خناقات الأخوة داخل الأسرة

بسبب صغر سنه وضعف خبرته وقلة المواقف الجدية التي مر فيها؛ فالطفل لم يدرك بعد حدود ما هو مسموح من رغباته أو أن هناك أشخاص آخرين في الحياة لديهم رغبات وقد يحدث تناقض بين رغباته ورغباتهم، ولأن الطفل اعتاد على ذويه الذين يؤمنون كل حاجاته ويسايرون معظم رغباته ويتنازلون له عن بعض حقوقهم، لكن عندما يتعامل مع طفل آخر في نفس سنه وطريقة تفكيره وأنانيته فإنه لن يجد المعاملة نفسها التي اعتاد عليها عند ذويه، وهنا تنشأ بذور الخلاف بينه وبين أقرانه وقد تتدخل ظروف أخرى كالغيرة أو الغضب لتحول هذا الخلاف إلى موقف يهدد رغبات الطفل ويدفع به إلى حد فقدان السيطرة على أعصابه وبالتالي نشوب المشاجرات والعراك لفرض رأيه والحصول على ما يريده  بالقوة.

أشكال الشجار بين الأطفال

تبعاً لطبيعة المواقف التي تسبب الشجار من حيث الدوافع والأسباب من جهة، وتبعاً للطبيعية النفسية والعقلية لكل طفل من أطراف الخلاف من جهة أخرى، فإن أشكال الشجار والتعبير عن الخلاف والتناقض تتصف بالتنوع والتغير بحسب كل حالة وظروفها،

  شجار الأطفال يأخذ أشكال وأنواع عديدة ومنها:

العراك واستخدام أسلوب الضرب: وهو من الأساليب الأكثر شيوعاً ووضوحاً للشجار، وخاصة عند الأطفال الذين لم يكونوا بعد طرقاً أخرى في الدفاع عن رغباتهم وتسوية خلافاتهم، ولهذا يلجؤون إلى استخدام الضرب والأقوى هو من يفوز بما يريد.

عدم السماح بالاقتراب من أشيائه الخاصة: فبينما يلعب الطفل مع أحد أقرانه بألعابه ويشاركه أغراضه ويقدم له ما يريد، فإنه قد لا يتعامل مع طفل آخر بنفس الأسلوب وذلك تبعاً للعلاقة القائمة بينه وبين هذا الطفل وهذا يعتبر من أشكال الشجار والتعبير عن الكره، ويلاحظ هذا عند الأخوة في معظم الأحيان.

الشتائم والمذمات: وهو شكل آخر من الإهانات التي يوجهها الطفل لطفلٍ آخر لا يحبه ويتشاجر معه، ويشعر أثناء قذفه بالشتائم بأنه أذله وانتقم منه.

كبت مشاعر الكره والحقد: وهذه من أكثر أشكال الشجار سوءً، فهنا قد يتطور الشجار إلى مراحل أكثر حدة وخطورة على أطراف الشجار من حيث أثرها على مشاعرهم النفسية وعلاقاتهم الاجتماعية.

الغيرة: أما هذه فهي من أسباب الشجار وأحد أشكاله أيضاً فالطفل يشعر بالغيرة من الطفل الآخر الذي لا يكن له مشاعر المحبة، فيشعر بالغيرة منه أكثر من غيره ويرغب دائماً بالاصطدام معه وافتعال المشاكل والعراك والخلافات معه.

الوقوف على النقيض أمام كل شيء صادر عن الطرف الآخر: مثل تصيد الأخطاء وإفشاء أسراره والإضرار بمصالحه ونقل أخباره إلى الآخرين.

الشجارات الجماعية: في بعض الأحيان عند الأطفال الأكبر سناً قد يتطور الأمر ليصبح هناك شجارات جماعية فيحصل أن مجموعة من الأطفال تتشاجر مع مجموعة أخرى وهنا يصبح الأمر أكثر خطورة.

الحد من آثاره الشجار السلبية

في كثير من الأحيان يقلق الشجار الحاصل بين الأطفال ذويهم ويتساءلون باستمرار عن وسائل تمكنهم من تسوية الخلافات التي تسبب هذا الشجار أو الحد من آثارها المزعجة، في البداية لا داعي للقلق فكما سبق وذكرنا أن هذه الخلافات هي سلوك طبيعي، بل وضروري في بعض الأحيان لدى الجنس البشري، وعند الحديث عن طريقة التعامل مع هذا السلوك فهناك خطوات وأفكار عامة قد تساعد في الحد من الأثر السلبي لهذه الخلافات:

– تعزيز روح المشاركة والتعاون: وحل الخلافات بالطرق السلمية عبر النقاشات والتسويات وإيجاد الحلول المتفق عليها.
– وضع حدود للطفل وتعليمه: أنه ليس كل ما في الحياة يسير وفقاً لرغباته وكما يحلو له، هناك الكثير من المواقف التي سوف تتعارض فيها رغباته مع رغبات الآخرين.
– مساعدة الأقران على إيجاد قواسم مشتركة بينهم، وتشجيع روح الصداقة والمحبة والتعاون.
– حل مشاكل الكبار وتسوية خلافاتهم بعيداً عن الأطفال: حتى لا يقلد الأطفال هذه السلوكيات في حل مشاكلهم.
– عدم التمييز بين الأطفال: وإشعارهم بالغيرة من أقرانهم وخاصة بين الأشقاء، والعدل في توزيع الحقوق والاهتمام بينهم حتى لا يشعر الطفل بالظلم ويلجأ للشجار للدفاع عن حقوقه.
– توعية الطفل أكثر بالقوانين الاجتماعية: التي لا يستطيع تجاوزها، والمعايير والقيم السائدة وكيف يجب تسوية خلافاته مع الآخرين من خلالها.
– تشجيع فكرة الروح الرياضية في المنافسة: وتقبل نجاح الآخرين وتفوقهم وجعل هذا حافز للطفل بدلاً من أن يكون موضوع يثير الغيرة والحقد، ويؤدي إلى الشجار.
– إذاً الشجار هو سلوك طبيعي يحدث بين البشر كباراً وصغاراً بل وضروري في بعض الأحيان حتى يتمكن الطفل من إدراك حقوقه وواجباته وحدود رغباته وتصرفاته، فالاختلاف هو ميزة الجنس البشري والبديهي أن ينتج عنه خلافات كثيرة بين الأشخاص، ولكن إذا كان الأمر في حدود تتجاوز الطبيعي والمألوف يجب التدخل للتعرف على أسباب خلافات الأطفال والطريقة التي يتبعونها في حل وتسوية هذه الخلافات سواء من خلال الشجار أو وسائل أخرى وكيف يمكن التقليل قدر الإمكان من الآثار السلبية لهذه الخلافات.

اخصائي نفسي 

الولاء مكي 

 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟