ان الاحساس بالذنب الذي يراود اي من الآباء في هذا الموقف لابد أن ينتهي. فالصرع يمكن علاجه بل أنه في كثير من الحالات يتم التحكم فيه تماما ..وليطمئن الآباء – ففرص طفلهم المريض في أن ينعم بحياه آمنة، وأن يتمكن من ممارسة نشاطه كبيرة
ماهو الصرع
ماهو الصرع فعلينا أن نتصور أن المخ هو المقابل الحيوي للكمبيوتر- مع الفارق طبعا- وأن خلايا المخ مرتبطة: كل منها بالأخري وتتصل ببعضها عن طريق شحنات كهربية بسيطة وفي بعض الأحيان يحدث نشاط غير طبيعي في الشحنات الكهربائية في خلايا المخ ينتج عنها اضطراب الوعي أو اضطراب نفسي أو حركات عضلية ارتجافية فاذا ما تكررت هذه الظواهر يقال أن هذا الشخس يعاني من مرض الصرع أو النوبة.ومن هنا يتضح أن النوبة أو الصرع هو حدث وقتي يحدث لفترات قصيرة ويكون فيها المخ تحت تأثير نشاط كهربائي غير طبيعي متكرر.
فاذا حدثت هذه الأنشطة الكهربائية في جزء محدود من المخ يحدث ما يسمي بالنوبة الصرعية الجزئية أو بالنوبة الصرعية البؤرية. فمثلا اذا حدث الاضطراب الكهربائي في الخلايا المخية المسئولة عن المراكز الحركية للجسم بالفص الجبهي من المخ ويترتب علي ذلك حركات ارتجاجية في طرف أو جزء من طرف أو نصف الوجه أو في شق كامل من الجسم وعادة لاتكون مصحوب باضطراب أو فقد الوعي وتسمي بالنوبات الصرعية البؤرية الحركية. أما اذا اختلت الشحنات الكهربائية في خلايا المخ بالمراكز الحسية المسئولة عن الاحساسات بالجسم والممثلة في الفص المخي الجداري فيشعربالخدر أو النمل أو الوخذ أو الكهرباء أو برودة أو سخونة تنتشر في طرف او جزء من طرف أو في الوجه أو الشق كله وقد يصاحب هذه الاحساسات شعور بتغير في حجم الطرف المصاب.
أما الاضرابات الكهربائية في الفص الصدغي فتؤدي الي نوبات اضطراب الوعي مع شحوب وجه المريض وشخوص العينين وفقد التعبير والانتباه مع هلاوس بصرية مرئية مخفية تكون علي شكل شيطان أو حيوان مخيف مفترس وقد يسمع المريض رنينا أو طنينا لا يستطيع تفسيره،كما يشعر المربض كأنه في حلم وقد يصاحب ذلك حركات تبدو كأنها ذات قصد حيث يقوم الشخص بأعمال معقدة تبدو كأنها ذات هدف ولكن يبدو علي المريض عدم الوضوح الفكري، وفي بعض الأحيان يثور المريض ويقوم بأعمال اندفاعية ذات عنف ووحشية وتستمر هذه النوبات عدة دقائق يعود بعدها لوعيه ولكنه لا يتذكر شيئا مما حدث أثناء النوبة.
أما اذا شمل النشاط الكهربائي المخ كله فيحدث ما يسمي بالنوبة الصرعية المتعممة أو الصرع الكبير حيث يفقد المريض وعيه ويعاني من حركات وتقلصات توترية تصيب عضلات الجسم كله والوجه ويصبح وجه المريض أزرق نتيجة تشنج عضلات التنفس وكذلك يتراكم اللعاب في الفم والبلعوم ويختلط بالهواء فيظهر من الفم بشكل زبد وقد يبرز اللسان بين الاسنان فيعضه المريض ويدميه كم تفرغ المثانة ونادرا يفرغ المستقيم نتيجة التشنج ويعقب هذا النوع من التشنجات صدا وقتي مع اختلاط التفكير ولا يذكر المريض شيئا مما حدث اثناء النوبة.
واذا أصابت الاضرابات الكهربائية خلايا مراكز الانتباه يحدث اضطراب الوعي وشحوب الوجه المريض وشخوص العينين مع فقد التعبير والانتباه وقد يصاحب ذلك حركات في الجفنين أو الحاجبين يعود بعدها المريض الي حالته الطبيعية لمتابعة عمله وتسمي هذه النوبات بالنوبة الصغبرة أو الغيبة وهذا النوع من الصرع كثير الحدوث في الأطفال ويتكرر كثيرا في اليوم الواحد حتي مئة أو مئتين مرة.
ماذا أقول لطفلي عن مرضه .
لاشك أن سن الطفل هو الذي سيحدد لك ما تقول له عن مرضه، وعن الصعوبات التي يواجهها.. لأنه من الضروري أن يعرف الطفل أنه يعاني من حالة مرضية ينتج عنها ما يسمي بالنوبة أو الصرع. وعلي الآباء أن يقدمولأطفالهم- كلا حسب سنه – تفسيرا معقولا لأسباب الصرع وبالقدر الذي يستطيع استيعابة ويمكن شرح ذلك حتي للأطفال الذين يبلغون ثلاث أو أربع سنوات من العمر. فباستطاعة كل طفل أن يستوعب ما يعني أن المخ يرسل اشارات أو أوامر الي الجسم ليؤدي عملا أو أنه يحدث في بعض الأحيان أن يخطيء المخ فيرسل اشارات لا يريدها الجسم ولكنه مرغم علي اطاعتها – ولذلك تحدث النوبة،وفي جميع الأحوال علي الآباء أن يعدو أنفسهم لمواجهة العواقب السلبية التي يشعر بها الابن حين يدرك طبيعة المرض الذي يعانيه – وسيسأل الطفل أبويه عن سبب مرضه – وعلي الآباء أن يجيبوا بصراحة بأنهم لا يعرفون وان الذي يعرفونه وهو الأهم أن هذا المرض ليس نتيجة لأي فعل سيء أتي به الطفل نفسه.
أن استعداد الأبوين في تقبل هذا الموقف وارتضاؤه هو أهم عمل يساعد الطفل علي الشفاء ويخفف من رد فعله تجاه حالته المرضية.
هل يشفي الصرع؟
في كثير من الأحيان يتغلب الأطفال علي مرضهم، وفي العديد من الحالات يتغلبون علي هذا المرض حين يصلون سن البلوغ ، ولكن في بعض الحالات تستمر النوبة أو الصرع مدي الحياة. ولاتوجد أية وسيلة للتنبؤ بما يحدث في كل حالة فردية. واذا كانت النوبة لاتعاود الطفل لعدة سنوات فمن المحتمل أن يقرر الطبيب ايقاف الدواء ليري أثر ذلك. فاذا حدث أن عاودت الطفل النوبة فلا داعي للقلق والخوف – لأنه في كل الأحوال يمكن التحكم في المرض مرة أخري بالعقاقير الطبية.
عرض الطفل علي الطبيب .
من السهل أن تخطلط أعراض النوبة أو الصرع مع بعض الأعراض الأخري التي لاعلاقة لها بالصرع. لذلك فانه من الضروري للطبيب أن يتاكد من نوع المرض قبل بدء العلاج وأول ما يعتمد عليه الطبيب هو ما يقوله الطفل نفسه وما يقوله الآباء عن الاعراض التي يلاحظونها علي الطفل وعن الأعراض التي أصابته سابقا.وبالاضافة الي ذلك يقوم الطبيب باجراء كشف كامل واذا ماشك في وجود شيء غير طبيعي بالجهاز العصبي أو المخ فانه عادة يجري اختبارا للأعصاب يقوم به طبيب متخصص في علاج المخ وأمراض الجهاز العصبي.
والكشف علي الأعصاب يتضمن عددا من الاختبارات بعضا منها يتطلب أجهزة معقدة مثل الذي يسجل النشاط الكهربي للمخ أو الذي يرسم تخطيطا خريطيا للنشاط الكهربي بالمخ وعادة مايسجل وجود اضطرابات كهربية في حالة الاصابة بالصرع. وهذه الأجهزة لا تسبب أي ألم للطفل. وفي بعض الحالات يطلب الطبيب اجراء اشعة علي الجمجمة وتوجد أجهزة تشخيص حديثة لاجراء مثل هذا الكشف مثل تصوير المخ بالأشعة المقطعية بالحاسب الآلي أو تصوير المخ بالمجال المغناطيسي . وكثيرا ما يساعد وجود الآباء الطفل أثناء عمل هذه الفحوص ولكن الأطباء والمختصون أنفسهم كثيرا ما يهدئون من روع الطفل بطريقو أسرع وذلك لخبرتهم في التعامل مع المرضي في مثل هذه الظروف.
أخصائي نفسي
الولاء مكي