أساليب تربية الأطفال

مفهوم أساليب وأنماط تربية الأطفال

تحدثنا في مقال سابق عن مفهوم السياق التربوي، ومعنى أن ينتهج الأهل سياقاً تربوياً متكاملاً في تربية الأبناء تربية صحيحة، ويعتبر مفهوم أساليب وأنماط التربية مفهوماً رديفاً للسياق التربوي، لكنه يتعلق بشكل أساسي بطبيعة الأمومة والأبوة التي تميّز الأهل.
وقد اهتم علماء التربية وعلماء نفس الطفل اهتماماً استثنائياً بأنماط وأساليب التربية وتأثيرها على سلوك الأطفال وشخصيتهم على المدى الطويل والقصير، ذلك أن أنماط الأبوة وأساليب تربية الأطفال تنعكس على الأطفال في مرحلة مبكرة جداً، حتى أن أشهر نظريات التربية أقيمت على دراسة الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة.
ولطالما كان السؤال التربوي الأهم؛ لماذا الأطفال الذين نشأوا في بيئة مختلفة وفي ظروف مختلفة قد يبدون متشابهين فيما بعد؟ وفي نفس الوقت الأطفال الذين يتربون في نفس المنزل وفي بيئة متشابهة إلى حد بعيد قد يختلفون بشكل كبير وتكون لديهم شخصيات مختلفة؟ 

معنى مفهوم التربية وتنشئة الطفل

هي رحلة تبدأ من اللحظة الأولى لحدوث الحمل، تمر هذه الرحلة بمراحل عديدة والكثير من التجارب والمواقف والأحداث، وخلال هذه الرحلة هناك ما يجب فعله لضمان نشأة الطفل صحياً وتعليمياً ونفسياً واجتماعياً.
فمع حدوث الحمل يبدأ العمل لتحقيق هذه الغاية من خلال عناية الأم الحامل بصحتها وتغذيتها وحالتها النفسية، ثم تنتقل للعناية بالطفل بعد ولادته من التغذية والعناية الصحية، ثم يكبر الطفل وتظهر الحاجة لتعليمه بعض المهارات البسيطة مثل الكلام والوقوف أو المشي.
وفي المرحلة للاحقة تبدأ عملية التربية بأخذ شكل آخر كالحاجة لدخول المدرسة وتعلم الأنظمة والقوانين المرتبطة بها، وكل ما أنهى الطفل مرحلة من هذه المراحل تبدأ مرحلة جديدة وتبدأ معها حاجات تربوية جديدة في عملية تنشئة الطفل حتى يصبح في النهاية فرداً كامل العضوية ومكتمل النضوج في المجتمع.

الطرق الصحيحة لتربية الأطفال

أعتقد أنَّنا وضّحنا مفهوم السياق التربوي وعلاقته بتربية الأولاد الصحيحة بشكل جيد، وحان الوقت لننتقل للنقطة الأهم، وهي كيف يمكن رسم السياق التربوي لاختيار الطرق الصحيحة في تربية الأبناء، إليكم هذه النصائح:

ابدأ باكراً في تربية صحيحة
إذا كنت حتى الآن لم تخطط لتربية أبنائك بطريقة واعية وما زلت تعتمد على التربية الفوضوية أو غير الهادفة، يجب أن تبدأ فوراً، وكلما بدأت في وقت باكر بتحديد أهداف العملية التربوية وكيفية تربية أولادك وما تتوقع من هذه التربية؛ كلما حصلت على نتائج أفضل.

حدد أهدافك ورسالتك من تربية الأبناء
لا يوجد نمط أو سياق تربوي صحيح بالمطلق، بل يجب على كل والد ووالدة أن ينظما سياقاً تربوياً خاصاً بهما يلبي تطلعاتهما من العملية التربوية، وذلك من خلال تحديد مجموعة الأهداف (أريد أن أربي طفلاً يحترمني، يثق بنفسه، يجيد التعامل مع الآخرين، خلوق، متفوق…)، وتحديد الرسالة التربوية (رسالتي أن يكون طفلي فخوراً بتربيته وفخوراً بنفسه وبوالديه) مثلاً.

اهتم بسعادة أطفالك
ما يجب أن ينتبه إليه الأهل في تربية الأبناء أن سعادة الطفل أولوية، فالطفل ليس وعاءً نملأه بآرائنا وأفكارنا وتوقعاتنا، بل هو كيان مستقل وإنسان قبل كل شيء، بناء عليه يجب أن تكون رفاهية الطفل وسعادته جزءاً أساسياً من السياق التربوي، وذلك من خلال:
– كن سعيداً وإيجابياً ومتفائلاً، فالخطوة الأولى في سعادة الطفل أن يرى سعادة والديه.
– اهتم بقدرة أطفالك على تكوين صداقات وعلاقات إيجابية، وساعدهم على التمييز بين أشكال العلاقات المختلفة وأنماطها.
– توقع الجهد وليس الكمال

– حافظ على الأنشطة العائلية المشتركة كتناول الطعام معاً والنزهة والنشاطات المختلفة، دون إجبارهم على نشاط يكرهونه.

راجع تناسق السياق التربوي
تذكر دائماً أن كل عاداتك وأفكارك وسلوكك ونظرتك إلى الأمور وتفاعلك مع المواقف وعلاقتك بزوجتك وأهلك، إلى جانب مكان إقامتك ومستواك المادي وعلاقتك مع الآخرين واختيارك للمدرسة أو النادي لأطفالك؛ كل ذلك يعتبر أجزاءً من السياق التربوي، يجب أن تنظر إليها نظرة شاملة بحيث تتأكد أنها تتفاعل معاً بالشكل الأمثل للوصول إلى تربية الأبناء الصحيحة.

لا تهمل أي جانب من جوانب السياق التربوي
عادة ما يهتم الأهل بجوانب معينة في عملية التربية على حساب جوانب أخرى، نجدهم مثلاً يهتمون بالتحصيل العلمي للأطفال ويهملون العادات الصحية اليومية، يهتمون بتعليم الأطفال العبادات الدينية والالتزام بها ويهملون تعليمهم المنطلقات الأخلاقية لتلك العبادات، يهتمون باحترام الأطفال للآباء أمام الناس ويهملون مشاعر الطفل الحقيقية تجاه أبويه، وهنا تكمن أهمية تنظيم السياق التربوي الصحيح، ليمنح نظرة شاملة ومتوازنة للعملية التربوية.

تحمَّل المسؤولية
واحدة من أهم منطلقات التربية الصحيحة أن يتحمَّل الآباء المسؤولية عن الأخطاء التربوية، فعندما يتصرف ابنك بطريقة خاطئة يجب أن تتحمل أنت المسؤولية وتبحث عن الثغرة في السياق التربوي التي خلقت عنده سلوكاً مرفوضاً، وتذكر أن العقاب لن يكون فعالاً إن لم يكن موظفاً ضمن السياق التربوي، والتنصل من المسؤولية سيكون بلا شك سلبياً على تربية الأبناء ككل.

تربية الأبناء الصحيحة عملية مستمرة ويومية
أخيراً..
. يجب أن تتذكر أن تربية الأبناء عملية متصلة ومستمرة، لا يمكن أن تتعامل معها كمجموعة من الواجبات نؤديها وننتظر النتائج، بل يجب أن تتفاعل مع الظروف والمتغيرات، وتهتم بالتفاصيل اليومية الخاصة بأطفالك، بنموهم وتطورهم، وتطور العلوم التربوية من حولك، والتجارب الشخصية التي يخوضونها، والمفاهيم التي تعترض طريقهم ويفكرون بها…إلخ، يجب أن تكون مربياً جيداً اليوم وكل يوم وإلى الأبد.

 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟