النمو اللغوي 1

إن فهم العلاقة القائمة بين النمو اللغوي والعوامل التي تؤثر فيه يتيح ويسهل لنا إمكانية التعرف على هذا النمو تقويمًا وضبطًا وتوجيهًا.

بل إن التعرف على هذه العوامل يتيح لنا معرفة الأسباب الكامنة وراء اختلاف النمو اللغوي بين الأفراد بعضهم البعض أو بين جماعات مختلفة أو بين جنس وجنس، كما يفيد ذلك في إمكانية التعرف على أهم أسباب القصور في النمو اللغوي (في حالات الاضطراب) ومعالجة تلك الأسباب وكذلك أسباب التفوق مما يساعد على إثرائها والمحافظة عليها.

ثمة عوامل عدة تؤثر في النمو اللغوي للطفل يمكن تقسيمها إلى مجموعتين:

  • العوامل الذاتية (الخاصة بالطفل).

  • العوامل البيئية (الخاصة بمجتمع وثقافة الطفل).

أولاً – العوامل الذاتية:

النضج والعمر الزمني:

يتهيأ الطفل للكلام عندما تبلغ أعضاء الكلام والمراكز العصبية لديه درجة كافية من النضج، فالطفل لا يستطيع تعلم الاستجابات اللغوية إلا بعد أن يصل من الكبر والنضج إلى حد كافٍ يسمح له بتعلمها، فالنضج هو الذي يحدد معدل التقدم، كما يزداد المحصول اللفظي للطفل كلما تقدم في السن، ويكون فهمه دقيقًا، وتتحدد معاني الكلمات في ذهنه. ويعود الارتباط بين العمر والنضج لدى الطفل إلى نضج الجهاز الكلامي والنضج العقلي.

وقد أثبت العديد من العلماء “سايلر” و”سيجنايزرمان” و”أودنيل” أن عدد الأخطاء في الكلام يتناقص تدريجيًا تبعًا لدرجة النضج التي يصلها الطفل، كما أن عدد المفردات وطول الجملة يزداد وفقًا لنموه العقلي والزمني، كما أن تعقيد التراكيب اللغوية (وهو مؤشر من مؤشرات النمو اللغوي) يزداد بازدياد العمر.

يمكن تلخيص المؤشرات المستخرجة من العديد من الدراسات في هذا المجال كالتالي:

  • ازدياد عدد الكلمات التي يستخدمها الأطفال بتقدم العمر.

  • بطء وقلة المحصول اللفظي للطفل في أول سنتين، ثم الإسراع والتزايد فيما بعد نظرًا لعمر الطفل وتقدم نموه في النواحي الأخرى.

  • كلما تقدم الطفل في العمر يزداد طول الجملة لديه.

  • هناك علاقة بين نمو المفاهيم عامة وتقدم الطفل في العمر.

الذكاء والنمو اللغوي:

مهما اختلفت تعريفات الذكاء، فإن المتفق عليه بين علماء النفس أن مفهوم الذكاء يرتبط بطريقة أو بأخرى “بالقدرة على حل المشكلات”، والقدرة على تناول المجردات.

 والملاحظ أن الأطفال الذين يجيدون التعامل مع المشكلات وتناول المجردات هم الأطفال الذين لديهم قدرة لغوية وعددية عالية.

وقد أثبتت غالبية الدراسات وجود علاقة بين اللغة والذكاء، فالأطفال المتفوقون يبدأون الكلام قبل غيرهم.

وقد أوضحت الدراسات العديدة التي قام بها كثير من العلماء أن الأطفال الأذكياء جداً (درجة الذكاء 140 فما فوق) يتكلمون قبل الأطفال ذوي الذكاء العادي، ويتمكن ذوو الذكاء العادي من الكلام قبل ذوي الذكاء المنخفض، وهكذا نجد أن البحوث التي درست العلاقة بين التطور اللغوي وعامل الذكاء كشفت عن علاقة ارتباط قوية وموجبة بين المتغيرين.

كما أن الأطفال الأذكياء يميزون كلمات أكثر من الأطفال متوسطي نسبة الذكاء، وهؤلاء بدورهم يميزون كلمات أكثر من ذوي نسبة الذكاء المنخفضة، إلى جانب تأخر الأطفال الأقل ذكاء في القدرة على التمكن من الكلمات والتراكيب، وحجم المفردات وطول الجملة واستخدام المعاني المجردة وإدراك الفروق بين المعاني المختلفة.

 

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟