لن تتخيل وخاصة إذا كنت شخصاً قلق دائماً؛ بأن القلق أمرٌ لا طائل منه، ولن ينفعك مهما قلقت في تغير ما يحصل من نتائج.
لكل القلقين بشكل دائم؛ أنتم تستمرون في إخبار أنفسكم، أن شيئاً سيئاً سيحدث وتتوقعون أسوأ النتائج، لكن هذه الأشياء التي تتوقعونها لا تحدث!
أما الأشخاص الذين يعانون القلق من حين إلى آخر، يمكن أن تعتمد على نتائج مثل هذه الدراسة، من خلال تدوين مخاوفكم أو أفكاركم (تنبؤاتكم) السلبية واختبارها، كذلك النظر إليها ومراجعة كم مرة كانت دقيقة وصحيحة في السابق! أو بطريقة يصفها روبرت ليهي في كتابه حول علاج القلق، ، بتخصيص جزء من الوقت كل يوم للقلق! فقد تبدو هذه التقنية غريبة، “لكن من الأسهل التفكير بالقلق، إذا منحت نفسك متسعاً من الوقت ومكان محدد للتفكير بالقلق” على حد وصف ليهي، ومثلاً في تمام الساعة الثالثة من كل يوم؛ تجلس وتفكر في كل ما يقلقك، بحيث لا يساعد هذا التكتيك الأشخاص على الهروب من قلقهم على مدار الساعة كما يؤكد ليهي، لكن في الساعة الثالثة، يدرك الكثيرون أن الشيء الذي أقلقهم خلال هذا اليوم لم يعد يهمهم، ويضيف ليهي: “إنه لا يوجد علاج واحد يناسب الجميع للقلق، خاصة وأن القلق بشأن بعض المشكلات يستغرق منك سنوات ، بالتالي من غير المرجح أن يتبدد في يوم أو خلال أسبوع، لكن مع مزيج من التقنيات، وفي بعض الحالات مع انتباه المعالج، يمكن تقليص حجم القلق”.
بالنتيجة.. تبني الأفكار غير السارة والعواطف السلبية، هو جزء من الحالة الإنسانية الطبيعية، بالتالي الاعتراف بهذه الحقيقة يمكن أن يكون وسيلة أخرى مفيدة للتكيف مع حالات القلق والحد من سيطرتها علينا بالتحكم بها.
كيف تتغلب على القلق؟
كما رأينا هناك قلق عام وقلق يهاجم الشخص في أوقات متباعدة، ونتائج علمية ما زالت قيد البحث حول عدم دقة المخاوف التي ترافق القلق، كذلك تقنيات كثيرة يمكنك استخدامها لمواجهة القلق ونتائجه المدمرة على الصحة والحياة بشكل عام، وما عليك فعله هو :
– الامتناع عن الامتناع: حدد الحالات والمواقف التي تمتنع عن مواجهتها، وابدأ بتعريض نفسك لها بشكل تدريجي، وقد تزيد هذه التغييرات من القلق على المدى القريب، لكن يترسخ لديك شعور بالراحة الناتجة عن ذلك مع الوقت، مما يستحق المخاطرة (أو الإحساس بالإثارة)، حيث أن هناك الكثير من العوامل المشتركة بين القلق والإثارة، لأنهما من التجارب العاطفية التي تولد الحماس! والتبديل من الخوف إلى الغبطة قد يكون بسيطاً مثل: إعادة تسمية العاطفة أو حتى نطقها بصوت عالٍ، ففي دراسة القلق على أنه نوع من الإثارة قبل أي فعل؛ وجد الباحثون أنه عندما تشعر بالقلق، فإن إخبار نفسك بأن قلقك قد يكون في الواقع مورداً لتحسين أدائك، بدلاً من كونه علامة على الفشل الوشيك؛ قد يؤدي إلى تحسين الأداء تحت الضغط أيضاً، ولا يمكن لكيفية مرورك بحالات القلق المثيرة، أن تجعلك أكثر إدراكاً للأمل فحسب، بل يمكن أن تؤثر على جسمك أيضاً، حيث أظهر البحث أن هناك اختلافاً ملحوظاً في استجابتنا الفسيولوجية، وذلك في حال وصفت الحدث المُقلِق بالتحدي بدلاً من التهديد، وعندما تقول لنفسك مثلاً أن المحادثة الصعبة مع أحد المدراء في العمل قد تكون صعبة، لكنها ليست خطيرة؛ فأنت أكثر عرضة للتكيف مع الموقف وتجربة نتيجة إيجابية .
– التهدئة الذاتية: تعتبر تقنيات اليوغا والتأمل والخيال الموجه؛ ناجعة للتهدئة الذاتية وقد تساعد في التحكم بحالات القلق، أو في الحالات المثيرة للقلق، كما تساهم في رفع الأداء تحت الضغط وحالات الإجهاد الشديد التي تعزز القلق أيضاً، بإعادة استهداف حالة الإثارة المرافقة لها وتوجيهها لتحسين الحالة الذاتية وتعزز الأداء .
– تنمية التفكير المنطقي: القول أسهل من الفعل، فعندما لا تشعر بالقلق، حاول تحديد نقاط الضعف والتفكير المبالغ به، التي تسيطر على تفكيرك وتقييماتك لذاتك وحياتك، فإعادة تقييم حالات القلق والإجهاد أثبتت فعالية أكثر من حالة التحكم بالقلق.. أثناء الموقف المثير للقلق والإجهاد .
– الإصغاء لأشخاص تثق بهم: قد يكون قلقك مبرراً بالنسبة لك، لكنك لو استشرت أشخاصاً مقربين منك وتحبهم وتثق بهم؛ سيقدمون لك وجهة نظر مختلفة، ثم أن القلق هو استجابة للحرية وهو المسؤولية التي تتحملها نتيجة قراراتك في ضوء تلك الحرية ، حتى لو عانيت القلق بسبب أتفه الأشياء، وحول تساؤل بسبب المعاناة من الوهم والقلق لأتفه الأشياء، ت ” في فترة تكوين نفسك وشخصيتك وبداية مستقبلك، كل ذلك قد يشعرك ببعض القلق والتوتر، نصيحتي لك أن تأخذ الأمور بروية، وتستعين بأهلك ومدرسيك للنصيحة والتوجيه، وانخرط كذلك في نشاطات مختلفة ثقافية ورياضية وتطوعية، كلها تساعدك على صقل شخصيتك وتخفيف توترك في آن واحد”.
– الاستشارة المتخصصة والعلاج: ليس من السهل السيطرة على الإحساس بالقلق، خاصة عند الحديث عن حالة من القلق العام المزمن، بحيث يصبح جزءاً من حياة المرء، لذا يعتبر العلاج النفسي إحدى الأدوات الهامة للتعامل مع القلق والتغلب عليه، “هو اضطراب نفسي يسمى فوبيا المرض، وهو يدرج تحت اضطراب القلق، وإن لم تقاوم وتكسر هذه الحلقة المفرغة، ربما تحتاج إلى علاج نفسي بمضادات القلق”.
أخصائي نفسي
الولاء مكي