فوائد العزلة الاجتماعية

ما مدى تأثير العزلة الاجتماعية على حياتنا؟ وكيف تعمل الوحدة على تغير الدماغ وهل لذلك فوائد؟!

هل ترتبط الوحدة بالعزلة الاجتماعية؟
الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية مختلفان ولكنهما متصلين ببعضهما البعض، حيث يمكن أن تؤدي العزلة الاجتماعية إلى الوحدة.. والوحدة يمكن أن تؤدي إلى العزلة الاجتماعية، كلاهما قد يحدث أيضا في نفس الوقت، ويمكن للناس تجربة مستويات مختلفة من العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة مدى حياتهم، والانتقال داخل وخارج هذه المشاعر مع تغير ظروفهم الشخصية، كذلك تشترك الوحدة والعزلة الاجتماعية في العديد من العوامل التي ترتبط بزيادة فرص الأشخاص، الذين يعانون من كل منهما؛ لتدهور الحالة الصحية، والإعاقات الحسية أو الحركية.

ووجدت دراسة “أن الوحدة ترتبط بشكل على نطاق واسع بالعزلة الاجتماعية، أي عدم وجود علاقات مع أشخاص آخرين، وتُعرَّف الوحدة بأنها النتيجة السلبية للتقييم بين (نوعية وجودة) العلاقات القائمة ومعايير العلاقة بين الأشخاص، فقد توسعت مجالات البحث مثل: علم النفس والأنثروبولوجيا، لفهم الآليات وراء بداية واستمرار الشعور بالوحدة، إلى جانب المتغيرات الأساسية مثل: العمر والجنس والصحة، وتمت معالجة خصائص الشبكة الاجتماعية للعلاقات وخصائصها الشخصية ومعايير العلاقة”، فوجدت هذه الدراسة أيضاً: “أن العزلة اجتماعياً في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية على مستوى المجتمع تحتاج مزيداً من الأبحاث، حيث ينبغي أن يتناول البحث المستقبلي الطرق التي تتأثر بها تقييمات الناس لشبكات علاقاتهم مع السياق الذي يجد فيه الأشخاص أنفسهم وحيدين”.

للوحدة إيجابيات وفوائد!

تغير العزلة الاجتماعية والوحدة الدماغ بطرق مختلفة!
إذا كنت بحاجة إلى قضاء الكثير من الوقت بمفردك، فقد تلاحظ أنك بدأت التفاعل والشعور بأنك مختلف، والسبب يكمن في علم الأعصاب وتغيرات تحدث للدماغ! إليك ما يحدث في دماغك عندما تقضي الكثير من الوقت بمفردك:

– تصبح أكثر عدوانية وخوفاً من الآخرين: (بالطبع هذا ليس تأثيراً إيجابياً) أظهرت دراسة أنه في حالة الأشخاص المعزولين اجتماعياً بشكل مزمن، قد يعني وجود كيمياء عصبية تجعلهم أكثر عدوانية (غضب وتهيج) بشكل عام، بل ربما تصبح أكثر خوفا من الآخرين، لذلك لا تتفاجأ إذا كانت العودة إلى الحياة الاجتماعية بعد بعض الوقت؛ يعني أنك ستشعر بالحزن وتكون أقل تسامح من المعتاد، إنها إعادة تنظيم الخلايا العصبية لديك.

– تأثير الوحدة على المرأة أشد وطأة: (الوحدة والعزلة هنا ليست مفيدة أيضاً) في دراسة أجريت عام 2016 وجدت أن أدمغة الأشخاص وردود أفعالهم؛ مختلفة تجاه العزلة الاجتماعية باختلاف الجنس! وكونكِ امرأة قد يعني استجابة أكثر حدة، حيث يبدأ دماغك بإنتاج هرمون يسمى الكورتيكوستيرون (corticosterone)، (وهو رد فعل لحالات الإجهاد الشديد بالفعل)،. لم يتأكد الباحثون بعد من هذه النتائج على البشر فالدراسة تمت على الفئران، لكن إذا بدا أنك تشعرين بمزيد من الضغط وأنتِ بمفردك أكثر من نظرائك الذكور؛ من المحتمل أن يكون ذلك بسبب مادة كيميائية عصبية.

– تغييرات تصيب الدماغ: وجدت دراسة أجريت في عام 2012 أن الفئران المعزولة لفترة طويلة لا تنتج كمية كبيرة من المايلين (Myelin)، (وهي جزء مهم من بنية الدماغ، تشكل “غمد” الحماية حول أعصابك، لكنك قد تعرفه على أنه “مادة بيضاء”، على عكس “المادة الرمادية” في الدماغ، التي تضم الخلايا العصبية نفسها)، وفقاً للدراسة، فإن القليل من العزلة الاجتماعية أدت إلى انخفاض مستويات الميلين، لكن لم ينتج عنها أي سلوك مختلف، في حين أن قضاء الكثير من العزلة يعني تغير قدرة إشارة الدماغ، ربما هذا هو السبب في كون التواجد بمفردنا لفترات طويلة يغير فعلياً سلوكنا، لأن أدمغتنا تتواصل بطرق مختلفة وربما أقل فعالية.

– تجد السعادة في أشياء مختلفة: وجدت دراسة عام 2009 أن سلسلة من الأنماط العصبية للنشاط الكهربائي في الدماغ؛ تظهر عندما تكون وحيداً، وهذا ما يشير إلى أنك تبحث عن السعادة بطرق غير اجتماعية، ويعتقد الباحثون أن ذلك يشير إلى أنه عندما تكون سعيداً كشخص وحيد، فإن ذلك يأتي من شيء آخر غير التفاعلات الاجتماعية، مثل عزف الموسيقى.

– يدفعك دماغك للبحث عن التفاعل: بعد فترات من العزلة الاجتماعية؛ يبدأ دماغك في ركلك ويطلب منك الذهاب والتحدث إلى شخص ما، وهذا ما يفعله الدوبامين (dopamine)، وهي مادة كيميائية مرتبطة بالتغذية المرتدة الإيجابية، فعندما تكون وحيداً تبدأ إشارات الدوبامين بتشجيعك على البحث عن اتصال اجتماعي، من ثم مكافأتك بفيض من المشاعر السعيدة عندما تجد أحدهم، هذا ما يفسر التوق للتفاعل الاجتماعي الذي قد تحصل عليه بعد مرور بعض الوقت فقط: إن عقلك يقرر أن الوقت قد حان للخروج، فيمنحك دفعة قوية من المشاعر الطيبة عندما تفعل ذلك.

– تتحسن الذاكرة: هناك بعض الفوائد الإيجابية والخطيرة في الوقت نفسه! حيث اكتشف علماء في هارفارد أنه عندما تقوم بتكوين ذكرياتك وأنت وحيد، فإنها تميل إلى أن تكون أقوى وأطول أمداً مما لو كنت قد واجهت نفس الشيء مع أناس آخرين! يبدو أن أدمغتنا تدرك أنه لا يمكننا الاعتماد على الآخرين لتذكر المعلومات الحيوية عندما نختبرها بمفردنا، نؤكد بالتالي على التخزين والتذكير الأكثر دقة، هذا هو السبب في أن الدراسة لوحدك غالباً ما تكون فكرة جيدة من الدراسة مع الزملاء.

اخصائي نفسي

الولاء مكي

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟