فن التعامل مع الندم

«شعور الندم يقتلني في اليوم والليلة ألف مرة ومرة… هل أستطيع التعامل مع الندم؟!» 
ما أصعب وقع هذه الكلمات على أذني، حين سمعتها من أم تتحدث عن ابنتها التي أُصيبت بمشكلات صحية وخيمة؛ إثر ارتفاع درجة حرارتها ثلاث ليالٍ متتالية، ولم تعرضها على الطبيب المختص ظنًّا منها أنها مجرد وعكة صحية خفيفة لا تحتاج إلى طبيب…

ماذا يعني الندم؟

شعور الفرد بالذنب والاستياء من نفسه، نتيجة حزنه على أفعال ظالمة أو مخزية ارتكبها في الماضي.

وقد يكون الندم على الدوافع، وليس على العواقب.

أنواع الندم

يوجد ثلاثة أنواع للندم، هي:

  • الندم على الفعل

هو الندم على قرار أو خيار اتخذته في الماضي، نتجت عنه عواقب سلبية على المدى القصير أو الطويل، سواءً أثرت هذه العواقب فيك أو في أحد آخر.

  • الندم على التقاعس عن الفعل

بعكس النوع الأول، يُعرف هذا النوع بأنه الأسف الناتج عن عدم اتخاذ قرار معين أو فعل معين في فترة ما.

فالشيء المحزن هنا هو التفكير بأن الأمور كانت من الممكن أن تسير بشكل أفضل لو اتخذت هذا القرار أو الفعل.

  • الندم على ما لا تستطيع فعله

أسوأ الأنواع على الإطلاق؛ فالشخص يشعر بالأسى حيال أفعال لا يستطيع فعلها، مثل:

  • رؤية شخص عزيز وهو يحتضر.

  • رؤية مريض يتألم بسبب مرض مستعصٍ، ولا تستطيع مساعدته.

ما أضرار الندم؟

إن الافتقار إلى مفاتيح كيفية التعامل مع الندم يؤثر في صحة الفرد النفسية والجسدية، خاصة إذا استمر الندم مدة طويلة.

تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!

وهذه بعض الأعراض الشائعة للندم:

أولاً: التأثير في الصحة النفسية

الشعور بالعجز ونفاد الطاقة؛ نظرًا لعدم قدرتك على تخطي الحاجز الزمني وتغيير تلك اللحظات.

قلة التركيز.

الاضطراب العاطفي.

فقدان الشغف بالأشياء الممتعة.

التوتر، والعصبية، والقلق.

الندم المتراكم قد يقودك إلى الاكتئاب.

تغيرات سلوكية، مثل: الإفراط في تناول الطعام والشراب، أو التدخين، أو تعاطي المخدرات أو الكحوليات.

التأثير في الصحة الجسدية

يؤدي القلق والتوتر إلى زيادة إفراز هرمون الكورتيزول، التي تؤدي إلى تأثيرات ضارة في الجسم نتيجة اعتلال الجهاز المناعي، مثل:

  • الشعور بالإرهاق والتعب المزمن.

  • زيادة معدل ضربات القلب.

  • اضطراب مستويات السكر الطبيعية في الدم.

  • الصداع أو الصداع النصفي.

  • النوبات القلبية -في الحالات الشديدة.

  • اضطراب الوظائف الجنسية عند الرجال والنساء، إذا وصلت الحالة إلى الاكتئاب.

علامات الندم

«يا ليتني فعلت هذا الأمر!

«ليت الزمن يعود، ولن أفعل ذلك مجددًا!»

«ما الذي قلتُه في ذلك الوقت؟!»

هل تُحدث نفسك بهذه الكلمات؟

هل يتسلل إليك الشعور بالندم بعد الكلام؟

عزيزي القارئ، لا تجلد نفسك بالتفكير المنهك فيما مضى؛ فأنت لا تملك آلة زمنية تعيدك إلى الماضي لتغيير ما حدث…

فما فائدة أن تظل أسير الماضي؟!

الندم لن يغير شيئًا مما حدث، لكنه قد يدمر حاضرك ومستقبلك إن لم تخرج نفسك من هذه الدائرة المفرغة.

إن الشعور الدائم بالذنب والخزي والعار قادر على تشويه حياتك وتسميم سعادتك.

 

كيف تتعامل مع الندم؟

يجب التعامل مع الندم بطريقة علمية صحيحة، وتجنب الاستسلام له.

إليك هذه النصائح للتعامل الصحيح مع الشعور بالندم:

تخلص من فكرة أنك لن تفعل هذا مجددًا

فشعورك بالأسف لا يكون عادة بسبب خطأ ارتكبته للمرة الأولى.

لكنه يحدث -غالبًا- بسبب الوقوع في أنماط التخريب الذاتي الشائعة، وهي:

شعورك بأنك تظل محاصرًا بأنماط سلوكية تعوقك عن تحقيق أهدافك وتزيد مشكلاتك، مع أنك تحاول التغير.

ومن ثم ينتهي بك الأمر إلى المكان نفسه دون تغيير.

فبدلًا من التعهد بعدم ارتكاب الأخطاء نفسها مرة أخرى، اعترف بحاجتك إلى إستراتيجيات مختلفة لتحسين عاداتك تدريجيًّا والحد من العواقب السلبية لها.

اعترف بما تشعر به 

لا تقل: «لا أشعر بأي ندم تجاه أي فعل قمت به»؛ لأن هذا ليس واقعيًّا، فالندم عاطفة سلبية يجب التعامل معها نفسيًّا لا إنكارها.

الاعتراف بالندم يساعدك على التفكير في إستراتيجيات يمكنك استخدامها لتقليل ألم التجارب المستقبلية والتحكم فيها بسهولة.

آمن بقدرتك على التخطي

الندم يجعلك مترددًا بدرجة كبيرة، ومن ثم تتجنب المواقف المماثلة بإفراط.

لكن اعلم أن اتخاذك بعض القرارات الأقل مثالية أو الخطأ لا يعني فشلك الدائم في أي مجال.

ابحث عن حيل مختلفة تغير أسلوبك في التفكير

تغيير طريقة تفكيرك تساعدك على منع تكرار الأخطاء نفسها كثيرًا، فمن السهل العثور على حيل يسيرة لتحسين السلوك بدلًا من القضاء على العادات التي تؤدي إلى المشكلة.

امنح نفسك الفرصة لامتصاص هذه المشاعر

لكي يكون التعامل مع الندم فعالًا يجب أن يحدث توازن دقيق بين التفكير في الخطأ وتجاهله.

إن العواطف البشرية تأتي ثم تختفي، لكن التفكير المستمر فيها أو النقد الذاتي القاسي يأتي بنتائج عكسية

 

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟