هل يفكر الأطفال بالانتحار؟

هل يفكر الأطفال بالانتحار؟

قبل الدخول في تفاصيل نظرة الأطفال إلى الانتحار فإن الجواب على سؤال “هل يفكر الأطفال بالانتحار؟” هو نعم، فالأطفال في عمر الثامنة تقريباً يدركون تماماً معنى الانتحار ويمتلكون القدرة العقلية والإدراكية على تطوير الأفكار الانتحارية وتجريب الانتحار بهدف الانتحار!.
وفي حين أن الانتحار هو السبب الرئيسي الثاني للوفاة بين الشباب والمراهقين حتى سن 24 سنة؛ فإن الوصول إلى إحصائيات دقيقة فيما يتعلق بانتحار الأطفال تحت سن 12 سنة أمر أكثر تعقيداً للأسباب التي ذكرناها سابقاً، ومع ذلك تشير بعض الأرقام إلى أن الانتحار هو السبب الرئيسي الرابع للوفيات بين الأطفال في سن 10-14 سنة.
الثابت لدينا إذاً أن الأطفال يمكن أن يفكروا بالانتحار بشكل جدي مع بلوغ العام الثامن تقريباً، وهذا لا يعني أنَّهم قادرون على تقدير الدافع والأسباب التي قد تقودهم للانتحار، لكنهم بلا شك يعلمون أن هناك طريقة لقتل الذات عمداً تسمى الانتحار!.

لماذا قد يقدم الأطفال الصغار على الانتحار؟

لن نجد اختلافات كبيرة بين دوافع الانتحار التي تقود الكبار لهذا الفعل وبين نظيرتها عند الأطفال الصغار تحت 12 سنة من حيث المنشأ، فالضغوطات الاجتماعية والنظرة إلى الذات وطريقة تعامل الفرد مع المعوقات والمشاعر والتجارب القاسية التي تواجهه هي العمود الفقري للأفكار الانتحارية، لكن ندرة الدراسات حول الانتحار بين الأطفال تحت 12 سنة جعل من تحديد الأسباب عملاً شاقاً ومعقداً في ظل عدم توفر معلومات كافية.
ومن هنا يمكن تلخيص الأسباب التي قد تدفع الطفل للانتحار على الشكل الآتي:

الضغوطات الاجتماعية
في حياة المراهقين تعتبر الضغوطات الاجتماعية وطبيعة العلاقة مع البيئة والمحيط في المنزل والمدرسة والحي من الأسباب الرئيسية لإقدامهم على الانتحار، ويبدو أن الأمر هو ذاته فيما يتعلق بالأفكار الانتحارية عند الأطفال الصغار.
حيث تشير الدراسات إلى أن الأطفال تحت سن 14 سنة والذين فقدوا حياتهم نتيجة الانتحار غالباً كانوا يعانون من مشاكل في علاقاتهم مع العائلة والأصدقاء، وغالباً ما انعكست هذه المشاكل على الصحة النفسية في صورة نقص وتشتت الانتباه، في حين تنعكس عند المراهقين بشكل اكتئاب وتعاسة.
ويضاف إلى الضغوطات الاجتماعية ما قد يتعرض له الأطفال من حالات تنمر وابتزاز عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى على أرض الواقع.

الظروف العائلية والانتحار بين الأطفال
على الرغم من صعوبة رصد العلاقة بين الظروف العائلية المختلفة وإقدام الطفل على الانتحار، إلا أن العنف الأسري ووجود محاولات انتحار في صفوف العائلة وغيرها من الظروف العائلية قد تدفع الأطفال للأفكار الانتحارية.

الاكتئاب والاضطرابات النفسية
كما هو الحال عند الكبار فإن المشاكل والاضطرابات النفسية وعلى رأسها الاكتئاب من أبرز أسباب الانتحار بين الأطفال الصغار أيضاً، خاصة اضطرابات ما بعد الصدمة التي قد تتعلق بفقدان شخص عزيز أو التعرض لاعتداء جنسي أو غيرها من التجارب السيئة، ولذلك يجدر بالأهل مراجعة المعالج المختص في حال ظهور أي أعراض سلوكية أو نفسية غريبة على أطفالهم ودون تردد.

الألعاب الإلكترونية
حتى الآن لا يوجد ما يثبت بشكل قاطع أن الألعاب الإلكترونية سبب رئيسي للانتحار بين الأطفال، وبين حين وآخر تنتشر أخبار جديدة عن ألعاب إلكترونية تدفع الأطفال لإيذاء أنفسهم على غرار لعبة الحوت الأزرق ومريم ولعبة مومو وغيرها.
فعلى الرغم من خطورة هذه الألعاب على الصحة النفسية للطفل وعلى سلوكه لكن لا يوجد ما يثبت أن حالات الانتحار التي تم الحديث عنها كانت مرتبطة بشكل قاطع بهذه الألعاب، وعلى كل حال فإن الحذر من هذه الألعاب واجب على الأهل والمربين مهما كان الأمر.

أخصائي نفسي

الولاء مكي

 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟