أهمية الصحة النفسية لدى الأطفال توازي أهميه الصحة الجسدية والعقلية .
وقد يحتار الأهل في ما يجب إتباعه لنشأة الطفل بالشكل السليم لمساعدته على تكوين شخصية مستقلة توفّر له حياة نفسية مستقرة في ما بعد .
التجارب النفسية والأجتماعية المبكرة المتعددة التي يمر بها الأطفال ، عادة ما تشكل حياتهم المستقبلية. فهي تضع حجر الأساس لسلامة صحتهم النفسية .
فأي خلل او اضطراب في حياة الطفل يعيق قدراته على التعلم والنمو و التواصل مع التداعيات المختلفة التي قد تؤثر عليه مدى الحياة ، خصوصًا مرحلة الطفولة المبكرة (الفترة من سنتين إلى 5 سنوات).
الصحة النفسية للأطفال :
إن التمتع بصحة نفسيةمستقرة أثناء فترة الطفولة يعنى اكتساب مهارات تنموية وعاطفية ، بالإضافة إلى تعلم المهارات الاجتماعية الصحية، وكيفية حل المشكلات بشكل سوي ومرن ومتزن.
تنعكس هذه المهارات بشكل جيد على تعاملاتهم في إطار البيت والأصدقاء والمدرسة، وعلى حياتهم الاجتماعية والعملية في المستقبل .
الاضطرابات النفسية وتأثيرها على الأطفال :
الصحة النفسية جزء مهم من الصحة العامة ، وأي خلل أو اضطراب في الصحة النفسية يؤثر على معدل النمو الطبيعي للطفل .
بدون التشخيص والعلاج المبكر قد يعاني الأطفال المصابون باضطرابات نفسية من مشكلات ، يمكن أن تستمر حتى مرحلة البلوغ .
معني اضطراب الصحة النفسية للطفل :
توصف الاضطرابات النفسية بين الأطفال بأنها تغيرات حادة في الطريقة التي يكتسب بها الطفل المهارات، أو الطريقة التي يتعامل بها مع عواطفه وانفعالاته، مما يسبب الكثير من المشكلات والمتاعب له ولمحيطه الاجتماعي. قد تظهر هذه الاضطرابات على شكل خوف أو قلق أو بعض السلوكيات التخريبية.
أسباب الاضطرابات النفسية عند الأطفال
من المحتمل أن تكون هذه الاضطرابات ناتجة عن مجموعة من العوامل كالوراثة ، حيث يمكن أن ينتقل اضطراب عقلي معين من الآباء لأطفالهم ، بسبب جينات وراثية معينة .
أن وجود خلل في الناقلات العصبية الموجودة في الخلايا العصبية في الدماغ، والمسؤولة عن حدوث التواصل بين الخلايا وبعضها يكون سبب في بعض الأمراض النفسية . حيث لا تصل الرسائل عبر الدماغ بشكل صحيح .
وتعتبر الصدمات النفسية أيضًا من العوامل التي تؤدي إلى حدوث اضطرابات في الصحة النفسية للأطفال، مثل الإساءة العاطفية والجسدية والجنسية، أو مثل فقدان أحد الوالدين أو إهمال الأهل .
الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعًا عند الأطفال :
يختلف الأطفال عن البالغين في أنهم يتعرضون للعديد من التغيرات الجسدية والعقلية والعاطفية أثناء مراحل نموهم وتطورهم الطبيعي. الأمر الذي ينعكس على طريقة تعاطيهم مع مشاعرهم المختلفة ومع الآخرين . بالإضافة إلى ذلك فلكل طفل طبيعته الخاصة في النمو والتطور، حيث ينضج كل طفل حسب ظروفه الخاصة.
وما قد يعتبر طبيعيًا عند طفل قد يعتبر خللاً عند طفل آخر. لهذه الأسباب فإن أي تشخيص لاضطراب نفسي يجب أن يأخذ في الاعتبار ظروف الطفل الاجتماعية ومحيطه الأسري والبيئة التي ينتمي إليها، بالإضافة إلى علاقة الطفل بأقرانه وإخوته وعائلته، وكذلك عمر الطفل والأعراض التي يعاني منها.
هناك عدة أنواع مختلفة من الاضطرابات النفسية التي يمكن أن تصيب الأطفال والمراهقين، بما في ذلك :
اضطراب القلق :
يتم تشخيص الطفل بأنه يعاني من اضطراب القلق عندما لا يتغلب الطفل على مخاوفه، فيصاب بنوبات متكررة من الخوف المفاجئ والشديد الذي يصاحبه أعراض مثل خفقان القلب أو صعوبة التنفس أو الشعور بالدوار أو الارتعاش أو التعرق. يمكن أن تشمل أعراض القلق أيضًا اضطرابات النوم، بالإضافة إلى الأعراض الجسدية مثل التعب أو الصداع أو آلام المعدة.
اضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة (ADHD)
يعاني الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عمومًا من مشكلات في الانتباه والتركيز، و يتبعون التوجيهات، كما أنهم يشعرون بالملل والإحباط بسهولة من المهام. كما أنهم يميلون إلى التحرك باستمرار بشكل مندفع.
اضطرابات السلوك التخريبي :
يميل الأطفال المصابون بهذه الاضطرابات إلى تحدي القواعد، وغالبًا ما يتسببون في إثارة الشغب من حولهم.
اضطرابات الأكل :
يرتبط اضطراب الأكل بخلل في نظام الأكل، سواء بفقدان شهية أو بشراهة في الأكل.
اضطرابات الإخراج :
هي الاضطرابات التي تؤثر على السلوك المرتبط باستخدام الحمام، كالتبول اللا إرادي، أو التبول في الفراش، وهو أكثر اضطرابات الإخراج شيوعًا.
صعوبات التعلم :
يعاني الأطفال المصابون بهذه الاضطرابات من مشكلات في تخزين المعلومات ومعالجتها، وكذلك تدني مستوي التحصيل الدراسي في بعض أو كل المواد.
الاضطرابات المزاجية:
تتضمن هذه الاضطرابات الشعور المستمر بالحزن، أو التغير السريع في الحالة المزاجية، وتشمل الاكتئاب .
اضطراب ما بعد الصدمة :
قد يعاني الأطفال من أحداث صادمة، كالموت والفقدان وضغوط شديدة للغاية، تؤثر على طريقة تفكيرهم وشعورهم. في معظم الأحيان، يتعافى الأطفال بسرعة وبشكل جيد. إلا أن في بعض الأحيان قد يصاب الأطفال بأعراض طويلة المدى (تستمر أكثر من شهر) ، فيتم تشخيصهم باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
علاج مشكلات الصحة النفسية عند الأطفال :
تتسبب اضطرابات الصحة النفسية لدى الأطفال في عدة مشكلات، يظهر أثرها على المدى البعيد .
ويساعد التدخل المبكر فى تقليل هذه المشكلات .
العلاج النفسي :
يهدف العلاج النفسي إلى علاج حالة الطفل النفسية من خلال مساعدة الطفل على إدارة الاعراض، ليتمكن من التكيف بشكل جيد في إطار المحيط الاجتماعي في البيت والمدرسة و النادي. قد يلجأ بعض المتخصصين إلى استخدام الأدوية على حسب نوع وشدة المشكلة.
العلاج السلوكي :
يهدف العلاج السلوكي للأطفال وأسرهم إلى تقوية السلوكيات الإيجابية للطفل، والقضاء على السلوكيات غير المرغوب فيها أو الحد منها. يعمل المعالج مع الآباء (في حالة الأطفال صغار السن) لتعليمهم أو تحسين مهاراتهم في إدارة سلوكيات أطفالهم. ويتم تشجيع الآباء على ممارسة المهارات مع أطفالهم، أثناء جلسة العلاج أو في المنزل. ويمكن أيضًا تدريب المسئول على إدارة السلوك لمساعدة الطفل في مركز رعاية الأطفال أو المدرسة.
أما في حالة الأطفال المراهقين قد يعمل المعالج مباشرةً لتعليمهم كيفية اختيار السلوكيات الإيجابية.
العلاج السلوكي المعرفي :
يعتمد العلاج السلوكي المعرفي على تغيير الأفكار والعواطف التي يمكن أن تؤثر سلبًا على سلوك الطفل.
يساعد المعالج الطفل على إدراك أفكاره ومشاعره وتقييم هذه المشاعر ما إذا كانت مشاعر وأفكار مقبولة او غير منطقية. تساعد هذة الخطوات الطفل ليس فقط في تغير أفكاره ولكن أيضًا في تغيير ردود أفعاله العاطفية والسلوكيات المصاحبة لها.
يبقي أن نشير إلى أن علاج اضطرابات الصحة النفسية للأطفال يكون أكثر فاعلية إذا كان يناسب احتياجات الطفل وحالته .
تسع نقاط لضمان الصحة النفسية لدى الأطفال :
1- أن ينشأ الطفل ضمن عائلة تتمتع بإستقرار نفسي ويكون توزيع الأدوار بين الأم والأب واضحاً في داخلها، لكي تكون الصورة الذاتية لديه مستقرة، خصوصاً من عمر صفر الى 5 سنوات حيث تبدأ شخصيته بالتكوّن.
2- أن تكون المدرسة التي يتعّلم فيها مؤهلة لتعليمه كيفية التواصل بالشكل السليم، عبر تزويده بالمقدرة على المعرفة والتطوّر والتواصل الإجتماعي الصحيح.
3- تنمية قدراته الذهنية والذاتية عبر اللعب الذي له أهمية بالغة جداً في تعليمه المبادىء الحياتية الهامة.
4- أن يُترك للطفل حرية التعبير عما يجول في نفسه ليستطيع التواصل مع الآخرين وعدم كبت بعض الأمور التي يفّكر بها. فإذا تعرّض لاي أذي، على سبيل المثال، لن يقوم بإخبار والديه ما لم يكن قادراً على التعبير.
5- أن لا يتم تعريضه للتعنيف المعنوي، اللفظي والجسدي. والأول لا يقل أهمية عن الثالث لأنه يُبقي الطفل أسير تلك الألفاظ والتعابير التي تلحق الأذى النفسي به كنعته بعبارات “أنت كسلان”، “أنت لا تنفع بشيء”، “لن تستطع الوصول الى أي شيء”..
6- أن تُقدَّم المساعدة الكافية للطفل من أجل إكتشاف قدراته ومواهبه، ما يمنحه ثقة عالية بالنفس.
7- أن يُمنح الإستقلالية والتعبير عن آرائه بحرية، دون الإضطرار لمزاولة رياضة معينة مثلاً أو أمر معين لأن والده يريد ذلك.
يجب أن لا يكون الطفل مرتبطاً، في آرائه، بأحد، حيث من المهم جداً أن يقوم بما يحب أن يقوم به لينعم في ما بعد بشخصية مستقلة.
8- التعامل مع الطفل وفقاً لمبدأ الثواب والعقاب الذي يعطيه القدرة على معرفة الحدود التي يجب أن يقف عندها ولا يتخطاها. وذلك بتعريضه للعقاب عندما يُخطىء وأن يتم إفهامه سبب العقاب، وأن تتم مكافأته عندما يقوم بعمل جيد. فإن ذلك من شأنه أن يساعده على معرفة وتقدير الأشياء الإيجابية.
9- توعية الطفل جنسياً وتعليمه إحترام جسده وجسد الآخرين، ما يجعله قادراً على حماية نفسه من أي أذى يمكن أن يتعرّض له عن رفض الإعتداء) والدفاع عن ذاته والتبليغ عن الأمر. الأمر الذي يخفف الضغط عنه.
دمتم بوعي نفسي وصحي تجاة أبنائكم
بي بيرفكت للطب النفسي
أكاديمية كوريكتور
أخصائي نفسي الولاء مكي