أنخفاض تقدير الذات (2)

أسباب انخفاض تقدير الذات

يعتبر تدني وانخفاض احترام الذات من أكثر المشاكل النفسية تعقيداً من حيث الأسباب، يعود هذا التعقيد إلى تأثير تفاعلنا مع كل ما هو حولنا من تجارب وبيئات مختلفة وفي مراحل عمرية مختلفة على صورتنا الذاتية ونظرتنا الداخلية، إضافة إلى اختلاط الأسباب بالنتائج في كثير من الحالات وتفاعل الأسباب مع بعضها بشكل ديناميكي، ويمكن ذكر أبرز أسباب تدني احترام الذات على الشكل التالي .

1- العوامل الجينية: على الرغم من الجدل القائم حول تأثير العوامل الوراثية على الشخصية وتفاعلها مع البيئة الاجتماعية، إلى أن الأبحاث تشير إلى أن الاختلافات الوراثية التي تسبب اختلافات بمستويات هرمونات السعادة تلعب دوراً مهماً بتعزيز الثقة واحترام الذات أو العكس.

2- التجارب الشخصية: تؤثر التجارب الشخصية بشكل كبير على نظرتك لذاتك ومدى تقديرك لنفسك واحترامك لها، ومن أبرز التجارب التي تعتبر سبباً لانخفاض تقدير الذات:
– الصدمات: الصدمات المختلفة التي يمر بها الإنسان وطريقة تفاعله معها تساهم في رسم ملامح الصورة الذاتية، فالتعرض للصدمات النفسية المفاجئة أو المرور بتجربة سيئة ممتدة يعتبر سبباً من أسباب تدني احترام الذات.
– الطفولة التعيسة: عندما كانت مرحلة الطفولة من أهم مراحل تكوين الصورة الذاتية فإن الطفولة التعيسة تؤدي إلى انخفاض احترام الذات، ومظاهر الطفولة التعيسة تبدو واضحة في التعرَّض للقسوة والإساءة الجسدية أو العاطفية والإذلال والفقر أو الأسرة المفككة أو الأب المدمن… وغيرها.
– السياق التربوي: حتى وإن لم تكن الطفولة تعيسة بمعنى الكلمة، لكن بعض الممارسات التربوية الخاطئة قد تهدد الصورة الذاتية وتجعل من الطفل أقل احتراماً لذاته، مثل المقارنة المستمرة وتحطيم المعنويات أو الإهمال العاطفي.
– الإساءة العاطفية والجسدية والتنمر: في مرحلتي الطفولة والمراهقة قد تكون البلطجة والتنمر في المدرسة والمنزل سبباً رئيسياً لتدني احترام الذات، وفي مراحل لاحقة قد يؤدي التنمر في مكان العمل أو الدراسة إلى تحطيم وتشويه الصورة الذاتية.

3- النوع والعرق والتوجه الجنسي: إن التجارب العنصرية المختلفة تعتبر حاسمة في تشكيل صورة الذات، فالتعرض للعنصرية بسبب النوع أو العرق تساهم في خفض احترام الذات، كما أن التوجه الجنسي غير المألوف وما يواجهه من رفض اجتماعي يخفض تقدير الذات.

4- المنطلقات الفكرية الخاطئة: فهمنا لطبيعة الثقة بالنفس وتقدير الذات ومتطلباتها يتحكم إلى حد بعيد برسم الصورة الذاتية، فالعسي المحموم وراء الكمالية واحد من الاضطرابات التي تؤدي إلى تدني تقدير الذات، وكل فهم خاطئ للثقة بالنفس يؤدي إلى خفض احترام الذات، ولذلك وجدنا أنه من الضرورة توضيح مفاهيم الثقة بالذات والصورة الذاتية بإسهاب في الفقرات السابقة.

5- الاكتئاب والقلق: من الأعراض المصاحبة للاكتئاب والقلق عادةً تشوه الصورة الذاتية وانخفاض تقدير الذات والثقة بالنفس، فقد يكون انخفاض تقدير الذات سبباً للاكتئاب أو نتيجة له.

6- تجارب أخرى: ومن التجارب الأخرى التي تؤدي إلى انخفاض احترام الذات أيضاً

، إدمان المخدرات أو الكحول، السلوك الإجرامي، التسرب المدرسي والضعف الدراسي، اضطرابات الأكل والشهية، النشاط الجنسي، المظهر الخارجي وغيرها.

7- العالم من حولنا: صدق أو لا تصدق؛ فإن الأساليب التسويقية التي تلجأ إليها الشركات التجارية قد تكون سبباً في خفض احترام الذات عندما تسلط الضوء على نقص ما في شخصيتك أو قدراتك مدَّعية أنها قادرة على تعويضه، على غرار “لن تبقى أسداً خجولاً بعد اليوم”!، أضف إلى ذلك الشخصيات الدرامية والروائية التي قد يعمق وصفها شعورك بانخفاض الاحترام لذاتك، وماذا عن وسائل التواصل الاجتماعي .

أهم تقنيات وطرق تنمية تقدير الذات وتعزيز الثقة بالذات :

1- قاطع النقد الذاتي السلبي: يعتبر الصوت الداخلي واحداً من الجوانب الأكثر تأثيراً على الصورة الذاتية، وفي سبيل مواجهة احتقار الذات وتعزيز تقدير الذات لا بد من تعلُّم مقاطعة الخطاب السلبي مع الذات.
راقب نفسك وتوقف عن الحديث مع نفسك بصفات سلبية (أنا غبي، أنا قبيح، لا أحد يحبني، أنا بدين، لا أجيد التصرف، لا أعرف كيف أتعامل، لا أستحق،…إلخ)، خاطب نفسك باحترام كما يجب أن تفعل، وتوقف عن جلد الذات،

2- أعد تقييم ذاتك: في سبيل مواجهة الناقد الداخلي لا بد أن تعيد تقييم ذاتك، اكتب الصفات السلبية التي تكررها بينك وبين ذاتك بشكل مستمر، حاول أن تتذكر متى بدأت تنعت نفسك بهذه الصفات، واكتب على الضفة الأخرى الصفات الجيدة التي تعتقد أنك تتمتع بها أو ترغب أن تكون لديك، واكتب الصفات الجيدة التي يقولها لك الآخرون.
أعد تقييم نفسك بالورقة والقلم، وتأكد أن الشتائم التي توجهها لنفسك لن تكون ذات فائدة أبداً، استبدلها بصفات واقعية وقابلة للقياس والتقويم، وحافظ على القائمة في سبيل تحديثها باستمرار.

3- توقف عن مقارنة نفسك بالآخرين: تخلى عن مقارنة نفسك بالآخرين، وابدأ بالمقارنة بين أهدافك وإنجازك، بين ما أنت فيه الآن وما تطمح أن تكون فيه، اجعل المقارنة ذاتية بالمطلق، ابدأ بتقويم سلوكك وإعادة تعيين مشاعرك على هذا الأساس، وتذكَّر أن ما يعرضه الآخرون وما يقولونه عن أنفسهم ليس الحقيقة كلها.

4- تعلَّم التعاطف الذاتي: إن التعاطف مع الذات خطوة كبيرة في تعزيز تقدير واحترام الذات، أعد النظر في مفهوم الفشل والنجاح، وأعد النظر بمفهوم الكمال والكمالية، يجب أن تتقبل الفشل، أن تتفهم وجود التجارب السلبية كجزء طبيعي من التجربة الإنسانية، ويجب أن تتسامح مع أخطائك السابقة وأن تغفر للذين أخطأوا بحقك لتبدأ من جديد، وكن لطيفاً مع الآخرين.

5- بناء علاقات إيجابية: إن انتقاء الأشخاص المقربين والمحيطين بنا سيلعب دوراً كبيراً في تعزيز تقديرنا لذاتنا، لا بد أن نتخلص من العلاقات السامة والصداقات السلبية، ونبحث عن أشخاص ملهمين متعاونين وصادقين بمحبتهم.

6- ارسم حدوداً واضحة: في سياق متصل لا بد من وضع حدود واضحة لتعامل الآخرين معنا، لا بد أن نقمع المتنمرين ونوقفهم عند حدهم، أن نرسم ملامح جديدة لعلاقاتنا مع السلبيين والساخرين والمحبطين، ولا بد من تعزيز منطقتنا الشخصية ومنع الآخرين من استسهال الإهانة أو التدخل في شؤون شخصية.

7- أعد تخطيط أهدافك: عادةً ما تؤثر نظرتنا الذاتية على طموحنا وأهدافنا بشكل كبير، لذلك فإن خطوة إعادة وضع الأهداف وآليات تحقيقها تعتبر خطوة جوهرية في سبيل تغيير نظرتنا الذاتية وتعزيز تقدير الذات.

8- ابدأ برحلة النجاح: لتبدأ برحلة نجاح حقيقية لا بد أن تضع رسالة تلخص هدفك الكبير من الحياة .

أخصائي نفسي

الولاء مكي

 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟