العقاب الجسدي وأثرة النفسي

تأثير العقوبات الجسدية على الأطفال

تتعددى العقوبات الجسدية التي يستخدمها الآباء مع أطفالهم لتشمل الضرب والدفش والجلد وأحياناً الحرق وغير ذلك من طرق تؤلم الطفل جسدياً، ولكن الألم الجسدي ليس هو الأثر الضار الوحيد للعقوبات الجسدية للأطفال، فهي تشمل:

  1. الأذى الجسدي البالغ: عندما يفقد الآباء السيطرة على أنفسهم فقد يعرضون طفلهم للأذى الجسدي البالغ مثل الكسور والحروق والإصابات الخطيرة في الرأس والجسد، والتي قد تتنتهي بتهديد حياة الطفل.

    حتى على الأمد الطويل تنعكس العقوبات الجسدية والنفسية على صحة الأطفال، حيث أفادت دراسة حديثة في جامعة بوردو أن البالغين الذين كانوا ضحايا للاعتداء العاطفي أو الجسدي كأطفال لديهم مخاطر أكبر للإصابة بالسرطان.

  2. ضعف الشخصية: فقد يحدث العكس فينشأ الطفل ضعيف الشخصية، ومهزوز الثقة بالنفس مما يعرضه للضرب والأذى الجسدي والتنمر بأشكاله المختلفة من قبل زملائه وأقرانه. وهذا قد يستمر معه حتى عندما يكبر، فيقف ذلك في طريق أحلامه وتطوره الشخصي والمهني.

  3. ضرب الأطفال يعلمهم استسهال اللجوء للضرب: فهو يعلمههم الاستقواء على الضعفاء؛ بما أنهم يتعرضون للإيذاء الجسدي من آبائهم الذين هم أكبر وأوعى منهم ويجب أن يحتووهم ولا يستقووا عليهم، فيلجأ هؤلاء الأطفال للاستقواء على من هم أضعف أو أصغر منهم، فترى الابن الكبير يضرب الصغير، كما قد يعتمد الضرب كوسيلة وحيدة وسهلة مع أقرانه الآن وفي المستقبل.

  4. تدهور علاقة الأبناء بالآباء على المدى الطويل: ففي كل مرة يتألم فيها الطفل فإنه يحمل في داخله شيئاً من العناد والمشاعر السلبية نحو آبائه، وهذا يضر بعلاقته بهم، ويجعلهم أبعد عنه؛ فلا يشاركك مشكلاته وحاجاته ورغباته، مما قد يعرضه للخطر.

  5. المشكلات النفسية والعاطفية والعقلية: مثل القلق والاكتئاب ومشاكل تعاطي الممنوعات كالمخدرات، ويعرضهم كذلك لاضطرابات الشخصية ولكثرة النسيان والأعراض الجسدية المرافقة كالصداع المستمر.

تأثير العقوبات النفسية على الأطفال

لا تقتصر التأثيرات السلبية لعقوبات الأطفال على الضرب والأذية الجسدية فقط، فقد يكون للإهانة أو التهديد أو الصراخ أو التخويف أو التنمر تأثيرً مضاعفاً أحياناً. سنفسر فيما يلي تأثير هذه العقوبات النفسية على الأطفال:

  1. الخوف من الوالدين: شعور الطفل أنه عرضة للانتهاك والضرب والتعنيف اللفظي يجعله في حالة خوف مستمر من والديه، بالتالي يصبح خائفاً من خوض أي تجاب جديدة أو مختلفة وخائفاً من التعبير عن ذاته، وأيضاً قد يجعله هذا الخوف قادراً على تطوير عالم موازٍ خاص به لا يعرف عنه الأهل شيئاً خصوصاً عندما يصل الطفل لمرحلة المراهقة.

  2. التعامل بعنف وعدوانية مع الآخرين: فيحاول الطفل إسقاط الأذى النفسي والبدني الذي يتعرض له على غيره بنفس الأسلوب الذي يمارسه أبواه معه، مما يعكر علاقته مع أقرانه ويجعله عنيفاً أو متنمراً.

  3. الصفات والألقاب المسيئة تنطبع في العقل الباطن للطفل: فإن نعت الأب طفله مثلاً بأنه غبي، فسيقتنع الطفل بأنه غبي فعلاً وسيتصرف بناء على ذلك، لأن تكرار هذه الصفة على مسامعه يجعل عقله الباطن يصدقه.

  4. تأخر النضج العاطفي مقارنة بالأقران: فهذه الأمور تقف في طريق تطوره العاطفي والنفسي، وتجهله يفتقر للتعاطف مع الآخرين، ولا تؤثر فيه مشاهد العنف ولا تحرك فيه ساكناً.

  5. تغير مفاجئ في السلوك والشخصية: حيث تنعكس العقوبات البدنية على طريقة تعبير الأطفال عن أنفسهم، فقد يتطور لديهم سلوك عدواني أو سمات انطوائية، كما تنعكس العقوبات القاسية على أداء الطفل الدراسي والاجتماعي بشكل واضح.

  6. اضطرابات الصحة النفسية: فلهذا النوع من الإساءة تأثير كبير على الصحة الجسدية والنفسية والعقلية والعاطفية؛ حيث يكون الطفل أكثر عرضة لاضرابات الشخصية واضطرابات الأكل والنوم، وللسمنة والأمراض الناتجة عنها.

  7. الانحراف السلوكي: فالأطفال المعنّفين يمتلكون فرصاً أكبر لتطوير سلوكيات منحرفة مثل اللجوء لإثبات الذات عبر وسائل غير مشروعة والخوض في مغامرات خطيرة وتعاطي الممنوعات.

  8. اعتماد العقاب القاسي مع أبنائهم في المستقبل: فحتى لو لم يكونوا مقتنعين به كأسلوب تربية فإنهم غالباً سيقلدون طريقة آبائهم في التربية ويورثونها لأبنائهم أيضاً، وهكذا نبقى في دائرة مغلقة لا تنتهي من العنف اللفظي والجسدي وغيره.

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟