الدخول في علاقة مؤذية يستهلك الكثيرون، وقد تمر السنوات دون التعافي أو تجاوز أزمة العلاقة، مما يؤدي إلى زيادة في تدمير الذات واحترامها فضلاً عن استنزاف الطاقة، وعدم الرغبة في خوض علاقات متجددة، وفي نفس الوقت تدمر العلاقة المؤذية علاقتك بالآخرين وعملك . العلاقة بين الأشخاص ليس شرطًا أن يكونا رجلاً وامرأة تجمع بينهما علاقة عاطفية، فطرفا العلاقة قد يكونا: أمًا وابنًا أو ابنة، أو أبًا وابنًا أو ابنة، شقيقين، صديقين، وأي علاقة تقع ضمن دوائر الشخص الأولى
تعريف العلاقة المؤذية :
♥ العلاقة التي يغيب عنها الإحساس بالأمان، وهو الإحساس المُحرك للإنسان في جميع أنشطته اليومية، والتي يشعر خلالها أحد الطرفين بالتهديد من الآخر والتوتر والقلق، فلا يستطيع التعبير عن نفسه وعن احتياجاته.
♥ العلاقة التي تؤدي بأي شكلٍ من الأشكال لأذى أحد الطرفين، سواء أذى جسدي أو نفسي، ومن أشكال هذه العلاقة؛ علاقة الجاني والضحية، حيث يقوم الجاني بشتى الممارسات المؤذية على الطرف الآخر/ الضحية، وبرغم أن الأذى في هذا النوع من العلاقة واضح، لا تستطيع الضحية الفكاك بالسهولة.
♥ علاقة بين طرفين، قائمة على الخوف المرضي، يكون الضحية فيها يتحرك بناءً على الخوف من الآخر/ الجاني، الخوف من العنف الجسدي، نوبات الغضب، العنف اللفظي “الإهانة والشتائم”، العنف المعنوي “التقليل من الآخر، السخرية والنقد الدائم”، بالإضافة إلى الخوف من التعبير عن المشاعر والتحكم في المساحة الشخصية.
علامات تؤكد أنك في علاقة مؤذية :
هذه العلامات تؤكد أنك في علاقة النفسية واضح تمامًا مثل العنف الجسدي، والبعض الآخر قد تعجز الضحية عن إدراكه، مثل الإجبار على تحمل مسؤولية مشاعر الآخر، وهذه العلامات هي:
1. المزاج السيئ وتقلب المشاعر: أن يكون أحد طرفي العلاقة في مزاج سيئ على الدوام، فيحول أبسط المشكلات والخلافات إلى مشكلة كبيرة.
2. استثارة الذنب: أن يُشعر أحد طرفي العلاقة الطرف الآخر بأنه مذنب طوال الوقت، حيث يقع عليه اللوم دائمًا باعتباره المسؤول عن كل ما يصيب هذه العلاقة من سلبيات.
3. التحكم في الآخر: أن يحاول أحد طرفي العلاقة التحكم في اختيارات والمساحة الشخصيةوتصرفات الآخر، “متشتغليش”، “متخرجيش مع صديقاتك”، “متعمليش كذا”…
4. إجبار الضحية على القيام بأشياء لا تود فعلها، مثل: قطع العلاقة مع أشخاص معينين، تحديد نمط حياة بناءً على تصورات الجاني، تنازلات معينة مادية أو جنسية.
5. التقليل من شأن الآخر: حيث يعمد أحد الطرفين إلى إشعار الطرف الآخر بأنه غير كافٍ، غير مقبول، التحقير من إنجازاته، مقارنته بالآخرين، السخرية منه.
6. التهديد والوعيد: وهو يخلق عند الطرف الذي يتلقى التهديدات حالة من الخوف والقلق، ومن أمثلة هذه التهديدات: “لو عملت كذا هعاقبك”، “لو عملت كذا علاقتنا هتنتهي”، “لو سبتيني هموت نفسي”.
7. إجبار طرف على تحمل مسؤولية مشاعر الطرف الآخر: حيث يحاول طرف ابتزاز مشاعر الآخر، وتحميله مسؤولية فعله السيئ، مثل: “إنتي اللي عصبتيني”، “إنتي اللي خلتيني أضربك/ أشتمك”.
8. الخوف من التعبير عن المشاعر والمطالبة بالاحتياجات: حيث يعجز أحد الطرفين عن أن يكون نفسه، من خلال التعبير بحرية عن مشاعره أو التصريح باحتياجاته المادية والنفسية.
9. غياب الثقة: عندما يشعرك الآخر أنه لا يثق بك، فيبدأ بمراقبة كل ما يخصك، أو يشعرك أنه لا يثق بقدراتك، ويحتاج دائمًا أن يراجع أفعالك، ما يضعك دائمًا في خانة المُراقَب وكأنك عارٍ أمام الآخر.
10. العنف: أن يتعرض أحد طرفي العلاقة للضرب والتعنيف، أو الإهانة أو الاستغلال الجنسي أو التحقير من شأنه والإساءة إليه معنويًا.
تكرار 4 من هذه العلامات مؤشر أنك ضحية علاقة مؤذية، ويجب البدء بالتفكير في كيفية التخلص من العلاقات المؤذية، للنجاة بنفسك وصحتك الجسدية والنفسية، لأن الاستمرار في مثل هذه العلاقات استنزاف للنفس واحتراق بالبطيء، فبعد سنوات يصل الضحية إلى حالة من الخواء النفسي التام .
كيفية التخلص من العلاقات المؤذية :
التخلص من العلاقات المؤذية ليس أمرًا سهلا مع الأسف، ففي غالبية هذه العلاقات تجهل الضحية أنها في علاقة مؤذية، وتفسر بعض التصرفات المسيئة من الآخر على أنها حب أو تعلق أو ارتباط، وفي بعض الأحيان تكون مدركة أنها في علاقة مؤذية، لكن وصلت مرحلة من التشوه لم تعد قادرة على إدراك ما تستحقه أو استيعاب مفهوم علاقة صحية، بل ويصل الأمر إلى التحدث بلسان الجاني، فأن تقول: “أنا اللي عصبته فضربني”، “أستاهل الخيانة عشان أهملته”، “هو كويس بس عصبي ومبيشوفش قدامه”.
التخلص من العلاقات المؤذية يزداد صعوبة كلما كانت العلاقة تقع ضمن دوائر الضحية الأولى، فمن السهل قطع علاقة مؤذية تقع ضمن دائرة العمل، ولكن من الصعب قطع علاقة زوجية أو ضمن دائرة الأسرة، لأن الأمر خاضع لاعتبارات عدة.
أبرزها قدرة الضحية على الاستقلال المادي، في حال كانت معتمدة على الشريك المؤذي ماديًا، أو هناك مسؤولية مشتركة بينهما كالأطفال، أما عن كيفية التخلص من العلاقة المؤذية فهو كالآتي.
الاعتراف
التخلص من العلاقات المؤذية يبدأ من وعي الضحية بأنها ضحية وقدرتها على التفريق ما بين العلاقة المؤذية والعلاقة الصحية، وإدراكها لحقوقها ولحدودها التي لا يجب أن يتعدى عليها الآخر.
المواجهة
تأتي بعد ذلك مرحلة المواجهة، بأن تخبر الآخر بأن العلاقة بينهما تحتاج لإصلاح، لتقيس مدى استعداده لأن يبذل جهدًا لتصويب الأخطاء، وفي حالات الزوج المُعنف تحتاج المواجهة لتدخل شخص له سلطة عليه، كالعائلة على سبيل المثال.
الانسحاب
في حال التأكد أن هذه العلاقة غير قابلة للإصلاح، يكون الانسحاب والبعد هو الحل الوحيد، وفي هذه الحالة تحتاج الضحية كل الدعم الممكن لتستطيع الخروج من العلاقة المؤذية، دعم العائلة والأصدقاء، والدعم النفسي للتعافي من آثار العلاقة والتشوه الناتج عنها.
الدعم بعد التخلص من العلاقات المؤذية :
بعد التخلص من العلاقات المؤذية تكون الضحية في حالة من الهشاشة النفسية، تتطلب معها استحضار كل مصادر القوة والدعم، لتستطيع المضي قدمًا في طريق التعافي، سواء كانت مصادر داخلية نابعة من داخل الضحية، أو مصادر خارجية تتمثل في العائلة والأصدقاء والأماكن والأنشطة والجهات الحكومية التي تساعد ضحايا العنف .
مصادر داخلية
كل ما يُمكن أن تُقدمه الضحية لنفسها ويجعلها تشعر بالراحة والسعادة والأمان، هو بالتأكيد مصدر دعم وقوة، سيساهم في الوصول إلى مرحلة التعافي. كل استثمار في النفس بالوعي أو العلاج هو الاستثمار الأفضل على الإطلاق.
مصادر خارجية
أما المصادر الخارجية، فهي كثيرة: دعم العائلة، دعم الأصدقاء، العلاج النفسي، الأنشطة العلاجية مثل جلسات وورش الدعم النفسي، الأنشطة الترفيهية وتتحدد باهتمامات كل شخص، تحقيق خطوة أو مَهمة كانت مؤجلة بسبب العلاقة.
خطوات التعافي من العلاقات المؤذية :
تبدأ رحلة التعافي من الأذى بمجرد انتهاء العلاقة المؤذية وغياب الشخص المؤذي ،
ويظن البعض أن التعافي من العلاقات المؤذية يحدث بنسيان الأذى ، ولكن في حقيقة الأمر في العلاقات لا يوجد نسيان، ولكن يوجد تجاوز، حيث تصبح العلاقة المؤذية شيئًا من الماضي يقل تأثيره كلما مضينا قدمًا في الحياة،
رحلة التعافي تكون في عدة مراحل ، هي:
من المهم أن يبدأ الناجي من العلاقة المؤية في بناء علاقة حب مع ذاته، و أن يعترف لذاتة ويهتم بها ويدللها، فغالبًا ما يخرج الناجي من العلاقة بصورة مشوهة عن ذاته زرعها في نفسه الطرف الآخر، وثقة متزعزعة، وفي هذه الحالة الدعم النفسي مهم جدًا
1. القبول أول مراحل التعافي
قبول الألم والتجربة وتبعاتها، وقبول أن الحياة لن تصبح وردية بمجرد الخروج من دائرة الأذى، لكنها مجرد خطوة أولى في رحلة تعافي تتطلب مجهودًا، ومن الطبيعي أن نخطو فيها خطوات للأمام وننتكس خطوة أو اثنتين للوراء.
2. عدم انتظار العدالة
قد يخرج البعض من دائرة الأذى ممتلئين بالأمل في أن الجاني سينال أقصى العقوبات، وسيشرب من نفس الكأس التي أجبرنا على شربها مرارًا، لكن هذه أشياء قد تحدث وقد لا تحدث، ولا يجب إطلاقًا أن نبدد طاقتنا في التفكير في هذا الأمر.
3. بناء علاقة حب مع النفس
من المهم أن تبدأ الناجية في بناء علاقة حب مع ذاتها، أن تتعرف إليها وتهتم بها وتدللها، فغالبًا ما تخرج الناجية من العلاقة بصورة مشوهة عن ذاتها زرعها في نفسها الطرف الآخر، وثقة متزعزعة، وفي هذه الحالة الدعم النفسي مهم جدًا.
4. الصبر والتأني
رحلة التعافي طويلة، لكن كل خطوة فيها مكسب كبير واستثمار في النفس، لا داعي للعجلة في حصد النتائج، أو الغضب في لحظات الضعف والهشاشة، فمع الأيام ستأتي القوة وسيقل الألم.
5. الامتنان
واحد من أهم أدوات الدعم النفسي هو الامتنان، ولا يُقصد به تقدير الإنجازات الكبيرة فقط، وإنما الامتنان لكل ما يحدث في الحياة اليومية، امتنانك لقدرتك على الاستيقاظ مبكرًا، امتنانك لاهتمامك بنفسك، امتنانك لكتابة نص جيد أو قراءة صحفتين من كتاب أو طبخ طبقك المفضل .
بي بيرفكت للطب النفسي
أكاديمية كوريكتور
أخصائي نفسي الولاء مكي