تبدأ مقاومة الإفراط بالتفكير من خلال معرفة طبيعة تدفق الأفكار وتفاعلها مع المشاعر، والأسباب التي تجعل أحدنا يستطيع السيطرة على تدفق أفكاره فيما لا يستطيع آخر التوقف عن التفكير في كل شيء بشكل قهري، وعندما كان التفكير الزائد في كل شيء سبباً وجيهاً للقلق والأرق والإجهاد النفسي وعرقلة الإنتاجية والتقدم؛ فإن علاج التفكير الزائد واتقان استراتيجيات السيطرة على التفكير المفرط يعتبر أولوية لا غنى عنها للذين يعانون من التفكير المفرط. وهذا ما نحاول تقديمه في مقالنا حول طرق وتمارين وقف التفكير المفرط في كل شيء.
الأفراط فالتفكير :
وقف التفكير المفرط يحتاج إلى ممارسات واعية، على الخصوص إن كان التفكير المفرط نشاطاً مزمناً، حيث يعتاد العقل على نمط الإفراط في التفكير ويصبح الشرود والتفكير لوقت طويل عادةً عقلية ونفسية خارج السيطرة Over-thinking، لكن الاعتراف بوجود المشكلة هو الخطوة الأولى للحل، وإليك أهم طرق وقف الإفراط في التفكير في كل شيء:
-
حدّد سبب الإفراط في التفكير بكل شيء: الخطوة الأولى أن تحاول اكتشاف السبب الذي يمنعك من السيطرة على تدفق وتدافع الأفكار في عقلك، فالتفكير المفرط يرتبط بالعديد من الأسباب المزمنة والطارئة، منها مثلاً اضطرابات النوم التي تمنحك الوقت والظرف الأفضل لاجترار الأفكار، ومنها أيضاً مشاكل احترام الذات،
-
حدّد نوعية الأفكار المتكررة وعالجها: عادةً ما يرتبط التفكير المفرط بنقطة مركزية، قد تتمحور جميع أفكارك حول نظرة الآخرين إليك أو نظرتك لنفسك، وقد تكون النقطة المركزية التي تدور حولها أفكارك هي الخوف من المستقبل أو القلق من الماضي، عندما تستطيع تحديد المحور الذي تدور حوله أفكارك المتدافعة؛ ستكون الخطوة المهمة هي علاج هذه النقطة بالتحديد والتركيز عليها بشكل مباشر دون تبطينها بالأفكار والتخيلات.
-
ضع الأفكار في إطارها الزمني الصحيح: عندما تدخل بحالة الإفراط في التفكير بادر فوراً لتحديد الزمن الذي تتعلق به أفكارك، هل هي أمور يجب أن تفعلها غداً أم بعد خمس سنوات؟ هل تتعلق أفكارك بالماضي الذي لا يمكن تغييره؟ أم تتعلق بالمستقبل القريب؟ الهدف من ذلك هو بناء ترتيب للأفكار حسب أولويتها الزمنية، عندما تناقش نفسك حول جدوى التفكير بما سيحصل بعد خمس سنوات ستجد أن عقلك يساعدك على التخلص من تدفق الأفكار.
-
حدد وقتاً للتفكير: بناءً على الخطوة السابقة يمكنك تحديد وقت للتفكير اعتماداً على أهمية الفكرة وأولويتها، فالقرارات الصغيرة القريبة يمكن أن تمنحها 30 ثانية، والقرارات الأكبر والأبعد يمكن أن تمنحها 30 دقيقة، وكلّما كنت صارماً بالتقيّد بمخطط التفكير كلّما اعتاد عقلك على الالتزام به أيضاً.
-
سيطر على التفكير الزائد عند النوم: وقت النوم يجب أن يكون للنوم فقط، إذا كنت تعاني من اضطرابات وصعوبات عند الذهاب للنوم لا بد أن تعالجها لأنها سبب رئيسي للتفكير المفرط، كما يجب أن تنهي جلسة التفكير المقيّدة زمنياً في أي وقت باستثناء وقت النوم، اقرأ أكثر عن علاج التفكير المفرط قبل النوم من خلال النقر هنا.
-
تعرّف إلى نفسك أكثر: جهل الإنسان بنفسه يقوده غالباً إلى دوامة من الأفكار غير المنتظمة وغير المثمرة، والتفكير من الوسائل الأكثر فاعلية لاكتشاف الذات، لكن يجب أن يكون التفكير منظّماً ومثمراً، ابدأ بتحديد نقاط القوة ونقاط الضعف بشخصيتك، وابدأ بمحاولة اكتشاف نفسك من جديد، ولا تتردد بطلب المساعدة من مدرب حياة أو معالج نفسي يساعدك على اكتشاف نفسك.
-
فكّر فيما هو قابل للتغيير فقط: في كل مرة تدخل في حالة من التفكير المفرط اسأل نفسك عن قدرتك على تغيير الواقع، وإن كانت أفكارك في حدود سيطرتك، هذا السؤال سينبّهك إلى الهدف من التفكير، وستشعر أن التفكير في أمر خارج عن سيطرتك أو غير قابل للتغيير هو مجرد مضيعة للوقت.
-
استبدل التفكير بالكتابة: الكتابة واحدة من أفضل التقنيات للسيطرة على التفكير المفرط، خصّص دفتراً لكتابة أفكارك بشكل روتيني ويومي، وخلال فترة قصيرة من الكتابة اليومية ستجد أن طبيعة أفكارك بدأت تتغير وتصبح منظمة أكثر.
-
استبدل التفكير بهواية مفضلة: إذا كنت لديك هواية مفضلة فالوقت الأنسب لاستدعائها هو وقت التفكير المفرط، وإن لم تمتلك هواية بعد؛ عليك أن تبحث عن هواية تساعدك على مواجهة الإفراط في التفكير والتحكّم بالأفكار والمشاعر.
-
انتبه إلى كل ما تتعرض له على مدار اليوم: الإفراط في التفكير يرتبط بكل ما تتعامل معه خلال يومك من أشخاص وأشياء ومعلومات وتجارب، لذلك يجب أن تنتبه إلى الأشخاص المؤثرين في حياتك وطبيعة تأثيرهم عليك، نوعية الأفلام التي تشاهدها والكتب التي تقرؤها… إدخال بعض التعديلات على روتين يومك -مثل الامتناع عن مشاهدة نشرة التاسعة- قد يلعب دوراً كبيراً في إعادة تنظيم أفكارك والسيطرة عليها.
-
قم بتحقيق إنجازات صغيرة يومياً: الآن وليس بعد قليل! حدّد مجموعة من الإنجازات الصغيرة التي يجب أن تقوم بها يومياً، لا تبحث عن إنجازات كمالية أو مستحيلة، المهم أن تكون إنجازات من وجهة نظرك، ربما قراءة 100 صفحة في اليوم، أو تقديم المساعدة لشخص واحد كل يوم مهما كانت هذه المساعدة، والهدف من الإنجازات الصغيرة هو تعزيز المشاعر الإيجابية لديك.
-
تمسك بالحاضر واللحظة الراهنة: التعوّد على التفكير بالحاضر يساعد في السيطرة على التفكير الزائد بالماضي والمستقبل، وعلى الرغم من إدراكنا جميعاً أنّنا نعيش في الحاضر؛ إلّا أن تبني فكرة “هنا والآن” يحتاج إلى بعض الجهد الواعي، كرّر هذه الجملة عندما تشعر أنّك استغرقت بنوبة من التفكير المفرط “هنا والآن… هنا والآن”.
-
تعلَّم تقنيات التفكير الإيجابي: الشكوى الحقيقية ليست كمية أو وقت التفكير بقدر ما هي نوعية الأفكار، فعندما تمتلك القدرة على استدعاء الأفكار الإيجابية وطرد الأفكار السلبية لن تجد مشكلة بوقت التفكير،
-
تعلم تقنيات التفكير الناقد: يتصف الإفراط بالتفكير بأنه قطبي، أي أن التفكير المفرط يركّز على جانب واحد، أو على احتمالات تتعلق بجانب واحد من الفكرة، وتعمل مهارات التفكير الناقد على تحليل الفكرة بشكل مختلف، كل ما عليك فعله أن تجبر نفسك على النظر إلى جوانب أخرى من الفكرة.
-
غيّر بعض المفاهيم: ليس من السهل تغيير الأفكار والمفاهيم، لكن المفاهيم الراسخة هي المصدر الأساسي للأفكار، إذا كانت أفكارك تتمحور حول العلاقات العاطفية مثلاً، من الجيد أن تكتسب معرفة علمية بطبيعة العلاقات الرومانسية ودوافع الحب، كذلك الأمر إذا كان الإفراط بالتفكير يتمحور حول قيمتك الذاتية، يجب أن تكتسب معرفة علمية بمفاهيم احترام الذات وكيفية تشكُّل الصورة الذاتية والعمل على إصلاحها.
أخصائي نفسي
الولاء مكي