وقت إضافي مع البنات لضمان بناء علاقة قوية معهنّ، وبناء جسور ثقة، وتخصيص وقت في نهاية كل أسبوع بعيدًا عن كلّ شيء ليكون فرصة للتقريب بين الوالدين والبنات.
تجنب إظهار الشك في تصرفات البنت أمامها، وعدم إظهاره إن وجد. وإن كان لا بدّ من مراقبة تصرفاتها فيكون عن قرب وبكثير من المحبة.
تهذيب سلوكها بلطف وتفاهم وود، دون المبالغة في التصحيح الزائد أو التعليق الكبير على تصرفاتها، فالبنت تتعلّم من أخطائها الصغيرة لتتجنب الأخطاء الكبيرة.