ذكريات التحرش ( 2 )

يعتبر التحرش الجنسي حدث مؤلم في حياة من يتعرض له لما يتركه من آثار نفسية خطيرة قد تستغرق وقتاً طويلاً للتخلص منها، ولكن ماذا لو كان الشخص الذي تعرض للتحرش طفلاً، فهل يمكن أن ينسى هذه الحادثة، وهل لها أي تأثير على نفسيته عند الكبر، وكيف يمكن للأهل أن يساعدوا الطفل الذي تعرض لتجربة تحرش بالتخلص من ذكريات هذه الحادثة الأليمة؟

التحرش في الصغر يؤثر في الكبر .

قد يؤثر تعرض الطفل لحادثة تحرش أو اعتداء جنسي على شخصيته خلال مراحله العمرية المختلفة وذلك إذا لم يتم علاج المشكلة بالطريقة الصحيحة من قبل الأهل وباستشارة مختص نفسي، حيث يؤثر التحرش الجنسي بالطفل على المدى البعيد ويؤدي إلى:

  1. الخوف وضعف الشخصية: من الممكن أن يتسبب تعرض الشخص لتجربة تحرش في الطفولة بضعف في شخصيته وعدم الرغبة في الاختلاط بالمجتمع بسبب شعوره بالظلم وعدم الثقة بالأشخاص وخاصة إذا ما وقع التحرش من قبل شخص مقرب.

  2. النظرة المشوهة للعلاقة الجنسية: قد يتسبب التحرش في الطفولة بحدوث نظرة مشوهة للجنس عند الشخص، مما يتسبب في كره الجنس أو النفور منه وما يرافق ذلك من رفض لفكرة الزواج وخاصة عند الأنثى، كما أنه من الممكن أن يتسبب في انحرافات جنسية لديه وإدمان على المواقع الإباحية والعادة السرية.

  3. اضطرابات في النوم وكوابيس: يمكن أن يتسبب تعرض الشخص للتحرش في الطفولة بمشاكل في النوم مثل الأرق أو الكوابيس قد تستمر لفترة طويلة من حياته وخاصة إذا كان التحرش قد وقع بصورة متكررة في الصغر.

  4. العنف والعدوانية: السلوك العدواني من أكثر الآثار التي يتسبب بها التعرض لتجربة تحرش خلال مرحلة الطفولة، وقد يشمل العنف الإيذاء الجسدي تجاه الآخرين أو النفس كذلك العنف الجنسي مع الشريك، أو القيام بالتحرش بالأطفال كرغبة بالانتقام من المجتمع.

  5. مشاكل في العلاقة الزوجية: يمكن أن يتسبب التعرض لحادثة تحرش في الطفولة إلى مشاكل بعد الزواج لعدم القدرة على ممارسة العلاقة الزوجية والنفور منها بسبب ذكريات التحرش التي تعرض لها أحد الزوجين في طفولته.

كيف يتخلص الطفل من ذكريات التحرش؟

عدم نسيان الطفل للتحرش الذي تعرض له أمر خطير جداً قد يتسبب بمشاكل كثيرة مثل اضطرابات في النوم والكوابيس ورفض فكرة الزواج والانعزال وضعف الشخصية وعدم الشعور بالأمان، وهنا يأتي دور الأهل لمساعدة الطفل في التخلص من هذه الذكريات قدر الإمكان وعدم تركها تستمر معه في مراحله العمرية اللاحقة، ولمعرفة كيف يمكن أن يساعد الأبوين طفلهم للتخلص من هذه الذكريات :

  1. عقاب المتحرش: يجب أن يسعى الأبوين إلى عقاب المتحرش وجعل الطفل يعلم بذلك العقاب، فهذه خطوة مهمة جداً لعلاج ذكريات التحرش والآثار السلبية الناتجة عنها، حيث سيشعر الطفل بالطمأنينة والأمان وتخطي هذه المرحلة والتعافي منها.

  2. ملئ فراغ الطفل: حاول ملئ فراغ الطفل وخاصة في الفترة الأولى بعد حادثة التحرش وذلك لمحاولة جعل الطفل ينسى هذه التجربة، يمكن أخذ الطفل في نزهة يومية أو جمعه مع أصدقائه وعدم تركه لوحده خصوصاً خلال هذه الفترة حتى لا يتذكر الحادثة.

  3. تجنب ذكر حداثة التحرش أمام الطفل: بعد مرور طفلك بتجربة تحرش تجنب ذكر هذه الحادثة أمامه وتذكيره بتفاصيلها فذلك سيعيق نسيان الطفل لهذه التجربة ويرسخها أكثر في ذاكرته.

  4. إبعاد الطفل عن مكان حادثة التحرش: ينصح بإبعاد الطفل عن المكان الذي حصلت فيه حادثة التحرش، فإذا كان التحرش بالطفل قد حصل في مدرسته مثلاً فينصح بنقل الطفل إلى مدرسة أخرى وذلك لمنع عودة هذه الذكريات من جديد واسترجاع الحادثة.

  5. تجنب لقاء الطفل بالمتحرش: من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى عودة ذكريات التحرش للطفل هو رؤية المتحرش من جديد، لذلك ينصح بتجنب رؤية الطفل للشخص الذي تحرش فيه خاصة إذا كان من الأقارب فذلك سيساعد في التخلص من هذه الذكريات.

  6. وضع الطفل في نادي رياضة دفاع عن النفس: يمكن أن يساعد وضع الطفل في نادي لتعلم الفنون القتالية في استعادة ثقته بنفسه والشعور بالقوة والقدرة على الدفاع عن نفسه في حال التعرض لموقف مشابه بالتالي المساعدة في تخطي هذه الذكرى.

  7. اللجوء إلى اخصائي نفسي: إذا تعرض الطفل للتحرش ورافق هذه الحادثة خوف وهلع من الطفل أو كوابيس أو ذكر الطفل للحادثة كثيراً مع تعابير الخوف والقلق فيجب اللجوء إلى طبيب أو اخصائي نفسي لتخطي ذكرى هذه الحادثة.

متى يحتاج الطفل الذي تعرض للتحرش للطبيب النفسي؟

في بعض الحالات لا يستطيع الطفل نسيان حادثة التحرش بالرغم من جميع المحاولات التي يقوم بها الأبوين لجعل الطفل يتجاوز تلك الحادثة ويبدأ حياته بشكل طبيعي من جديد، هنا لا بد من استشارة طبيب نفسي مختص لمساعدة الطفل على نسيان هذه التجربة التي مر بها، وهذه أبرز الحالات التي يجب فيها اللجوء لطبيب مختص للمساعدة:

  • اضطرابات في النوم: إذا لاحظت أن طفلك يعاني اضطرابات في النوم أو أرق أو كوابيس وذلك حتى بعد مرور وقت على حادثة التحرش، فينصح بعرض الطفل على طبيب نفسي الذي قد يصف له بعض الأدوية المهدئة التي ستساعده في النوم.

  • الانحرافات الجنسية: إذا ظهر على طفلك علامات الانحراف الجنسي مثل التحرش بالأطفال الآخرين أو مشاهدة أفلام جنسية وإدمان على العادة السرية، فينصح بعرض الطفل على طبيب نفسي لتقويم الطفل وعلاج سلوكه المنحرف بدلاً من التعامل معه بعنف وزيادة الأمر سوءً.

  • تكرار تجربة التحرش: إذا تعرض الطفل لحادثة تحرش جديد فقم مباشرة بعرض الطفل على اخصائي نفسي للتقليل قدر الإمكان من أي آثار نفسية خطيرة يمكن أن يتعرض لها.

  • السلوك العدواني: إذا لاحظت تغير في سلوك الطفل وقيامه بتصرفات عدوانية وعنيفة تجاه الأطفال الآخرين أو الأخوة والوالدين وممارسة التنمر عليهم، فغالباً ما يكون الطفل بحاجة إلى علاج نفسي من قبل أخصائي أو طبيب نفسي.

  • إيذاء النفس: إذا قام الطفل بمحاولات لإيذاء نفسه مثل القيام بجرح نفسه بآلة حادة أو محاولات انتحار كشرب كمية كبيرة من الأدوية، أو حتى مجرد الإفصاح عن الرغبة بالانتحار، فلا تهمل هذه العلامات واستشر طبيب أو مختص نفسي.

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟