مشاعر الذنب عند الأطفال

يمثل سلوك الاعتذار ردة الفعل الواعية التي يعترف من خلالها الطفل بذنبه ويحاول تصحيح الخطأ الناتج عن هذا الذنب ويطلب الصفح والعفو من خلاله، تمثل مشاعر الذنب الإحساس الداخلي الذي ينشأ عند تقدير الخسائر والأَضرار الناجمة عن هذا الذنب، مثل التسبب في أذى جسدي لأحد الزملاء أو خسارة كبيرة في المنزل، ويمكن القول أن مشاعر الذنب عند الأطفال تمثل أحد أوجه تأنيب الضمير لديهم.

أسباب شعور الأطفال بالذنب

في اللحظة التي يقوم بها الطفل بفعل ما يعتبر خاطئ، فهو يكون يهدف لتحقيق غاية معينة من هذا الفعل مثل التجربة أو اللعب أو حتى الاكتشاف، وفي كثير من الأحيان ما تحصل الأخطاء دون قصد أو سوء نية من قبل لطفل، ولكن عندما يرى النتائج والأضرار التي سببها سلوكه، ويفكر بردة فعل الآخرين تجاه هذه النتائج، يتولد لديه الشعور بالذنب والأسف، وبالتالي يقوم بالاعتذار، ومن الأسباب الرئيسة لمشاعر الذنب عند الأطفال:

– اقتراف الأخطاء والندم: فشعور الندم عادة ما يصاحب الأخطاء التي من الصعب على الطفل تصحيحها، مثل كسر شيء ما أو التسبب بالأذى لأحد الأشخاص أو الأقران، وهنا لا يعرف ماذا يجب أن يفعل فيشعر بالندم ويتمنى لو أنه لم يقوم بهذا السلوك ولم يتسبب هذا الأذى، فيشعر بالذنب.

– الشعور بالخطر والخوف: وهذا الشعور ينشأ عندما يفكر الطفل بعواقب ما تسبب به من أخطاء، مثل توبيخ الوالدين أو المعلم أو العقوبات بأشكالها المختلفة، أو أنه وقع في موقف مخيف كأن يضيع أهله في الشارع، فيشعر أنه خائف، وبالتالي يشعر بالذنب الذي اقترفه وأدى به إلى هذا الموقف المخيف.

– التعرض للتوبيخ: فكثيراً ما يلجأ الأهل للمبالغة في توبيخ أطفالهم وكأن كل ما يقومون به يعتبر خطأ، وهذه المبالغة تنمي مشاعر الذنب عند الطفل في المستقبل حتى دون أن يرتكب الأخطاء وذلك خوفاً من مواقف العقوبات والتوبيخ، كحالة الطفل الذي يبكي عندما يشاهد أن والديه يوبخون شقيقه المذنب ويوجهون له العقوبة.

– التماس الأعذار والعفو: وهي غاية ينشدها الطفل بعد قيامه بالأخطاء، فيلجأ إلى الاعتذار وإبداء الأسف كتعبير منه عن شعوره بالندم على أفعاله وأنه لن يكررها مرة أخرى، وبالتالي يحصل على العفو المنشود وفرصة جديدة لإبداء استجابات سلوكية أفضل.

– استجداء التعاطف والمساعدة: وهي غالباً تحدث في الحالات التي يعود فيها أثر خطأ الطفل على نفسه أو ممتلكاته وأشيائه الخاصة، كحالة الطفل الذي خرب أدواته المدرسية من دفاتر وأقلام، ويظن أنه سوف يتعرض لتوبيخ من المعلمة في المدرسة فيلجأ للاعتذار من ذويه، بهدف الحصول على المساعدة بشراء أغراض جديدة له وإنقاذه من هذا الموقف.

آثار مشاعر الذنب على الطفل

عندما تزيد مشاعر الذنب والأسف عند الأطفال عن حدها الطبيعي، تتحول من قيمة جيدة تهدف لتصحيح الأخطاء إلى مشكلة تعيق التفكير والتوازن النفسي، ومن هنا يجدر التعرف على الآثار التي قد تنجم عن شعور الطفل بالذنب والأسف كما وتبدو ضرورة التخفيف من حدة هذه المشاعر لدى الأطفال، وإبقائها عند الحدود الفعلية للخطأ الذي ارتكبه الطفل، حتى نتوصل إلى الغاية التي تهدف إلى التقليل من أخطاء الأطفال ومحاولة تصحيحها من جهة، دون أن يعود عليه هذا بآثار نفسية سيئة.

– آثار مشاعر الذنب على المستوى النفسي: قد يكون لشعور الطفل بالذنب والأسف ووجوب عليه الاعتذار وإصلاح أخطائه ضرورة في تنمية شخصية جيدة وحسنة السلوك لديه، ولكن من ناحية أخرى وإذا ما زادت هذه المشاعر عن الحدود الطبيعية فقد تؤدي لنشوء مشاعر النقص والاكتئاب وجلد الذات عند الأطفال، وهذا سوف يعيق نموه وتوازنه النفسي.

– على المستوى الاجتماعي: وهنا أيضاً سوف تأخذ هذه المشاعر بعدين، فالأول سوف ينعكس على حضور الطفل ومدى قبوله الاجتماعي ونظرة الآخرين نحوه فهو قليل الأخطاء ولا يزعج أحد بتصرفاته ويعتذر عندما يقترف ذنب، ولكن من ناحية أخرى فإن هذه المشاعر أيضاً سوف تسبب له صعوبات في التواصل مع الآخرين إذا ما كانت مبالغ فيها، فهو يحسب كل كلمة يقولها وحساس تجاه أي تفاعل مع الآخرين وحذر جداً من تصرفاته أمامهم.

– علاقته في بناء الشخصية: فقد ينتج عن مشاعر الذنب المبالغ فيها عدة اضطرابات في شخصية الطفل، حيث أنه لن يعرف الطريقة الأفضل التي سوف يقدم فيها نفسه للآخرين وسوف يكون ضعيف في حضوره، ويكثر من لوم ذاته وعدم الثقة بأفعاله خوفاً من أن تكون خاطئة.

أخصائي نفسي

الولاء مكي

 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟