أضطراب الشخصية الاعتمادية

اضطراب الشخصية الاعتمادية “أنا أعتمد عليك في كل شئ” جملة قد نسمعها كثيرا في حياتنا اليومية ولكن هل تصبح دليل على إصابتك باضطراب الشخصية الاعتمادية أحد أنواع اضطرابات الشخصية أم أنها تدل على ثقة كبيرة في من حولك؟

اضطراب الشخصية الاعتمادية :

هو اضطراب شخصية قلقة يوصَف بعدم القدرة على الانفراد، إذ يتعرض المصابون به للكثير من القلق عندما لا يحاطون بالناس، ويتكلون على الآخرين من أجل المواساة والتشجيع والنصيحة والدعم.

قد يواجه الأصحاء (غير المصابين بهذه الحالة) مشاعر عدم ثقة بالنفس أحيانًا، لكن الاختلاف هنا أن الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الاعتمادية يحتاجون للتشجيع من الآخرين للانخراط في الحياة بشكل عام.

يُظهِر هذا الاضطراب عند الأشخاص المصابين علامات في مراحل مبكرة ومتوسطة من سن البلوغ.

هو اضطراب يتميز بعدم قدرة الشَخص على البقاء بمفرده، والاعتماد على نصائح ودعم الآخرين دائمًا بشكل مرضيّ، حيث يُمكننا أن نشبّه اضطراب الشّخصيّة الاعتمادية بالطّفل الّذي يحتاج إلى رعاية أبويّة كاملة، ليستطيع أن ينجو وينمو .

يحدث هذا الاضطراب بنسبة متساوية بين الرجال والنّساء .

 

أعراض اضطراب الشخصية الاعتمادية  :

 تختلف من شخص لآخر لكنها تتفق في أن أغلبها يمتاز بعدة سلوكيات تشمل:

1. التصرف بخضوع :

هذا التصرف يجعل لديك الاستعداد لتحمل سوء المعاملة والإيذاء من الآخرين على حساب نفسك لسبب واحد وهو أنك تظن أنهم لا تستطيع العيش دون اعتمادك على الغير.

2. الاعتماد على الأصدقاء أو العائلة في صنع القرار:

يولد هذا الأمر عدم القدرة على اتخاذ القرار و تجنبك حمل المسؤولية الشخصية، بما في ذلك المهام التي تتطلب أداءً مستقلاً عاديا والقرارات البسيطة جدا.

3. الحاجة إلى طمأنينة متكررة:

عدم القدرة على اتخاذ قرارات يومية مشتركة دون طمأنة الآخرين هي عرض ثابت ومن أكبر الدلائل على الاضطراب.

4. سهولة التأذي من الرفض:

لأن الشخص الاعتمادي يتأذى من الرفض فإنه يتجنب الخلاف مع الآخرين خوفا من فقدان دعمهم أو قبولهم له، لذا تغيب شخصيتك بموافقتك لهم على كل شيء يفعلونه.

5. الشعور بالعزلة والعصبية عندما تكون وحدك:

وقد يخلف هذا الشعور لديك شعورا بالتشاؤم وعدم الثقة بالنفس لاعتقادك بأنك غير قادر على رعاية نفسك، ويتخلي العالم عنك مما يجعلهم عصبيين.

6. الحساسية المفرطة للنقد :

لا عجب في وضعك كشخص اعتمادي احتياجات شركائك فوق احتياجاتك لأنك تظن أنك بهذا تشتري دعمهم وقبول الآخرين لك بما يضمن لهم عدم وجود قدرتك على انتقادهم.

7. الخوف من الهجر :

لدى الشخص الاعتمادي خوف شديد من الهجر وإحساس بالدمار أو العجز عندما تنتهي العلاقات لذا يميل إلى البحث بسرعة والبدء في علاقات جديدة تتضمن إطار الاعتماد على الغير .

ما هي عوامل التعرض للخطر؟

تشمل بعض عوامل التعرض للخطر والتي يمكنها المساهمة في تطوير هذا الاضطراب:

  • سوابق من التجاهل.

  • تربية فاسدة.

  •  علاقات فاسدة مؤذية طويلة الأمد.

  •  آباء مبالغون في العناية أو آباء استبداديون.

  • -وجود سوابق عائلية من اضطرابات القلق.

تشخيص اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة :
إذا كنت تعتقد أنَّك مصاب باضطراب الشّخصيّة الاعتماديَة، فعليك أن تزور الطّبيب، حيث إنَّه قادر على تحديد إذا ما كانت تلك الأعراض خاصَّة باضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة، أو أنّها شيء آخر، فيمكن أن تتشارك أعراض اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة مع اضطراب آخر مثل الشّخصيّة الحَدّيّة، وهو ما يستطيع أن يحدّده الطّبيب، إذ يتميز اضطراب الشّخصيّة الحَدّيّة، باستجابة الشّخص لمخاوف الهجر ولكن مع الشّعور بالخواء، والغضب، أما في اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة، فإنَّه دائمًا ما يسعى إلى علاقة أخرى بعد الهجر للحفاظ على اعتماديّته.
سيبدأ طبيبك في تسجيل تفاصيل حالتك، من حيث أعراضك وحالتك العقليّة وكيف كانت الأعراض وكيف أصبحت، ومن المؤكّد أنَّه سيسألك عن طفولتك، وحياتك الحاليّة، فلا تتردد أن تخبر طبيبك بكل ما تمر به وتختبره سواء كنت تعتقد أنَّ له علاقة مباشرة باضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة الذي تمرّ به أم لا.
علاج اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة :
كعادة الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة، فإنَّهم لا يبحثون عن علاج للاضطراب نفسه بشكلٍ مباشر، ولكن ربّما يبحثون عن حل لمشكلة ما في حياتهم -وغالبًا ما تكون هذه المشكلة مرتبطة بسلوك خاصٍّ بهذا الاضطراب-، حيث إنَّ الأشخاص المصابين باضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة، أكثر عرضة لتطوُّر الاكتئاب والقلق المرضيّ، وعادًة هذا ما يدفعهم للبحث عن مساعدة.
العلاج النّفسيّ  هو الخطوة الأولى في رحلة التّعافي، فالعلاج يساعدك على فهم حالتك أكثر، وتحسين احترامك لذاتك، ويعلّمك طرق جديدة لبناء علاقات صحيّة مع الآخرين،
 العلاج النفسيّ في حالة اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة، يُستخدَم على المدى القصير، حيث يمكن أن يضع الشّخص المصاب به في خطورة الاعتماد على الطّبيب، ولذلك يجب أن يوازن الطّبيب بين طرق العلاج المختلفة، وغالبًا ما يكون من المفيد للطّبيب والمريض معًا الانتباه إلى دور الطّبيب أين يبدأ وأين ينتهي، حتى لا يُكوِّن نفس الاعتماديّة السّلبيّة في العلاقة بينه وبين الطّبيب.
يمكن أيضًا استخدام العلاج الدّوائيّ، كعلاج لاضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة، وذلك إذا كان مصاحبًا لمشاكل أخرى، مثل القلق المرضيّ والاكتئاب، ويجب أن تُأْخَذَ الأدوية بحذر، خوفًا من سوء الاستخدام من قبل المصابين باضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة.
وبالرغم من أنَّ منع حدوث اضطراب الشّخصيّة الاعتماديّة غير ممكن، إلَّا أنَّ علاج هذا الاضطراب يسمح للمصابين به تعلُّم طرق أكثر إنتاجيّة وإيجابيّة للتّعامل مع المواقف، ولذلك فإن الشّيء الأكثر أهميّة في العلاج، هو أن تكون منفتحًا وأمينًا مع طبيبك، لا تخشى أن تخبره ما تشعر به، وما تختبره في كل مرحلة من خطّة العلاج، سوف يساعدك هذا كثيرًا في أن تكون أقلّ اعتماديّة، ويجعلك قادرًا على صُنع قراراتك الخاصّة، وإنشاء علاقاتٍ صحيّة أكثر.

 

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟