ذكريات التحرش ( 1 )

يعتبر التحرش الجنسي حدث مؤلم في حياة من يتعرض له لما يتركه من آثار نفسية خطيرة قد تستغرق وقتاً طويلاً للتخلص منها، ولكن ماذا لو كان الشخص الذي تعرض للتحرش طفلاً، فهل يمكن أن ينسى هذه الحادثة، وهل لها أي تأثير على نفسيته عند الكبر، وكيف يمكن للأهل أن يساعدوا الطفل الذي تعرض لتجربة تحرش بالتخلص من ذكريات هذه الحادثة الأليمة؟

عدة عوامل تؤثر على نسيان الطفل للتحرش أو ترسيخ الذكرى السلبية لديه:

  1. العوامل التي تؤثر على ذاكرة الطفل: يتوقف نسيان الطفل لحادثة التحرش على عدة عوامل منها صلة قرابة الشخص المتحرش بالطفل ومدى وعيه لما يحصل وطبيعة الموقف من حيث التأثير على نفسية الطفل.

  2. عمر الطفل: عمر الطفل عند التعرض للتحرش يعتبر عامل مؤثر في نسيان الطفل لهذه التجربة أو تذكرها، حيث أنه كلما كان عمر الطفل أصغر عند التعرض لحادثة التحرش كانت احتمالية نسيانها من قبله أسرع.

  3. تكرار حادثة التحرش: حيث يعتبر تكرار التحرش بالطفل من شخص واحد أو عدة أشخاص من العوامل التي تأثر على ذكريات الطفل عن هذه الحادثة، وكلّما تم إنقاذ الطفل في وقت مبكر ومنع تكرار التحرش، كلما كانت قدرة الطفل على التصالح مع الحادثة أكبر.

  4. ممارسة العنف مع الطفل عند التحرش: إذا رافق التحرش عنف جسدي على الطفل كان خطر التأثير السلبي على شخصية الطفل أكبر ومن الصعب نسيانه لهذه التجربة بسهولة.

  5. مرور الطفل بموقف مشابه: قد ينسى الطفل التحرش لفترة طويلة ولكن مروره بموقف مشابه مرة أخرى خلال حياته يمكن أن يؤدي إلى استذكار حادثة التحرش الأولى من جديد.

  6. طريقة تعامل الأهل مع الموقف: يتوقف مدى قدرة الطفل على نسيان حادثة التحرش على طريقة تعامل الأهل مع الموقف ومع الطفل، وتعتبر محاولة التستر على المتحرش أو عقاب الطفل واتهامه وتعنيفه من الممارسات الخاطئة التي تجعل حادثة التحرش راسخة في ذاكرة الطفل ومرتبطة بحوادث تعنيف أخرى.

كيفية التعامل مع طفل المتعرض للتحرش :

يجب على الأبوين الذين تعرض طفلهما لحادثة تحرش أن يتصرفا بطريقة واعية لكي يتخطى طفلهم هذه الحادثة بأقل ضرر وعدم جعلها حدث أليم يرافق حياة الطفل ويعلق في ذاكرته

  1. تهدئة الطفل: في حال رافق حادثة التحرش خوف وهلع من قبل الطفل ودخوله في حالة صدمة فيجب أولاً تهدئة الطفل وجعله يشعر بأنه في أمان وبأن والديه سيحميانه وأن المتحرش سيعاقب ولن يقترب منه أبداً مرة أخرى.

  2. إظهار الهدوء والقوة أمام الطفل: حاول أن تكون هادئاً أمام طفلك وتجنب الانهيار وفقدان السيطرة أمام الطفل، فعندما يرى الطفل نوبات بكاء هستيرية أو انهياراً أو غضباً عارماً لن يتمكن من نسيان حادثة التحرش بسهولة، وقد يشعر أنه مصدر للمتاعب والمشاكل أو أن أهله غير قادرين على التعامل مع الموقف وهم أضعف من مواجهة حادثة كهذه، خصوصاً عندما يميل الأهل إلى تحميل الطفل مسؤولية التعرض للتحرش أو التكتم على الحادثة وإجبار الطفل بكتمان الأمر ومتابعة حياته كأن شيئاً لم يكن.

  3. تجنب إشعاره بالذنب: لوم الطفل على ما حدث معه يخلق داخله صراعاً إضافياً يجعل من حادثة التحرش أكثر تأثيراً، حيث يلجأ الأهل في بعض الحالات إلى اتهام الطفل بعدم سماع التعليمات وتأنيبه على الذهاب إلى مكان معين أو حتى اتهامه بتسهيل التحرش! وجميع هذه السلوكيات الخاطئة تؤدي إلى مضاعفة الضغط النفسي الذي يعاني منه الطفل نتيجة التحرش.

    يجب أن يدرك الأهل أن الطفل حتى وإن ذهب مع المتحرش بإرادته فهو ضحية ما دام قاصراً،

  4. احتواء الطفل: يحتاج الطفل بعد التعرض لتجربة التحرش إلى الشعور بالأمان، حاول احتواء طفلك واشعاره بالحب وطمأنته فذلك سوف يساعده في تخطي هذه التجربة ونسيانها لاحقاً.

  5. توعية الطفل عن التحرش: بعد أن يخرج الطفل من حالة الصدمة الناتجة عن تعرضه للتحرش يجب التحدث معه وتوعيته حول كيفية التصرف في حال التعرض لمواقف مشابهة، وحول المناطق التي يمنع لمسها من قبل أي أحد في جسد الطفل.

  6. حماية الطفل من احتمال تكرار التحرش: يجب على الأهل تأمين الحماية لطفلهم الذي تعرض للتحرش لتجنب تكرار الحادثة، سواء حمايته من نفس الشخص المتحرش إن كان قريباً من الطفل، أو حمايته من احتمال تكرار الحادثة في أي مكان آخر، مع ذلك يجب أن يحذر الأهل من الحماية المفرطة، وعليهم التفكير بطريقة تجعل الطفل قادراً على مواجهة التحرش من جهة، وبعيداً عن الظروف التي تسهّل وقوعه ضحية للتحرش من جهة أخرى.

  7. مراقبة سلوك الطفل: يجب مراقبة سلوك الطفل بعد حادثة التحرش به، وذلك لمعرفة فيما إذا كان قد تخطى هذه التجربة السيئة بشكل نهائي أم أنها أثرت عليه نفسياً ويحتاج إلى علاج نفسي.

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟