العلاقة الأيجابية مع النفس

خلال هذه الأيام الغريبة التي يمر بها معظم البشر، تبرز أهمية علاقة الشخص مع نفسه، وقدرته على فهم مشاعره الصعبة، لا ضير أن مشكلة صحية تهدد حياتك هي أمرٌ يثير الذعر، وربما يفصلك الظرف الصعب عن الشخص الذي كنته قبل شهر بل أسبوع من اليوم، مهما تكن عقلانياً قد تأخذك موجة الشائعات قليلاً، فيكون الإجهاد عدوك، وضمن أي ظروف صعب؛ تبرز أهمية العلاقة الصحية مع الذات.

فن الكذب على الذات
ما هي العواطف هل هي أفكار، مشاعر، أحاسيس، مفاهيم.. أم أنها مزيج من كل هذا؟ عملياً لا أحد يعرف الكثير عن عواطفه، لقد حفظت جدول الضرب لأنك ذهبت إلى المدرسة، ولا أحد يذهب إلى المدرسة لفهم كيفية التعامل مع الاكتئاب أو الخوف بشكل أفضل أو كيفية إخراج نفسك من نوبة هلع وذعر أو أي طرق صحية للحزن أو آليات التخلص من الإدمان مثلاً.
تتلخص تربيتنا على كيفية التعامل مع مشاعرنا (علاقتنا مع مشاعرنا) على الشكل التالي: احصل على المزيد من المشاعر الجيدة؛ الحب والسعادة والمرح، وما إلى ذلك، وافعل كل ما بوسعك لتجنب المشاعر السلبية ؛ الحزن والغضب والقلق والذنب.. إلخ، وهنا يكمن أصل كل صراع عاطفي يمكنك التفكير فيه!
تكمن المشكلة في أنه بمجرد تصنيف فئة كاملة من العواطف على أنها “سيئة” أو “سلبية”، فأنت تدرب عقلك على اعتبار هذه العواطف؛ تهديدات ومخاطر يجب التخلص منها أو تجنبها بأي ثمن، لكن هذا الاعتقاد بأن العواطف (السلبية) خطيرة ويجب تجنبها، عادة ما يسبب معاناة عاطفية خطيرة مثل:

  • إطلاق النكت والتهكم على الظروف الصعبة، وهي طريقة (رائعة) لزيادة هلعك ورعبك، كذلك جهلك حول أفضل إجراءات إدارة عواطفك!

  • انتقاد نفسك للشعور بالحزن، هو طريقة مباشرة لجعلك مكتئباً.

  • القلق بشأن القلق، هو طريقة (مهمة) للتسبب بنوبة هلع أو قلق مزمن!

  • إن الحكم على نفسك للشعور بالغضب، هو طريقة مباشرة للشعور بالخجل والذنب طوال حياتك.

كيفية تنظيم المشاعر .
مما سبق.. فإن الشيء المشترك بين الأشخاص الذين تتحكم بهم مشاعرهم، أنهم يميلون إلى القيام بما يشعرهم بالراحة فقط، بمعنى يتم تنظيم مشاعرهم وفقاً “أشعر بالرضا” أو “أشعر بالسوء”، فإذا تركت المشاعر تتحكم بأفعالك، لن تحقق النمو الذاتي ولن تعيش الحياة إلا كشخص في التعداد السكاني لبلد ما، لأنك ستكون عالقاً في نفس الأنماط والعادات والعلاقات غير الصحية، ولأنك لم تتعلم كيفية تنظيم أو معالجة مشاعرك المؤلمة؛ لما يجب عليك القيام به وكيف تفكر بما يجب عليك التفكير به، لذلك عليك أن تعي مشاعرك وتتقبلها وتفهمها وتعرف ما الذي تقودك إليه (إن المشاعر والمؤلمة منها؛ بمثابة بوصلة الشخصية)، إليك كيفية العمل على حل أزمة مشاعرك بمختلف أشكالها :

  • وصف مختلف المشاعر والعواطف لديك: اكتب كل ما تشعر به، “أشعر بالخوف مما يحدث حولي أنا تعب، واحتاج إلى تحفيز لإتمام بحثي، عليّ متابعة العمل مهما كان”.

  • نظم مهامك خلال اليوم: عليك تحديد أولوياتك، لا تفرط بالعمل لـ 12 ساعة مثلاً، ثم تضجر وتحتاج إلى عطلة طويلة، لا تنتظر الشعور بالثقة والراحة التامة، ولا تماطل وتسوف، حتى تعمل على إنجاز مهامك الضرورية وما تحتاج القيام به.

  • ضع خطة لحل مشاكل تسبب لك القلق: ما هي الأمور التي تستمر في إثارة مشاعر القلق لديك؟ كيف يمكن أن تتعامل مع هذه المشكلات؟ ستكتسب الثقة من خلال معالجة ما يثقل عليك مشاعرك الصعبة، كما ستدرك أن معظم مخاوفك غير ضرورية وغير مهمة أساساً.

  • حدد ما يستحق المعاناة من أجله: وهو بكل تأكيد الأهداف طويلة المدى، والتي لا تُقاس بلحظات الرضا الآنية والفورية، فمن خلال استخدام مشاعرك لإحداث تغيير في حياتك وفق أهداف واضحة ومهمة وجديرة بالاهتمام؛ تساعدك المشاعر (الصعبة) على المثابرة في الأشياء غير المريحة، بالتالي لن يكون الانزعاج من هذه المشاعر الصعبة هو العدو، وذلك من خلال:

    1. تحديد المشاكل في حياتك: ومعرفة ما يزعجك بشدة وهي أول خطوة.

    2. معرفة وفهم الأفكار والعواطف والمعتقدات حول هذه المشاكل: فهي ما تخلق المشاكل من خلال استعارات وافتراضات خاطئة، أو هي ما يمنعك عن اتخاذ إجراءات فعلية بشأن هذه المشاكل.

    3. تحديد الفكرة الخاطئة: لأن الأفكار السلبية هي ما تعكس الواقع غالباً، لأنها أفكار خاطئة أو مبالغ فيها حول ما يحدث، وأنت تضخمه بسبب مشاعرك، مثل التفكير (العنصري) إزاء الصين بسبب فيروس كورونا، على اعتبار أنه انتشر هناك أولاً!

    4. تصحيح أنماط التفكير الخاطئة: فمن خلال تغيير منظورك وطريقة تفسيرك للأمور، يمكنك تغيير حياتك.

أخصائي نفسي

الولاء مكي

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟