لماذا يسرق ابني ….؟؟؟

«طفلك يسرق»، إنها الكلمة التي لا تحب أي أم سماعها، وعلى الرغم من ذلك فإن حوادث السرقة البسيطة تنتشر بشكل كبير بين الأطفال في المراحل العمرية المبكرة وتبلغ ذروتها في عمر 4– 9  سنوات وقد يكثر في فترة الدراسة بسبب الغيرة .

 إلى أن وصف الطفل بأنه يسرق يكون وفقا لمعايير الراشدين أما الطفل نفسه فلا يشعر بأنه ارتكب جرما لأنه ببساطة لا يعرف القواعد التي تنظم ملكية الأشياء بالنسبة له وللآخرين .

السرقة هي إحدى مشكلات الطفولة التي يجب التعامل معها بحذر. لا كما يفعل بعض الناس عندما يسرق طفلهم فيقومون بمعاقبته وتهديده، والتشهير به بين إخوته وأصدقائه، والتحقيق معه والضغط عليه للاعتراف بذنبه، ونعته بألفاظ سيئة قد تهدد صحته النفسية طوال حياته مثل: يا حرامي، يا سارق … دون معرفة السبب الذي دفعه إلى القيام بهكذا سلوك. إذ يختلف علاج مشكلة السرقة عند الأطفال باختلاف أسبابها، وأيضًا باختلاف عمر الطفل، وفيما إذا كانت المرة الأولى التي يسرق بها أو أنه قد قام بهذا السلوك في مرات سابقة.

بالنسبة للطفل في أعمار صغيرة (3-4 سنوات)، يقوم في بعض الأحيان بأخذ الأشياء التي يريدها علانية دون فهم أن هذه الأشياء لها قيمة مالية وأنه من الخطأ أخذها بدون دفع ثمنها، وحتى عند قيام الوالدين بعقابه بذلك السن على أنه سلوك خطأ، نراه يعاود القيام به، لأنه يعتبر أن ما يقوم به شيء طبيعي.

أما الأطفال في سن المدرسة فإنهم  غالبا يعرفون أنه ليس من المفترض أن يأخذوا أشياء دون دفع ثمنها، ولكنهم يقومون بأخذها بسبب قلة القدرة على ضبط أنفسهم . والمراهقون أيضًا يعرفون ذلك، ولكنهم يقومون بذلك لأنهم يشعرون بالإثارة عند قيامهم بهذا السلوك، أو ربما تقليدًا لأصدقائهم لكي يكونوا أكثر قبولًا لديهم، خاصة أصدقاء السوء. بعض المراهقين يعتقدون أن بإمكانهم الفرار بفعلتهم، كما يعطيهم سلوك السرقة الشعور بأنهم قادرين على ضبط حياتهم بطريقتهم بسبب الاستقلالية التي قد يشعرون بها، فهم لا يريدون الاعتماد على أي شخص. أيضًا هناك مراهقون يقومون بهذا السلوك كوسيلة للتمرد على كل شيء، وللفت الانتباه وإثبات الذات .

 

مفهوم السرقة:

السرقة: هي محاولة ملك شيء يشعر الطفل أنه لا يملكه ، وعليه يجب على الطفل أن يعرف أن أخذ شيء ما يتطلب إذنًا معينًا لأخذه ، و إلا أعتبر سرقة .

والسرقة: مفهوم صريح لدينا نحن الكبار نعرف وأسبابه وعقابة ،

أما الطفل فإنه لا يدرك تمامًا مفهوم السرقة وأضرارها على المجتمع ونظرة الدين و القانون والأخلاق إليها.

والسرقة: تقلق الأهل أكثر من غيرها في سلوك الأطفال وهو ما يدعوه الأهل بسلوك المجرمين، وبالتالي فإنهم يظهرون اهتمامًا كبيرًا بذلك .

ويتعلم الأطفال أن السرقة عمل خاطئ إذا وصف الآباء والأمهات هذا العمل بالخطأ وعاقبوا أطفالهم في حال الاستمرار في ممارسته، بذلك يبدأ مفهوم السرقة بالتبلور لدى الطفل .

أسباب السرقة :

إن الأطفال يسرقون لعدة أسباب وهو يدركون أن ما يأخذونه يعود لغيرهم وهناك عدة أسباب للسرقة منها:

1- غالبا يوجد لدى الأطفال نقص ما في بعض الأشياء وبذلك يضطر للسرقة لتعويض ذلك النقص، والبعض من الأطفال تؤثر عليهم البيئة التي يعيشون بها  أو أن تكون البيئة نفسها فقيرة وهذه عناصر تساعد الطفل على أن يسرق لزيادة شعوره بالنقص في مثل هذه الظروف .

2- شعور بعض الأهل بالسعادة عندما يقوم ابنهم بسرقة شيء ما وبهذا يشعر الطفل بالسعادة ويستمر في عمله .

3- بعض الأطفال يقومون بعملية السرقة لإثبات أنهم الأقوى خصوصًا أمام رفقاء السوء، ولعلهم يتنافسون في ذلك، وبعضهم يشعر بمتعة هذا العمل .

4- قد يسرق الطفل رغبة في تقليد من هم أكبر منه سنًّا ، الوالد أو الأخ أو غيرهم ممن يؤثرون عليه حياته .

5- الأطفال من الطبقات الفقيرة يسرقون لتعويض ما ينقصهم بسبب فقرهم لعدم وجود نقود يشترون بها، أو يحصلون على ما يريدون، فالأطفال يقومون بسرقة ما يمنعه الأهل عنهم وهم يشعرون باحتياجهم له، فإنهم يعملون على أخذه دون علم الأهل.

6- قد يكون دافع السرقة إخراج كبت يشعر به الطفل بسبب ضغط معين، ولذا يقوم بالسرقة طلبًا للحصول على الراحة، وقد يكون سبب الكبت إحباط أو طفل جديد .

 

  • عند البدء بعلاج السرقه عند الاطفال :

يجب فهم السبب الكامن وراء هذا التصرف قبل معاقبة الطفل، لأن الفهم الصحيح للسبب سوف يترتب عليه الوصول للحل المناسب، والعمل على إزالة هذه الأسباب ما أمكن، والتركيز على الصفات المغايرة للسرقة وتدعيمها حتى يختفي السلوك غير المرغوب فيه.

الابتعاد عن التصرف بعصبية، والتفكير بهدوء بكيفية تخليص الطفل من هذا السلوك.

الابتعاد عن تهديد الطفل وتخويفه عند ضياع حاجياته، وعدم إلزامه بإحضارها.

تشجيع الطفل بتقديم الهدايا له، كي ندفعه للتحلي بالأمانة، وقص الحكايات التي تهدف إلى غرس الصفات الفاضلة في ذهنه.

العمل على إشباع الحاجات النفسية للطفل بنفس قدر أهمية الحاجات المادية، لأن الحاجة للحب والحنان والاهتمام مثل الحاجة إلى الأكل والشرب، فعدم إشباع هذه الحاجات كفيل بخلق طفل غير سوي ومليء بعقد النقص والمشاكل السلوكية .

 

طرق الوقاية :
1- تعليم القيم:
على الأهل أن يعلموا الأطفال القيم والعادات الجيدة ، والاهتمام بذلك قدر الإمكان، وتوعيتهم أن الحياة للجميع وليس لفرد معين، وحثهم على المحافظة على ممتلكات الآخرين، حتى في حال عدم وجودهم، نشوء الطفل في جو يتسم بالأخلاق والقيم الحميدة يؤدي إلى تبني الطفل لهذه المعايير.
2- يجب أن يكون هناك مصروف ثابت للطفل:
يستطيع أن يشتري به ما يشعر أنه يحتاج إليه فعلاً، حتى لو كان هذا المصروف صغيرًا، ولو كان مقابل عمل يؤديه في المنزل بعد المدرسة، يجب أن يشعر الطفل بأنه سيحصل على النقود من والديه إذا احتاج لها فعلاً.
3- عدم ترك أشياء يمكن أن تغري الطفل وتشجعه للقيام بالسرقة:
مثل النقود وغيرها من الوسائل التي تساهم بتسهيل السرقة باعتراضهم.
4- تنمية وبناء علاقات وثيقة بين الأهل والأبناء:
علاقات يسودها الحب والتفاهم وحرية التعبير حتى يستطيع الطفل أن يطلب ما يحتاج إليه من والديه دون تردُّد أو خوف.
5- الإشراف المباشر على الطفل:
بالإضافة إلى تعليمهم القيم والاهتمام بما يحتاجونه فالأطفال بحاجة إلى إشراف ومراقبة مباشرة حتى لا يقوم الطفل بالسرقة وإن قام بها تتم معرفتها من البداية ومعالجتها، لسهولة المعالجة حينها.
6- ليكن الوالدان ومَن يكبرون الطفل سنًّا هم المثل الأعلى للطفل:
بمعاملته بأمانه وإخلاص وصدق، مما يعلم الطفل المحافظة على أشيائه وأشياء الآخرين.
7- تعليم الأطفال:
حق الملكية حتى يشعرون بحقهم في ملكية الأشياء التي تخصهم فقط، وتعلمهم كيف يردون الأشياء إلى أصحابها إذا استعاروها منهم وبإذنهم.
العلاج :
1- التصرف بعقلانية :
عند حدوث سلوك السرقة يجب على الأهل البحث عن الخطأ والأسباب التي دعت إلى ذلك السلوك سواء كان ذلك من داخل البيت أو من خارجه والتصرف بأقصى سرعة .
2- السلوك الصحيح :
يجب أن يفعل الأهل ما يرونه في صالح أطفالهم وذلك بمعالجة الأمر بروية وتأني، وذلك بأن يعيد ما سرقه إلى الشخص الذي أخذه منه مع الاعتذار منه ودفع ثمنه إذا كان الطفل قد صرف واستهلك ما سرقه.
3- مواجهة المشكلة:
معالجة الأمر ومجابهته بجدية سيؤدي إلى الحل الصحيح وذلك لخطورة الموقف أو السلوك وذلك يتطلب معرفة السبب وراء سلوك الطفل هذا المسلك الغير مناسب ووضعه في مكان الشخص الذي سرقه وسؤاله عن ردة فعله وشعوره إذا تعرض هو لذلك.
4- الفهم:
يجب علينا أن نفهم لماذا قام الطفل بذلك وما هي دوافعه وذلك قد يكون مرجعه إلى الحرمان الاقتصادي بسبب نقص مادي يشعر به الطفل أو لمنافسة زملائه ممن يملكون النقود، وقد يكون السبب الحرمان العاطفي وذلك لشعور الطفل بالحرمان من الحنان والاهتمام ممن هم حوله، وقد يكون لعدم إدراك الطفل لمفهوم السرقة وما الفرق بينها وبين الاستعارة، وبالتالي الفهم الصحيح للسبب يترتب عليه استنتاج الحل المناسب، فإذا كان الدافع اقتصاديًّا يتم تزويد الطفل بما يحتاجه من نقود وإفهامه بأن يطلب ما يحتاجه، أما إن كان الحرمان عاطفيًّا فيجب إظهار الاهتمام به وبحاجاته وقضاء الوقت الكافي معه وقد يكون لعدم الإدراك وهنا يجب التوضيح للطفل ما تعني السرقة وما الفرق بينها وبين الاستعارة، وشرح القواعد التي تحكم الملكية له بأسلوب بسيط وتجنب العقاب حتى لا يترتب عليه الكذب.
5-التصرف بحكمة :
يجب عدم التصرف بعصبية ويجب ألا تعتبر السرقة فشل لدى الطفل، ولا يجب أن تعتبر أنها مصيبة حلت بالأسرة، بل يجب اعتبارها حالة خاصة يجب التعامل معها ومعرفة أسبابها، وحلها  طريقة ، ولكن دون المبالغة في العلاج، وألا تكون هناك مبالغة في وصف السرقة، والمهم في هذه الحالة أن نخفف من الشعور السيئ لدى الطفل بحيث نجعله يشعر بأننا متفهمون لوضعه تمامًا، وألا تُوجَّه تهمة السرقة للطفل مباشرة.
6-مراقبة تصرفات الابناء :
على الأهل مراقبة سلوكيات أطفالهم كالسرقة والغش، ومراقبة أنفسهم؛ لأنهم النموذج لأبنائهم، وعليهم مراقبة سلوكياتهم وألفاظهم وخصوصًا الألفاظ التي يلقِّبون بها الطفل حين يسرق كما يجب أن يشرح له أهمية التعبير .

دمتم بوعي تجاة أولادكم

بي بيرفكت للطب النفسي 

أكاديمية كوريكتور 

أخصائي نفسي  الولاء مكي

 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟