الأثار النفسية لفقدان الشغف

 “افعل الأشياء بحب أو لا تفعلها.”

وهنا تكمن أهمية شعور الإنسان بالشغف تجاه الأشياء التي يفعلها مهما كانت صغيرة. الشغف هو المحرّك الأساسي لكلّ شيء، وفقدانه يعني الإصابة بالخمول والكسل، لأنّ فقدانك للشغف يعني أن تفقد حماسك، وألّا يكون لديك دافعٌ لفعل أيّ شيء. فالشغف هو المحرك الذي يُحرّكنا من الداخل، وهو الذي يدفعنا للتحدّي، وكلّ شيء نمارسه مرهونٌ بمدى شعورنا بالشغف تجاهه.

فالموسيقى تتولّد نتيجة الشغف وكذلك القراءة والكتابة وطلب العلم وممارسة الرياضة.

الشغف أهم مما نتصوّر، لكن للأسف نشعر أحيانًا أننا نفقده .

أسباب فقدان الشغف :

عندما نحظى بالشغف قد لا نستطيع النوم لأجل شيء نحبه، وقد لا نشعر بالتعب أبدًا في سبيل تحقيقه! لكن شغفنا يتأرجح أحيانًا ما بين مدٍ وجزر، وهذا أمر صحي وطبيعي، لكن من غير الطبيعي أن يختفي لفترة طويلة، خاصة إذا اقترن هذا الفقدان بشعور الإحباط أو الحزن، والشعور بأنّ القلب الذي كان مثل النار المشتعلة تجاه شيءٍ ما أصبح باردًا لا يُحركه أي حماس. وقد نشعر في هذه اللحظة بأننا محبطون من أنفسنا ونتساءل عن سبب فقدان الشعور بالشغف الذي كان موجودًا في الماضي!

من أسباب فقدان الشغف:

    • فقدان المحفز الأساسي الذي يدعو للإنجاز، وتحوّل الشيء الذي يُمارسه الشخص إلى روتين أو نمط حياة يومي سواء في العمل أو في البيت أو حتى على مستوى ممارسة الرياضة المفضلة أو الهوايات.

    • عدم وجود هدف محدد ليتم التركيز على تنفيذه، أي فقدان البوصلة الداخلية التي تجعل الشخص يسعى لتنفيذ هدف ما.

    • فقدان الشعور بالإنجاز، وتكرار الفشل، وعدم تقدير الغير لإنجازنا سواء المدير أو الأصدقاء أو الأهل.

  • فقدان الشعور بالإلهام، وقد يكون بسبب فقدان الشخص الملهم في الحياة.

  • الشعور بالملل أو التوتر أو الإرهاق الجسدي.

  • الإرهاق العاطفي الذي يجعل الشخص يشعر بأنه مستنفذ عاطفيًا ولم يعد بإمكانه منح نفسه أو الآخرين أي شيء على المستوى النفسي أو العاطفي.

  • عدم وجود إحساس بالإنجازات الشخصية، والشعور بعدم الثقة، وغياب المكافآت والتقدير.

  • الاحتكاك بالأشخاص السلبيين الذين يُؤثرون على طريقة التفكير.

  • الانحراف عن المسار الصحيح في الحياة، مما يُسبب تشتت الأحلام والأهداف والتخبّط في إنجازها، وعدم الرغبة في إتمامها.

  • الحزن العميق الذي يجعل الشخص يرى الأشياء تافهة، مما يُقلل من حماسه لإنجاز الأعمال أو تحقيق الأهداف.

طرق استعادة الشغف :

استعادة الشغف تحتاج إلى إعادة التحفيز والشعور بالحماس، ولهذا لا بدّ من السعي لاستعادته بأسرع وقت، فإذا كنت مثلًا تملك الشغف لقراءة القصص ووجدت نفسك فقدت هذا الشغف فمن الممكن أن تُغير قراءة القصص لقراءة الشعر أو الخواطر كي تستعيد شغفك بالقصص من جديد. وإذا كنت نحاتًا مثلُا، فيُمكنك زيارة المتاحف الأثرية للاطلاع على المنحوتات القديمة وإيجاد الإلهام. وإن كنت نجارًا قد يُساعدك الذهاب إلى أماكن بيع الأثاث الخشبي للاطلاع على الأفكار الجديدة. هذه كلّها أفكار تُساعدك لتحفيز إبداعك ومنحك رؤية جديدة وشغفًا كبيرًا،

هذه الأفكار تُساعدك على إضافة تنويعا إلى أيامك وطريقة تنفيذك للمهام المطلوبة منك .

جدد شغفك بالخطوات الآتية:

    • منح النفس الوقت الكافي للراحة لأجل التعافي وإعادة شحن الطاقة، وقد تكون هذه الخطوة هي كل ما يحتاجه فاقد الشغف كي يستعيد عافيته وحماسه.

    • أخذ إجازة قصيرة للحصول على الإلهام من جديد

    • قضاء مزيد من الوقت مع النفس، وزيادة الاهتمام الذاتي لاستعادة التوازن الداخلي.

    • التركيز على نقاط القوّة من جديد، ومحاولة اكتشاف هوايات ومواهب جديدة.

    • تقليل الضغط والتوتر والإرهاق قدر الإمكان، وعدم الخوف من التراجع قليلًا لأخذ المساحة الكافية لإعادة الانطلاق.

  • التغيير في طريقة تنفيذ الأشياء للتخلص من الملل والخروج عن التكرار الذي يُطفئ الشغف ويجعل تنفيذ الأشياء روتينيًا.

  • تجريب طرق العصف الذهني الذي يُساعد على الابتكار والتغيير، فتغيير صغير هنا قد يُحدث اختلافًا كبيرًا.

  • تغيير المكان الذي تُمارس فيه عملك، أو يمكن تغيير الديكور في البيت أو المكتب لمنحهم أجواءً جديدة.

  • الاعتناء بالصحة البدنية، فلا يمكن أن يكون الإنسان كامل الشغف إن كان يُعاني من مرض أو ألم، لأنّ الألم سيأخذ جلّ تفكيره، ولن يكون لديه أي دافع لفعل أيّ شيء.

  • عدم الاستسلام لأي ظروف صعبة، والبحث دومًا عن نافذة النور التي تُعطي الحافز والشغف الكبير.

  • ممارسة بعض العادات التي تخلصك من الطاقة السلبية وتُشعل حماسك من الداخل مثل: الرياضة اليومية المنتظمة ورياضة التأمل “اليوغا” وتناول الطعام الصحي والقراءة.

  • البعد عن الأشخاص الذين يُركزون على كل ما هو سلبي، سواء في الحياة الواقعية أو حتى على مواقع التواصل الاجتماعي.

إذا فقدت شغفك فأنت بذلك تضمن أن يظلّ أداؤك متواضعًا في كلّ شيء. ستُشبه بذلك 80% من الناس العاديين الذين يقضون حياتهم بطريقة نمطية ليس فيها أي شيء مثير للاهتمام. أما الشغف قد يجعلك من ال20% الذين يحققون الشهرة والنجاح والتفوق. تخلّص من كلّ شيء يمتصّ طاقتك ويأخذ منك شغفك. قل لا لمن يُحاول وضعك في قالب واحد، ولا ترضى أن تكون شخصًا مهمشًا سواء في العمل أو في البيت. لا ترضى بأقل مما تستحق، وتذكر جيدًا أن الشغف شيءٌ نابعٌ من أعماقك، ولن يصحو إلّا إذا أيقظته. ولن يكون لديك الدافعية لتحقيق أيّ إنجاز طالما لم تسعَ له.

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟