الغيرة بين الأخوة، ظاهرة طبيعية جداً، لذا من الضروري أن يتوقعها الأهل. عموماً يعتبر الطفل البكر في العائلة أكثر الأبناء الذين ينتابهم شعور الغيرة.
فهو اعتاد أن يكون المميز في العائلة ويحوز اهتمام والديه الكبير لأنه الطفل الأول، وبالتالي يشعر بأن حبهم له واهتمامهم به حقان حصريان له لا يجوز لأحد غيره أن يشاركه فيهما.
ولكن تجري الأمور بما لا يشتهيه هذا الطفل البكر ويأتي المولود الجديد الذي يشاركه كل الامتيازات التي كان يتمتع بها. وكلما كانت سن الطفل صغيرة كان أكثر حاجة إلى والدته وبالتالي أكثر غيرة من شقيقه الأصغر.
فهو إذا كان في سن السنة ونصف السنة يكون لا يزال يعتمد على والدته في كثير من الأمور. وفي المقابل ينال المولود الجديد الكثير من اهتمام والدته، فيشعر البكر بأنها لم تعد تحبه كما في السابق وبأنها لا تهتم به كما كانت قبل أن يأتي هذا المخلوق الغريب.
كما أن لتصرف الأم دوراً في الأمر فهي إذا لم تعد تهتم به وكرّست كل وقتها لمولودها الجديد فمن الطبيعي أن تعزز، وعن غير قصد، شعور الغيرة عند الابن البكر. لذا فإن فارق السن المناسب بين الأشقاء هو سنتان ونصف.
لأن الطفل في هذه السن يصبح مستقلاً في بعض الأمور، فهو يستطيع مثلاً تناول الطعام وحده من دون مساعدة والدته، أو يمشي وحده، ولكن في الوقت نفسه لم يعتد على وجود طفل آخر منافس له».
ماذا على الأهل أن يفعلوا تجاه غيرة الأبناء؟
-
للأسف غالباً ما يتجاهل الأهل شعور الغيرة عند الابن البكر، فيقولون: «لا يجوز لك الغيرة من أخيك وعليك أن تحبه وعليك وعليك…». هذه العبارات تعزز شعور الغيرة عند الطفل.
وأحياناً يرفض الأهل الظن أن ابنهم يغار فيقولون: «لا ليس غيوراً. من المؤكد أنه لا يغار من أخيه، بل على العكس هو يحبه، بل عليه أن يحبه».
وهم بهذه العبارات لا يسمحون للطفل بأن يعبّر عن غيرته، بل يجعلونه يكبتها وبالتالي تتعزز في داخله، لأنه يشعر بالذنب، فهو مثلاً يرغب في ضرب أخيه الصغير، ولكنه في الوقت نفسه يشعر بالذنب لأنه يريد ذلك. فيقول لنفسه: «كم أنا شرير، أريد أن أعض أخي أو أؤذيه».
وبالتالي يظن أنه شرير لأنه يغار وبالتالي تنتابه أحاسيس سلبية لأنه من غير المسموح له التعبير عن غيرته.
-
حاول أن تبقى محايداً ولا تدخل طرفاً في النزاع لتكون مع الحق ضد الباطل! ولك أن تتدخل بالطبع حين يكون أحد الأطراف عرضة لعنف قد ينتج عنه ألم أو جرح من نوع ما. تدخلك الدائم في الشجارات قد يثير مشكلات من نوع آخر، أقلها أن الأبناء سيعتمدون عليك كعنصر يتوسط دائماً لإنهاء المشكلات، فلا يعتمدون على أنفسهم في حل مشكلاتهم.
-
* فرّق بين المتخاصمين حتى تهدأ النفوس، وفي بعض الأحيان تكفي هدنة قصيرة لتخطي الأزمة، فالأطفال لا يحقدون على بعضهم.
-
* لا تعر أهمية كبيرة لمعرفة من البادئ ومن المذنب، فكل قتال يتطلب فريقين مختصمين كلاهما مسؤول إلى حد ما عن جانب من الشجار، ولكن عليك أن تراقب فعل الشقيق الأكبر الذي قد يتصرف دائماً بطريقة تسلطية فيصادر حقوق إخوته الأصغر.
-
* حاول أن تصل معهم إلى حلول وسط تحقق لكل الأطراف المتخاصمة نوعاً من المنافع أو المكاسب. فإذا كان الشجار حول لعبة، يمكن أن يتفقا على اللعب بها سوياً.
-
* تذكر أن الأطفال يتعلمون مما تفعله معهم، وفي كل مرة تُنهي بنجاح خصاماً بينهم يضيف إليهم ذلك خبرة وتجربة تبقى في ذاكرتهم للمستقبل.
– هل الغيرة بين الأخ والأخت تكون أقل حدة نظرًا إلى اختلاف الجنس؟
الغيرة بين الأبناء، بغض النظر عن جنسهم، موجودة وظاهرة طبيعية، والعراك بين الأخت والأخ أحد مظاهرها. ولكن إذا كان المولود من الجنس نفسه تكون الغيرة أقوى.
فمثلاً إذا كان المولود الجديد بنتاً يشعر الولد بأنه ليس مهدداً، فالتعامل معه مختلف، كما أن كل ما يتعلّق بها مختلف (الملابس، الألعاب…)، أما إذا كان ولداً، فيشعر بأن في إمكان هذا المولود الصغير أن يحتل مكانته في العائلة، وبالتالي سيشاركه في امتيازاته إن لم يأخذها كلها.
– ماذا على الأم أن تفعل حين يتحوّل البيت إلى مكان صراخ وعراك مستمرين؟
تحاول بعض الأمهات منع العراك في المنزل لتحوز الهدوء بأي ثمن، فيما بعضهن يلعبن دور الوسيط، ويبرمن اتفاقًا ودّيًا مع أبنائهن. وهذا ليس حلاً، لأن المشاجرات بين الأخوة يمكن أن تكون مجدية تربويًا، فالغيرة شعور ضروري يسمح للأبناء بالتعبير عن شخصياتهم وبلورة إندماجهم الإجتماعي.
فمن خلال المشاجرة يتعلم الأبناء تعديل تكتيكاتهم ويختبرون حدودهم، مما يدفع كل واحد منهم إلى تطوير مهاراته وتقويم قدراته بشكل أفضل، فيتمتع كل واحد منهم في المستقبل بشخصية مميزة عن أخيه.
نصائح عامة مهمة لتربية الصغار والمساواة بينهم:
لا تنظري النظرة نفسها لكل طفل من أطفالك، لأن كل طفل له خصاله الفريدة وله احتياجاته الشخصية. لكن عليك أن تساوي بينهم في الحب والمعاملة الطيبة. لا تصفي أطفالك بألقاب “الشقي” أو “المخرب” أو تسخري منه بلفظ “العبقري” ولا تسبيه فهذا يُشعره بأنه غير محبوب. خصصي لك طفل وقت خاص به وتواصلي معه فيه، ووقت آخر لهم معًا لتكون فرصة لهم للتواصل كإخوة. لا تقارني أبنائك بعضهم ببعض في الدراسة أو في الطباع أبدًا أبدًا. لا تكيلي بمكيالين فتعاقبي الكبير وتدللي الصغير أو تعاقبي الفتاة وتتركي الفتى وغير ذلك. القوانين واحدة في المنزل والعقاب يجب أن يطبق على الجميع. لا تتدخلي في كل مشاجرة تقع بين الإخوة، بل اتركيهم يحلون الأمر أحيانًا بأنفسهم. علمي أطفالك أن يعبروا عن مشاعرهم بالكلام وليس بالضرب وكوني قدوة لهم في ذلك. أخيرًا اعلمي أن هذا الأمر طبيعي تمامًا لكن يجب التعامل معه بشكل مناسب. (اقرأى أيضاً: 9 قواعد إيجابية لتربية اﻷبناء)