أزمة الهوية عند المراهقين

أزمة الهوية عند المراهق

كثر هم في هذا العالم من يعانون من أزمة الهوية، ولعل على رأسهم المراهق الذي يمرّ بأعراض عدة في مرات يمكن توصيفها بأزمة هوية المراهق، حين لا يملك هو نفسه معرفة خياراته بشكل جيد ولا توجهاته ولا اهتماماته ولا حتى هواياته.
يعاني المراهق الذي يقاسي أزمة هوية المراهق من تقلّبات فكرية حادة؛ إذ قد تجده في مرحلة ما منجرفاً نحو أقصى اليمين في أفكاره، فلا يلبث أن يذهب لأقصى اليسار، وهكذا. أي أن المراهق الذي يعاني من أزمة الهوية لا يعرف هو نفسه أي الانتماءات بوسعه أن يُصنّف ذاته ضمنها. سياسياً وفكرياً ودينياً.
تعدّ مرحلة المراهقة مليئة بالتخبط، وأزمة هوية المراهق من أشهر مظاهر هذا التخبط، لكن ثمة عوامل عدة تُسهِم في حدوث هذا وظهوره بشكل لافت، لعل أهمها الاضطرابات النفسية والمتاعب الصحية والانحرافات السلوكية والمشاكل العائلية.
لذا، يُنصَح دوماً بالتنشئة السليمة للطفل، ضمن هوية جنسية ودينية وحضارية محدّدة، ومن دون تغييب الآخر في الوقت ذاته، أي إفهام الطفل أنه ينتمي لكذا، وأن هنالك أيضاً كذا وكذا من أطياف غيره، وأن أحداً لا يلغي الآخر. لكن الهوية الضبابية في الطفولة ولدى العائلة هي المسبّب الرئيس لأزمة هوية المراهق في مراحل لاحقة.
بوسعكِ معرفة أن ابنك أو ابنتك في عمر المراهقة يعانيان من أزمة هوية المراهقة من خلال أمور عدة منها ما يتعلّق بالمظهر؛ إذ قد ترتدي ابنتكِ في عمر المراهقة الحجاب واللباس الديني لفترة ما، فتذهب لنزعه والذهاب للنقيض في فترة لاحقة، كذلك الحال مع ابنكِ الذي قد ينادي بأقصى مبادئ اليمين في فترة ما، وسرعان ما يذهب لأقصى طروحات اليسار في فترات أخرى.
كما بوسعكِ ملاحظة أزمة هوية المراهق لدى ابنكِ أو ابنتكِ من خلال الدخول في حالات اكتئاب غير مبرّرة في مرات، وحيرة، وكذب على الأهل والرفاق في المدرسة بشأن أمور كثيرة لا مبرّر لها. وكثيراً ما يعاني المراهق الذي يمرّ بأزمة هوية المراهقة من الانطواء والنكوص والتراجع الدراسي والخجل غير المبرّر، أو على النقيض من ذلك، التنمّر والاستقواء على الآخرين .

 

ما هي الأسباب التي تؤدي لأزمة الهوية لدى المراهق؟
ما سبق، يجعل من مهمة تعداد الأسباب التي تفضي لأزمة هوية المراهق، مهمة سهلة إلى حد ما؛ ذلك أنه بالوسع تلخيص أسباب أزمة الهوية لدى المراهق .,

  • العائلة التي تعاني من أزمة هوية، هي نفسها، تسهم في حدوث أزمة هوية المراهق لدى الابن أو الابنة المراهقين.

  • عدم إفهام الابن أو الابنة المراهقين هويتهما الواضحة منذ الطفولة، جنسياً ودينياً وحضارياً، أي ترك الأمور تأتي كيفما اتفق بلا توعية. يُسهم هذا في حدوث أزمة هوية المراهقة في عمر لاحق.

  • المشاكل العائلية التي تنشب بين الوالدين هي المسبّب الرئيس لأزمة هوية المراهق، والتي تغذي القلق والتوتر والشعور باللا استقرار.

  • التغيرات الهرمونية والجسدية المتسارعة تسهم في حدوث كثير من التقلّبات المزاجية والعاطفية الحادة لدى المراهق، ولعل أكثر ما يظهر من هذه الاضطرابات تلك المرتبطة بأزمة هوية المراهق لاحقاً.

  • تعرّض المراهق للسخرية من آخرين أو التنمّر والاستقواء من قِبل البعض في العائلة أو المدرسة، يسهم في تحوّله من تيار لآخر؛ رغبة منه في محاولة استرضاء الآخرين، وهو ما ينتج عنه في مرات كثيرة أزمة هوية المراهق.

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟