أدمان العمل وأثرة النفسي

مفهوم إدمان العمل

حتى الآن لم يتم الاعتراف بإدمان العمل كاضطراب نفسي أو عقلي مميز على غرار اضطراب ألعاب الانترنت الذي تم الاعتراف به مؤخراً، حيث لم يتم إدراجه في آخر إصدار من الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض والاضطرابات النفسية والعقلية DSM 5، لكن إدمان العمل يشبه إلى حد بعيد أنواع الإدمان السلوكي الأخرى، مع وجود بعض الفوارق التي نتطرّق لها في مكانها.
فإدمان العمل هو الإقبال على العمل بشكل قهري وفوق طبيعي، دون أن يكون الشخص قادراً على السيطرة أو التوقف بشكل إرادي، وسيكون العمل في هذه الحالة هو السلوك الأهم في الحياة الذي يمنح الشخص المصاب بالإدمان الراحة والطمأنينة والثبات، وحتى مع إدراك الشخص للآثار السلبية لإدمان العمل إلَّا أنه لن يستطيع التوقف وسيشعر بالعجز أمام الامتناع عن العمل أو أخذ فترة استراحة؛ لنتعرّف إلى أعراض إدمان العمل.

 

أسباب الإدمان على العمل

غالباً ما تكون أسباب إدمان العمل ذاتية تتعلق بنظرة الفرد إلى ذاته وإلى محيطه وفهمه للقيمة والصورة الاجتماعية وسمات شخصيته، إضافة إلى بعض الأسباب الموضوعية كطبيعة العمل أو الاعتياد أو الظروف المالية السابقة والراهنة، ويمكن النظر إلى مجموعة من الأسباب الرئيسية لإدمان العمل:

  1. تدني احترام الذات: يرتبط إدمان العمل بشكل كبير بتدني احترام الذات والشعور بالدونية، حيث يلعب العمل الشاق والدؤوب دوراً في تحسين الصورة الذاتية وتعزيز احترام الذات، ويخشى المدمن على العمل أن يكون تقليص ساعات العمل أو رفض بعض المهمات سبباً لتدهور صورته الاجتماعية أو انخفاض احترامه لذاته، وقد تحدثنا عن هذه النقطة بالتفصيل في مقالنا عن انخفاض تقدير الذات وتشوّه الصورة الذاتية. كما أنَّ حاجة البعض للاهتمام المستمر تدفعهم إلى التفاني أكثر في العمل للحصول على الثناء والإعجاب والاهتمام، وعادة ما يقدم أصحاب العمل اهتماماً استثنائياً بالمدمنين على العمل.

  2. المخاوف والهواجس: ويُعتقد أن هناك مجموعة من المخاوف والهواجس الشخصية التي تؤدي إلى الإدمان على العمل، أبرزها الخوف من التغيير والهواجس المالية

  3. الكمالية: الأشخاص الذين ينشدون الكمال في حياتهم يبدون ميلاً أكبر للإدمان على العمل، والكمالية قد تكون ناتجة عن سياق تربوي يكرس مفاهيم العمل الشاق والدؤوب والاجتهاد والمثابرة وقد ترتبط ببعض الاضطرابات النفسية مثل الوسواس القهري.

  4. التغلب على المشاعر السلبية: يندفع البعض نحو العمل للتغلب على مشاعر القلق والإحباط أو المشاكل والضغوطات اليومية أو حتى هروباً من التعاسة الزوجية.

  5. طبيعة العمل نفسه: هناك بعض المهن التي تفرض على أصحابها التزاماً أكبر وساعات عمل أطول لتحقيق الذات وتطوير السيرة المهنية، مثل الطب والمحاماة، وقد يكون إدمان العمل متعلقاً بطبيعة هذه المهن وما تتطلبه من جهد مضاعف للحفاظ على التقدم.

  6. الهروب والتجنب: رغبة المصاب بهذا الاضطراب بأداء أعمال محددة ومعروفة مسبقاً تجنباً لتجارب جديدة، وقد يدعم اضطراب التجنَّب إدمان العمل للهروب من المشاكل المختلفة وتجنب الصراعات المحتملة في الحياة.

  7. حب العمل: ببساطة قد يكون إدمان العمل مرتبطاً بالشغف وحب العمل أكثر من أي شيء آخر.

علاج الإدمان على العمل
بطبيعة الحال سيكون تحديد مستوى الإدمان على العمل مهماً في تحديد آليات العلاج، حيث يتم تحديد الدرجة من بين ثلاث درجات هي:
  1. الدرجة المبكرة: وهي الفترة الأولى التي يظهر فيها الميل إلى العمل بشكل مفرط، وتحمُّل مهام إضافية والتنازل عن العطل والإجازات حتى إن لم يكن هناك مقابل مادي مغري، وهذه الفترة هي الأنسب للعلاج الذاتي.
  2. الدرجة المتوسطة: المرحلة المتوسطة من إدمان العمل تتميز بظهور الآثار السلبية بشكل واضح مثل تدهور الأداء الاجتماعي والعلاقات الأسرية وظهور اضطرابات النوم والشهية، وعلى الرغم من قابلية العلاج الذاتي في هذه المرحلة إلى أن طلب المساعدة سيكون أفضل بكل تأكيد.
  3. المرحلة المتأخرة: وهي مرحلة تبلوّر الآثار والأعراض المصاحبة لإدمان العمل بشكل كامل وخطير، حيث تظهر المشاكل الصحية المزمنة مثل الصداع واضطرابات النوم، وتظهر علامات الانسحاب والصراع التي ذكرناها سابقاً، ولا بد في هذه المرحلة من طلب المساعدة الاختصاصية للتعامل مع آثار الإدمان على العمل الصحية والنفسية.

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟