الشفقة والعطف

الفرق بين التعاطف والشفقة

يمكننا أن نقول بأن التعاطف لا يعني الشفقة، فالتعاطف هو أن تحب شريكك وتحزن لحزنه وتفرح لفرحه.
التعاطف هو قدرتك كطرف في العلاقة العاطفية على تقبل الطرف الآخر وفهم ما يزعجه واختيار طريقة الكلام والتعامل بما يناسب الحالة النفسية التي يمر بها شريكك، فإذا حدث له مكروه تشعر بالأسى معه وتواسيه في محنته، تماماً كما ستفرح معه عند حصول شيء جيد معه.
من هنا يمكن الوصول إلى أهمية التعاطف والحب في العلاقة، لأنه فقط بواسطة الحب والتعاطف يمكنك فهم مشاعر الطرف الآخر ومراعاتها، كما تساعدك هذه المشاعر على تحديد أولوياتك التي يجب أن تتضمّن إسعاد نفسك وإسعاد الشريك والوقوف معه بالسرّاء والضرّاء.

لماذا الشفقة أمر سيّئ في علاقتك العاطفية؟
أن تشفق على أحد يعني أن تنظر إليه بنظرة الأسى والحزن بعد أن تقيّم الحالة السلبية، التي يعاني منها هذا الشخص، حسناً لكن ما السبب الذي يجعل الشفقة أمراً سيئاً للغاية والتعاطف أمراً جيداً؟
يقول البروفيسور آرون بين زييف  بأن الشفقة أمر سيئ جداً وذلك لأن الشفقة تعني الشعور بالأسف والحزن تجاه ما يحصل مع شخص ما إلا أنها تعفينا من الشعور بالمسؤولية أو الالتزام تجاه الشخص الذي نشفق عليه، ببساطة عندما تشفق على شخص قد تحزن بسبب ما يتعرض له هذا الشخص وقد تتمنى أن تساعده لكنك لن تساعده، وحتى ولو كنت تستطيع ببساطة فعل ذلك ستجد ألف مخرج وحجة لتعفي نفسك من مساعدته، أي أنك تعفي نفسك من العاقبة الأخلاقية ومن التصرف الإلزامي لمساعدة الشخص بحجّة أن “شفقتك كافية”، ويمكن أن تتزوج الشخص الذي تشفق عليه بدون أن تراعي أن هذا الزواج خاطئ وسيجرح الطرف الآخر لقلة اهتمامك به. هذه هي الشفقة من المنظور الفلسفي؛ والكثير من الأشخاص يعانون من مشاكل نفسية خطيرة نتيجة إحساسهم بنظرات الشفقة من الناس من حولهم.
أما التعاطف فيختلف كثيراً عن الشفقة على الرغم من الخلط الدائم بين هذين المصطلحين، التعاطف يعني الحب والمودة والإحساس الدائم بالمسؤولية تجاه من تحب، فإذا تعرّض لحادث مؤسف في الجامعة أو العمل أو الشارع ستتبنى موقفه وتدعمه وتواسيه وتقف بجانبه حتى انتهاء محنته وبالتأكيد ستحزن جداً إذا رأيته حزين، وبنفس الوقت ستكون بقمة سعادتك عندما يحصل على ترقية في العمل أو على ثناء على أدائه أو إذا حدث له أي شيء جيد، ببساطة إن كنت تتعاطف مع شخص هذا يعني أنك تحبه وأنك ستفرح لفرحه وستحزن لحزنه، وستحاول بذل كل ما باستطاعتك من أجل الوقوف معه بكل المواقف الحياتية التي يتعرض لها.

أسباب الشعور بالشفقة

1- اعتقادك بأنك أعلى مستوى وقدر ومكانة في المجتمع من الشخص الآخر، والنظر للطرف الآخر بدونيّة.
2- إيمانك بأن الشخص الآخر كان مسؤولاً بشكل أو بآخر عن الوضع المزري الذي يعيشه اليوم.
3- عدم حصولك على المعلومات الكاملة حول هذا الشخص، أو بمعنى آخر عدم معرفتك بالقصة الكاملة لهذا الإنسان.

أخيراً، في أي علاقة تدخل بها يجب عليك أن تعرف مسبقاً أين أنت من هذه العلاقة، وتتأكد من شعورك الداخلي تجاه الطرف الآخر في العلاقة، لأنه كما وضحنا في المقال السابق، يمكن لأي شخص أن يخطئ في فهم شعوره وتختلط عليه أحاسيس الشفقة والحب، ببساطة يمكن أن تقنع نفسك أنك تحب الطرف الآخر وتدخل في علاقة معه فقط لأنك لا تريد أن تجرح مشاعره؛ من هنا تبدأ مشاكل العلاقة التي لن تنتهي إلا بإنهاء العلاقة وغالباً تكون النهاية غير حضارية على الإطلاق لأن كل شخص سيبدأ في هذه المرحلة بذكر “أفضاله” على الطرف الآخر؛ للأسف على الرغم من كل التوضيحات التي يمكن أن يحصل عليها الشخص في هذه الأيام إلا أن مشكلة عدم التمييز بين الشفقة والحب لاتزال من أكثر مشاكل العلاقات شيوعاً.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟