هناك علاقة وثيقة بين القلق وجميع أنواع اضطرابات الأكل. إذ وجدت إحدى الدراسات أن 64% من 674 من المشاركين الذين يعانون من فقدان الشهية والشره المرضي، لديهم اضطراب قلق قابل للتشخيص في مرحلة ما من حياتهم. بالإضافة إلى ذلك، 61% من الحالات حدثت فيها اضطرابات القلق قبل ظهور اضطراب الأكل، مما يشير إلى أن اضطرابات القلق المبكرة تمثل عامل خطر لتطور فقدان الشهية العصبي والشره المرضي عند الفتيات.
عندما يبدأ شخص ما في الشعور بالتوتر أو القلق ، فإن جسمه سيبدأ في إطلاق هرمونات التوتر. و هذه الهرمونات تنشط الجهاز العصبي الودي و تثير استجابة الجسم للقتال أو الهروب fight-or-flight response.
و استجابة القتال أو الهروب هي رد فعل غريزي يحاول حماية الناس من التهديدات المحتملة. فهي تدفع الجسم للاستعداد جسدياً إما للبقاء ومحاربة التهديد أو الهرب إلى بر الأمان.
و هذه الزيادة المفاجئة في هرمونات الإجهاد لها العديد من الآثار الجسدية.
فمثلا ، تشير الأبحاث إلى أن أحد الهرمونات – عامل إطلاق الكورتيوتروبين ( CRF corticotropin-releasing factor) – يؤثر على الجهاز الهضمي و قد يؤدي إلى قمع الشهية.
و هناك هرمون آخر ، و هو الكورتيزول cortisol ، يزيد من إفراز حمض المعدة لتسريع عملية هضم الطعام حتى يتمكن الشخص من القتال أو الفرار بشكل أكثر كفاءة.
و يمكن أن تشمل التأثيرات الهضمية الأخرى لاستجابة القتال أو الهروب ما يلي:
• الإمساك
• الإسهال
• عسر الهضم
• الغثيان
و يمكن أن تسبب هذه الاستجابة أعراضاً جسدية إضافية ، مثل زيادة معدل التنفس و معدل ضربات القلب و ضغط الدم. كما أنها تتسبب في توتر العضلات ، و شحوب أو احمرار الجلد، و الارتجاف.
و قد تكون بعض هذه الأعراض الجسدية غير مريحة لدرجة أن الناس لا يرغبون في تناول الطعام. و يمكن للشعور بالإمساك ، على سبيل المثال ،أن يجعل فكرة تناول الطعام تبدو غير محفزة للشهية.
الإفراط في تناول الطعام مقابل فقدان الشهية :
إن الأشخاص الذين يعانون من استمرار القلق أو اضطراب القلق هم أكثر عرضة لارتفاع مستويات هرمونات CRF طويلة الأجل في نظامهم. و نتيجة لذلك ، قد يكون هؤلاء الأفراد أكثر عرضة لفقدان الشهية لفترة طويلة.
و من ناحية أخرى ، فإن الأشخاص الذين يعانون من القلق بشكل أقل تواتراً قد يكونون أكثر عرضةً لطلب الراحة من الطعام و الشراب. و مع ذلك ، يتفاعل الجميع بشكل مختلف مع القلق و التوتر ، سواءً أكان مزمناً أو قصير الأجل.
و في الواقع ، قد يتفاعل الشخص نفسه بشكل مختلف مع القلق المعتدل و القلق الشديد.
قد يؤدي التوتر الخفيف ، على سبيل المثال ، إلى إفراط الشخص في تناول الطعام. و إذا شعر هذا الشخص بقلق شديد ، فقد يفقد شهيته. أما بالنسبة لشخص آخر فقد يستجيب في الاتجاه المعاكس.
و قد يتفاعل الرجال والنساء أيضاً بشكل مختلف مع القلق من حيث خياراتهم الغذائية و استهلاكهم للطعام.
إذ تشير إحدى الدراسات إلى أن النساء قد يتناولن المزيد من السعرات الحرارية عند القلق. و تربط الدراسة أيضاً القلق الأعلى بمؤشر كتلة الجسم الأعلى عند النساء و لكن ليس عند الرجال.
العلاج
يجب أن يتخذ الأفراد الذين يعانون من فقدان الشهية بسبب القلق خطوات لمعالجة هذه المشكلة. فيمكن لفقدان الشهية على المدى الطويل أن يؤدي إلى مشاكل صحية معتبرة. و تشمل الوصفات والعلاجات المحتملة ما يلي:
1. فهم القلق
إن مجرد إدراك أن مصادر التوتر يمكن أن تؤدي إلى إحساس جسدي محدد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى قطع شوط كبير نحو الحد من القلق و أعراضه.
2. معالجة مصادر القلق
قد يساعد تحديد محفزات القلق و التعامل معها في بعض الأحيان في مساعدة الناس على استعادة شهيتهم. و حيثما كان ذلك ممكناً ، يجب أن يعمل الأفراد على التخلص من الضغوطات أو الحد منها.
و إذا ثبت أن هذا الأمر صعب ، فقد يرغب الشخص في التفكير في العمل مع أخصائي علاج يمكنه مساعدته على التحكم في مسببات القلق.
3. ممارسة إدارة الإجهاد
يمكن أن تقلل العديد من التقنيات من أعراض القلق أو تتحكم فيها ، بما في ذلك فقدان الشهية. و تشمل الأمثلة على ذلك ما يلي:
• تمارين التنفس العميق
• ممارسة التخيّل الموجه guided imagery practice (استخدام الكلمات والموسيقى لاستحضار سيناريوهات خيالية إيجابية في موضوع ما بهدف إحداث بعض التأثير المفيد.)
• التأمل
• تركيز كامل للذهن mindfulness
• استرخاء العضلات التدريجي
4. اختيار الأطعمة المغذية سهلة الهضم
إذا لم يتمكن الناس من تناول الكثير من الطعام ، فعليه التأكد من أن ما يأكله غني بالمواد المغذية. و قد تشمل بعض الخيارات الجيدة ما يلي:
• الحساء الذي يحتوي على مصدر البروتين و مجموعة متنوعة من الخضروات
• عصائر تحتوي على الفواكه و الخضار الورقية الخضراء و الدهون و البروتين
و من الجيد أيضاً اختيار الأطعمة سهلة الهضم و التي لن تؤدي إلى زيادة اضطراب الجهاز الهضمي. و من الأمثلة على ذلك الأرز و البطاطس البيضاء و الخضروات على البخار و البروتينات الخالية من الدهون.
و قد يجد الأشخاص الذين يعانون من أعراض القلق أيضاً أنه من المفيد تجنب الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون أو الملح أو السكر ، و كذلك الأطعمة الغنية بالألياف ، و التي يصعب هضمها.
و يمكن أن يساعد في هذا الخصوص -أيضاً- الحد من استهلاك المشروبات التي تحتوي على الكافيين و الكحول ، لأن هذه المواد غالباً ما تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي.
5. الأكل بانتظام
يمكن أن يساعد الدخول في نمط منتظم للأكل، الجسم و الدماغ على تنظيم إشارات الجوع.
حتى و لو كانال شخص يستطيع فقط إدارة عدد قليل من اللقم في كل وقت ، فإن هذا سيكون أفضل من لا شيء. و مع مرور الوقت ، يمكنه زيادة الكمية التي يتناولها في كل وقت.
6. اتخاذ خيارات نمط حياة صحية أخرى
عندما يشعر الشخص بالقلق ، فقد يجد صعوبة في ممارسة الرياضة أو النوم. و مع ذلك ، يمكن أن يقلل كل من النوم و النشاط البدني من القلق و يؤدي -بالفعل- لزيادة الشهية.
و يجب أن يحاول الأفراد الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم كل ليلة من خلال تحديد جدول نوم منتظم.
و من جهة أخرى يجب أن يقوم بممارسة الرياضة في معظم الأيام. حتى و لو كانت عبارة عن دقائق قليلة و قصيرة من ممارسة الرياضية يمكن أن تكون مفيدة. و يمكن للأشخاص الجدد على ممارسة الرياضة أن يبدأوا بشكل بسيط ويزيدوا مدة وكثافة الأنشطة مع مرور الوقت.
أخصائي نفسي
الولاء مكي