المقارنة بين الاطفال

تميّز الطفل وتفوّقهِ على الأطفال الآخرين هو غاية يسعى لها الوالدان باستمرار بجميع الطرق والوسائل الممكنة لتحفيز وتنمية مهاراتهِ للوصول إلى تلك الغايّة، ومن الأخطاء الشائعة لدى معظم العائلات استخدامهم لوسيلة مقارنة الطفل مع الأطفال الآخرين معتقدين بأنها الطريقة الأفضل لحث الطفل وتحفيزه. لكن كثيراً ما تؤدي مقارنة الطفل بغيره إلى نتيجة عكسية تماماً، فهي تعتبر من أسوأ الطرق للتعامل بها مع الطفل وللأسف الكثير من الأهل يجهل آثار وأضرار مقارنة الطفل مع أقرانه أو مع أخوته.

المقارنة بين الأطفال

يمكن تعريف المقارنة بين الأطفال بأنها أحد وسائل التربية الشائعة والتي يستخدمها عادةً بعض الأهل والمربين بهدف توليد مشاعر الغيرة لدى الطفل من موضوع المقارنة وبالتالي تحفيزه على محاكاة السلوك المرغوب لدى الطفل موضوع المقارنة، بهدف النجاح في غرس سلوك معين لدى الطفل ونيل إعجاب من يقومون بهذه المقارنة.
وهناك أشكال متعددة  لمقارنة الأطفال ببعضهم ومنها:

  • مقارنة النتائج المدرسية بين الطفل وزملائه في المدرسة الأكثر تفوقاً منه في الصف.

  • مقارنة الطفل مع صديقه في الحيّ لأنه أكثر نشاطاً وحركة منه.

  •  مقارنة الطفل مع أخيه الأكبر أو أخته الأصغر أو مع أي أحد من أقاربه ووضع له شخص كمثال في السلوك والتصرفات المرغوبة يجب دائماً أن يحتذي به ويتفوق عليه.

  • وفي بعض الأحيان يلجأ الأهل إلى المقارنة لانتقاد تصرف يقوم به الطفل ويحفزوه على عدم تكراره مثل مقارنة الطفل كثير الشكوى بشقيقه الذي لا يزعج أبويه ويسمع كلامهما.

  • وهناك أيضاً ما يعرف بالمقارنة الإيجابية، حيث يمثل هنا الطفل النموذج الأفضل بين أقرانه، ويتلقى المديح المبالغ فيه من قبل أبويه والرفع من شأن قدراته أو مهاراته وسلوكياته.

آثار وسلبيات المقارنة بين الأطفال :

  1. التأثير على ثقة الطفل بنفسه والشك في مقدراته: عندما تقول لطفلك أنه ليس جيداً بأمرٍ ما وأنَّ طفلاً آخر أفضل منه، سوف تهتز ثقة الطفل بنفسه ويتولد لديه شعور بعدم المقدرة على مجاراة باقي الأطفال، ومع الأيام تترسخ لديه تلك القناعة والشك في مقدرته مما يصعّب علاج هذه المشكلة فيما بعد.

  2. التسبب بمشاعر الغيرة والحسد بين الأطفال: تولّد المقارنة بين الأطفال الشعور بالغيرة لدى الطفل من الطفل موضوع المقارنة فهو يعتقد أنه يتفوق عليه ويتلقى محبة الأخرين بدلاً منه. ومع الوقت تتحول الغيرة إلى حسد تجاه الطفل الآخر وقد تنمو أيضاً لتصبح شعوراً بالكراهية، ولا يتوقف تأثير هذه المقارنة على الطفولة، حيث أنه يمكن أن ترافق الطفل خلال نموه إلى سن المراهقة وقد تتحول إلى سلوك عدواني لاحقاً.

  3. قد تدمر المقارنة علاقتك بأبنائك وتتسبب ابتعادهم عنك: حيث تتسم طريقة تفكير الطفل بأنها طريقة بسيطة؛ فهو لا يعلم أن ما تقوم به من مقارنة بينه وبين أطفال آخرين يهدف لتحفيز إرادته وتطوير مهاراته، بل يعتقد أنك لا تقف إلى جانبه وأنه مصدر للحرج بالنسبة لك، ما يجعله يمقت الوالدين ويتجنبهم ويشعر بالنفور والغربة نحوهم.

  4. المقارنة تدمر علاقة الأبناء ببعضهم أيضاً: على الرغم أن جميع أشكال المقارنة بين الطفل وغيره تقود غالباً إلى نتائج سلبية؛ لكن أكثرها خطورة مقارنة الطفل مع أخوته، حيث غالباً ما تقود المقارنة بين الأبناء إلى تدمير علاقتهم ببعض وخلق جو مشحون من الغيرة والحسد والكره، قد يستمر وينمو بين الأخوة حتى بعد مغادرة الطفولة، كذلك هو حال المقارنة التي قد لا تتوقف بعد انتهاء مرحلة الطفولة وتمتد لمقارنة عائلات الأبناء وزوجاتهم وأطفالهم…إلخ.

  5. المقارنة قد تؤدي إلى العزلة وتجنب الاختلاط مع الأطفال الآخرين: مشاعر الغيرة والحسد التي تتولد نتيجة المقارنة بين الأطفال تدفعهم إلى الانطواء والانعزال عن محيطهم الاجتماعي متجنبين الاختلاط مع باقي الأطفال فتقل لديهم مهارات التواصل مع الآخرين وتكوين صداقات وعلاقات اجتماعية، هذا الشيء قد يؤثر على سلوك الطفل مع الوقت وعلى نموه العقلي والنفسي أيضاً.

  6. قتل الموهبة والطموح لدى الطفل: لا يولد جميع الأطفال بنفس المقدرات والمهارات، فما يتميز به هذا الطفل لا ينطبق على الآخرين، لذلك على الوالدين فهم هذه النقطة جيداً وأن يراعوا الموهبة التي يتميز بها كل طفل على حدة، حتى لو لم تكن متماشية مع إرادتهم، وعليهم أن يقوموا بدعم الطفل وتنمية موهبته التي يتمتع بها، فتجاهل هذه الموهبة والتركيز على مهارة أخرى يعني عدم تنمية هذه المهارة لدى الطفل وعدم نجاحه بالضرورة بالأخرى المرغوبة أيضاً.

  7. وللمقارنة الإيجابية أيضاً سلبياتها: فهذا النوع من المقارنة قد يسبب الشعور بالتكبر والغرور لدى طفلك وقد يلجأ في بعض الأحيان إلى التنمر على أصدقائه ما يسبب نفور باقي الأطفال منه، وانتقاده الكبير للآخرين حيث يعتقد أنه على حق والآخرين على خطأ ولا يجوز لومه أو محاسبته على خطأ قد يرتكبه.

كيف يمكن تحفيز الطفل :
تعتبر متانة العلاقة بين الطفل وأبويه أهم عامل لتحفيزه في جميع مجالات الحياة، وهذه بعض النقاط التي يجب على الوالدين التركيز عليها لتقديم الدعم للطفل:
  1. منح العطاء والحب للطفل: من الخطأ الربط بين مشاعر الحب تجاه طفلك ومدى الإنجاز الذي يقوم به، حتى لو أخطأ في بعض الأمور أو سبب لك الخذلان والإحراج في موقف معين، يجب أن يكون شعورك بالحب نحوه حاضر دائماً فهذا يعزز ثقة طفلك بنفسه ويحفزه على المحاولة من جديد
    لذلك من المهم منح التقدير والاحترام لطفلك خاصةً أمام الآخرين فهذا التقدير سوف يعزز الروح المعنوية للطفل ويكسبه الثقة بنفسه ليحاول من جديد.
  2. فهم نقاط القوة ونقاط الضعف لدى الطفل: لا يولد الأطفال وهم يتمتعون بنفس الصفات والقدرات والمواهب، لذلك على الوالدين أن يقوما بالتركيز على دعم الموهبة التي يتمتع بها الطفل ومحاولة تنميتها.
    ومن الخطأ أن تفرض إرادتك على طفلك لتعليمه شيء لا يحسنه بشكلٍ جيد لأنه في النهاية لن يصل إلى الغاية التي ترغب بها.
    أما في النقاط التي يكون طفلك ضعيفاً بها كل ما عليك هو الصبر وتقديم الدعم له ليتغلب على هذا الضعف بدون لومه ومقارنته مع باقي الأطفال، ومع هذا الدعم تأكد أنه سيتغلب على نقاط ضعفه مع الأيام.
  3.  التحلي بالواقعية في تقيم إنجازات الطفل: يريد الوالدان أن يكون طفلهم من الأوائل في كل شيء وهذا يعرض الأطفال إلى ضغط كبير يفوق قدراتهم، لذلك على الوالدين تقيم إنجازات طفلهم بواقعية وعدم الضغط عليه ضغطاً غير مبرر.
  4. أعطِ طفلك بعض الاستقلالية: طريقة تفكير طفلك تختلف عن طريقتك وعن طرق الأطفال الآخرين، لذلك عليك التعامل معه على أنه فرد يجب الاستماع لما يريد وما يفكر به وما يحب وما يكره والسماح له بالتفكير واتخاذ القرارات من تلقاء نفسه وحصر مهمة الوالدين في توجيه الطفل فقط، ذلك سوف يبني علاقة ثقة واحترام بينك وبين طفلك .
  5. الطفل ليس مجرد موضوع للتباهي: لا يجب التعامل مع الطفل على أنه مصدر للفخر في الأوساط الاجتماعية للوالدين فقط، من خلال تحديد أهداف غير واقعية يريدها الوالدان والضغط عليه لتنفيذها، لأنهم بالنهاية سيحصدون خيبة الأمل لهم ولطفلهم.

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟