الرسم و الصحة النفسية

فوائد الرسم للصحة النفسية

التخفيف من القلق والتوتر النفسي  للرسم تأثير مشابه لتأثير تمارين التأمل وتصفية الذهن على الجسم، لكن الرسم يتفوق أيضًا على هذه التمارين بالواقعيّة والمرئيّة، كما يشار إلى أنّ الجلوس للتأمل قد يكون بحدّ ذاته مرهقًا للجسد على عكس الرسم الذي يساعد على التخفيف من الضغوط النفسيّة والجسديّة، وتساهم حركات الرسم المتكرّرة والمتناغمة في تهدئة الدماغ وتعزيز قدرته على التعامل مع الأحداث المتسارعة والكثيفة من حوله، وبالتالي فإنه يجدر عدم الاستهانة بأيّ وقت يمكن تخصيصه للرسم في اليوم؛ إذ قد تكفي عشر دقائق من الرسم يوميًّا لملاحظة تأثيرات إيجابيّة ملحوظة على الصحّة النفسيّة والتخفيف من القلق والتوتّر النفسيّ.

التخفيف من أعراض الصدمة النفسية لقد تم إجراء دراسات حول أثر الرسم في التخفيف من أعراض الصدمة النفسيّة، ومنها دراسة نشرت في مجلة الجمعية الأمريكية لعلم النفس (بالإنجليزية: American Psychological Association) عام 2007 م، وتم إجراؤها على مجموعة من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (بالإنجليزية: Post-traumatic stress disorder) واختصارًا PTSD، وقد أظهرت الدراسة أنّ لنوع الرسومات المختارة دور مهمّ في درجة التأثير في الشخص المصاب؛ فقد تبيّن أنّ الأعراض الظاهرة على الأشخاص المصابين انخفضت لدى من قام برسم أشكال هندسيّة متناسقة بشكلٍ دوريّ بعد متابعتهم لمدة شهر، بينما لم تَظهر نتائج ملحوظة لانخفاض الأعراض لدى الأشخاص الذين قاموا برسم بعض الأجسام الأخرى، ويُشار إلى أنّه تمّ الأخذ بعين الاعتبار الفروقات الأخرى أيضًا بين المشاركين في الدراسة دون ظهور نتائج ذات أهميّة ملحوظة إلا ما تم ذكره بخصوص نوع الرسومات وأثرها في تخفيف أعراض الصدمة، كما وُجد هذا الاختلاف أيضًا في درجات القلق النفسيّ بحسب نوع الرسومات بين الأشخاص الذين تعرّضوا لصدمات نفسيّة أقلّ شدّة، وهو ما قد يظهر تأثير الرسم في التخفيف من أعراض الصدمة خصوصًا في الحالات البسيطة من المرض.

تصفية الذهن وتعزيز اليقظة والتركيز يمكن تعريف اليقظة أو التركيز بأنها القدرة الأساسية على الإدراك التامّ لما يحدث من حولنا ولما نفعله مع عدم التفاعل المفرط مع المعطيات والتأثيرات الخارجيّة،

ويشار إلى أن الرسم والتلوين يساهم في تركيز التفكير والانتباه على حركات اليد، وسطوع الألوان المستخدمة، وملمس ورقة الرسم، مع تجنّب التفكير في المشاعر؛ ممّا يساهم في تخفيف الانخراط في المشاعر والأفكار السلبيّة، كما يساعد الإبداع في الرسم على تصفية الذهن وتقبّل الشخص لذاته خلال مدّة الرسم على الأقل، بالإضافة إلى إمكانيّة انعكاس مصدر قلق الشخص ضمن رسوماته ممّا يساهم في علاج جذور المشكلة أيضًا.

تحسين المزاج يساهم الرسم في تشتيت انتباه الشخص عن الأمور والمشاعر السلبيّة من خلال التركيز بالرسم وبالتالي تحسّين المزاج لديه ويتوافق ذلك مع ما يُذكر في أسس تنظيم المشاعر،

 وفي دراسة نشرت عام 2021 م في مجلة الحدود في علم النفس (بالإنحليزية: Frontiers in Psychology) تم إجراؤها بناءً على عدد من الدراسات السابقة فقد بينت جميعها أنّ للرسم تأثيرًا أفضل في تحسين المزاج عندما يُعتبر كمصدر للإلهاء عما إذا تمّ استخدامه كوسيلة للتعبير حتى عندما يكون محتوى الرسم محايدًا؛ كرسم مبنى على سبيل المثال، ويُعزز هذه النتائج ما تمّت ملاحظته بتحسّن الأعراض وارتفاع مستويات الاستيعاب لدى الأطفال الذين يعانون من التشتّت، وذلك باستمتاعهم بالرسم عند استخدامه كمصدر للإلهاء، وقد يفسر ذلك سبب كون الرسم بهدف الإلهاء أكثر فاعلية في تحسين الحالة المزاجية من اتخاذ الرسم وسيلةً للتعبير، كما وجد أيضًا أنّ الرسومات التخيليّة؛ كالتي تتضمّن إنشاء عالم خياليّ تساهم بشكلٍ إضافيّ في تحسين المزاج.

الفوائد النفسية الأخرى تجدر محاولة إيجاد مساحة ضمن جدول الأعمال اليوميّة لتخصيص وقت للرسم لما له من تأثيرات إيجابيّة متعدّدة في الصحة النفسيّة .

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟