النيوفوبيا

الخوف من التجارب الجديدة أو النيوفوبيا (بالإنجليزية: Neophobia) هي حالة من الخوف غير العقلاني من الأشياء الجديدة، سواء كانت أماكن جديدة أو أشخاص جدد أو تجارب جديدة أو أطعمة جديدة أو غيرها، ويتخذ الخوف من التغيير والجديد أشكالاً ودرجات مختلفة، تبدأ عند الخوف الطبيعي من الأشياء والأماكن الجديدة ومقاومة التغيير، وقد تتطور إلى مراحل شديدة تصبح رهاباً لا تقل حدته عن أنواع الرهاب المختلفة.

أسباب الخوف من التجارب الجديدة

  1. الخوف من المجهول: الإنسان عدو ما يجهل، والخوف من النتائج المجهولة هو السبب الرئيسي للخوف من التجارب والأماكن الجديدة، فنحن نفضل التجارب ذات النتيجة المعروفة مسبقاً وإن لم تكن هذه النتيجة أفضل ما يمكن مقارنةً بتجارب مجهولة النتيجة تحمل احتمالات أفضل، هذا مثلاً يجعلك تشتري سلعة أغلى وقد تكون أقل جودة، فقط لأن الضمان أطول زمنياً، لأنك تشعر أن الضمان الطويل يجنّبك نتيجة مجهولة لفترة أطول.

    ويعتبر الصراع الداخلي بين الفضول والخوف من المجهول صراعاً يدور داخل عقل كلٍّ منّا أمام باب مطعم جديد أو عند اختيار وجهة سياحية أو قراءة إعلان عن وظيفة شاغرة، تتملكنا الرغبة بالتجربة مع الخوف منها، البعض ينتصر عليه خوفه ويتجنب خوض أي تجربة جديدة.

  2. التمّسك بمنطقة الراحة: منطقة الراحة تعني المنطقة التي لا تشعر فيها بالتوتر أو التحدي أو حتى الحماسة، يشمل ذلك محيطك الاجتماعي المريح والأشياء التي تفعلها في روتينك اليومي وأفكارك، وقد يكون الخوف من التجارب الجديدة أو الأماكن الجديدة أو حتى الأشخاص الجدد؛ بسبب بقاءك في منطقة الراحة لفترة طويلة من حياتك وشعورك بالخوف عندما تواجه تحدي مغادرة منطقة الراحة.

  3. الخوف من الفشل: الخوف من الفشل أحد أهم أسباب رهاب التجارب الجديدة، فالخوف من الفشل في التجربة الجديدة قد ينتج عن عدم إدراك مهاراتنا وخبراتنا بشكل صحيح، أو عن سياق تربوي خاطئ يعزز التردد والخوف من الفشل، أو عن تجارب سابقة لم يكتب لها النجاح.

  4. انخفاض تقدير الذات: الأشخاص المقبلون على التجارب الجديدة غالباً ما يمتلكون ثقة عالية بالنفس، ويعتقدون أنهم يمتلكون ما يكفي من المهارات والمميزات الشخصية التي ستساعدهم على تجاوز التجارب الجديدة بنجاح وعلى التأقلم في الأماكن الجديدة وكسب ود الأشخاص الجدد في حياتهم، فيما يشعر الأشخاص الذين يعانون من تدني احترام الذات بالخوف من كل شي جديد قد يضعهم في صدام مع نقاط ضعفهم أو يكشفها أمام الآخرين.

  5. التربية والبيئة الاجتماعية: تلعب طريقة التربية دوراً كبيراً في تشجيع الأطفال على التجارب الجديدة أو زرع الخوف لديهم من كل ما هو جديد، معظم الأطفال الطبيعيين منفتحون على التجارب الجديدة ولديهم فضول كبير، وقد يؤدي ثنيهم عن هذه التجارب أو الخوف المبالغ به عليهم إلى تطوير شخصية اجتنابية تخاف من التغيير ولا ترغب بتجربة أي شي غير مألوف.

  6. أنت شخص طبيعي لكنك لا تحب التغيير: الخوف من التجارب الجديدة أو الأماكن الجديدة لا يعني بالضرورة أن الشخص جبان أو مضطرب! قد يكون الخوف من التجارب الجديدة جزءاً من تكوين الشخصية، فالأشخاص الحذرون بطبيعتهم يبحثون عن الأمان، والأشخاص الأكثر ميلاً للانطوائية قد لا يرغبون بتجربة أشياء جديدة دائماً، وقد تؤثر بعض الصفات مثل البخل على الرغبة بخوض التجارب الجديدة، وعادةً لا يسبب التغيير بالنسبة لهؤلاء الأشخاص حالة من التوتر الشديد أو نوبات هلع، وإن كان التغيير غير مفضل بالنسبة لهم.

  7. بعض الاضطرابات النفسية والعاطفية: بعض الاضطرابات النفسية تتميز بالخوف من التغيير والخوف من التجارب الجديدة، مثل الوسواس القهري والكثير من اضطرابات الشخصية مثل اضطراب الشخصية الاجتنابية والاضطرابات العقلية والعصبية التي تؤثر على تقبّل الأشياء الجديدة والتغيير مثل التوحد وطيف التوحد.


إن الخوف من الأشياء والتجارب والأماكن الجديدة سمة عامة عند الإنسان وغيره من الخلوقات، فحتى الحيوانات تواجه المواقف الجديدة بحذر، إلا أن قدرتنا على التحكم بخوفنا وتجاوزه تختلف من فرد لآخر، وتختلف عند نفس الشخص من مرحلة إلى أخرى، لذلك يجب النظر في الأسباب الممكنة للخوف من التجارب والأماكن الجديدة لتفسير هذا الخوف بشكل أفضل وإيجاد الحلول المناسبة له.

أما أسباب فوبيا الجديد أو الخوف غير العقلاني من الأشياء والتجارب الجديدة فهي غير معلومة بدقة، وتلعب العوامل الوراثية والاجتماعية وسياق التربية دوراً في تطوّر حالات الرهاب من الشيء الجديد، وتتشابه أعراض هذا الرهاب مع غيره من أنواع الفوبيا من أعراض جسدية وانفعالية على شكل نوبات هلع.

أخصائي نفسي

الولاء مكي

 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟