الشخصية في علم النفس

الشخصية في علم النفس :

إنّ من الممكن وصف الشخصية بأنّها حصيلة قوى الفرد الداخلية والتي تتفاعل بدورها مع القوى والعوامل والمؤثرات الخارجية، وتتأثّر شخصية الفرد بشكل مستمر بجميع أشكال هذه القوى، وتعد الشخصية من أبرز المواضيع التي تناولها علم النفس بالنظريات والدراسات المختلفة، وبرزت أهمية دراستها في علم النفس؛ نظراً لأنها المكون الأساسي والرئيسي للتكوين النفسي والذي ينمو ويتفاعل بشكل مستمر خلال جميع مراحل الانسان الحياتية، فتناولت الدراسات النفسية الحديثة جميع جوانب الشخصية بالدراسة والتحليل.

الدراسات النفسية للشخصية ظهرت الكثير من النظريات النفسية في دراسة الشخصية وجوانبها وأنماطها، فتناولت دراسات المدرسة الجشطلتية الشخصية بنظرة شمولية وفردية وأنّ الانسان كائن منظّم وكلي، أما العالم ملو فتناول شخصية الفرد من خلال الرسم والتنظيم الهرمي للحاجات الانسانية ومدى تأثير اشباع أو حرمان الفرد من هذه الحاجات على الشخصية، أما فرويد فقد تناول الدراسات النفسية حول موضوع الشخصية بأسلوب التحليل النفسي العميق الذي يعتمد على الفهم الذاتي غير المُتعلَّم، كما ظهرت في علم النفس النظريات الاستدلالية التي قامت على الأساليب العلمية والتحليلية بشكل موضوعي في دراستها للشخصية، واعتمدت هذه الدراسات على القياس النفسي بالاختبارات النفسية والشخصية نظراً لاعتقادها أنّ شخصية الفرد وميوله السلوكي تعتبر عوامل وسمات وتفاعلات يمكن قياسها.

تعريف الشخصية في علم النفس :

من المعروف أنّ الشخصية الإنسانية عبارة عن خليط مُعقّد يحتوي على العديد من المكونات والجوانب المختلفة؛ كالسمات والعادات والدوافع البيئية المكتسبة والطبيعية الموروثة، بالإضافة إلى الميول والاهتمامات والعواطف والمعتقدات وغيرها الكثير، أما علم النفس فقد تناول تعريف الشخصية استناداً إلى التبحُّر في دراسة جانب معين من هذه الجوانب، وبالتالي فقد اختلفت التعريفات باختلاف العلماء واختلاف الموقف العلمي والنظري في الدراسات النفسية التي قد تفضّل البحث في جانب معين عن الآخر، ومن أبرز هذه التعريفات ما يلي: تعريف جليفورد: الشخصية هي عبارة عن جملة الطرز والسمات التي يتميز بها الفرد عن غيره. تعريف إيزنك: الشخصية هي الجانب الذاتي الذي يتميز به الفرد في توافقه مع بيئته، فتظهر في أخلاق الفرد ومزاجه وقواه البدنية والعقلية. تعريف واتسون: هي النشاطات الخارجية التي يقوم بها الفرد، والتي من الممكن ملاحظتها بشكل مباشر أثناء تفاعله، ويجب أن تكون هذه الملاحظة طويلة المدة وكافية للتعرف إلى شخصية الفرد وفهمها بشكل كامل. تعريف سكنر: هي جملة الأنماط والاستجابات السلوكية القابلة للملاحظة بشكل تطوّري، مع ظهور إمكانية التنبؤ بها وبمدى شدّتها، بالإضافة إلى قابلية ضبطها والتحكم بها باستخدام العديد من المبادئ كالتعزيز. تعريف حامد زهران: هي مجموعة من المظاهر والسمات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية والتي يمتلكها الفرد بطريقة مغايرة لمن حوله بحيث تجعله متميزاً عن غيره. تعريف شيرمان: هي أي سلوك يقوم به الفرد بشكل يميزه عن غيره. تعريف بيرت: هي التنظيم المتكامل الذي يحتوي على جملة من الميول والاهتمامات والاستعدادات والمهارات الجسمية البدنية والعقلية، وتكون ثابتة نسبياً بحيث يتحدّد بمقتضاها الأسلوب الذاتي للفرد في تفاعله وتكيُّفه مع بيئته المادية والاجتماعية. تعريف رالف لنتون: يُطلَق مفهوم الشخصية على الصفات المتكاملة للفرد العقلية والاجتماعية والسيكولوجية؛ أي أنها مجموعة من القدرات الذهنية للفرد والمعتقدات والعادات والاستجابات الانفعالية له. تعريف كلوكهون: هي حالة التكامل والتلاؤم الوظيفي لجميع الأنماط السلوكية والاستجابية التي يتعلّمها الفرد خلال ممارسته للأنشطة المختلفة في حياته داخل الجماعات كالأسرة والمدرسة والعمل؛ بحيث تجعله يمتلك صفات شخصية مميزة، كما يرى كلوكهون أنّ الشخصية هي عبارة عن خليط من استجابات الفرد وأهدافه وعاداته واتجاهاته ومقدار تفهُّمه لنفسه ومعيار تقييمه لها. العوامل المؤثرة على تكوين الشخصية تتكون شخصية الفرد من الكثير من العناصر الاجتماعية والانفعالية والجسمية العقلية بحيث تتّحد جميع هذه العناصر مكوّنةً بذلك البناء الأساسي لشخصية الفرد؛ إلّا أنها تتأثّر بالكثير من العوامل المختلفة سلباً وإيجاباً،

ومن أمثلة هذه العوامل ما يلي:

العوامل الحيوية: وتُمثّل العواملُ الحيوية الوظائفَ الفسيولوجية لأعضاء جسم الانسان، وتؤثّر آلية عمل هذه الوظائف بشكل أو بآخر على نمو شخصية الفرد وتفاعلاته، فالاتزان في الافرازات الهرمونية للغدد الصُّمّ له الدور الكبير في اتّزان استجابات الفرد وسلوكه بشكل عام، كما يظهر الأثر الواضح الذي يتركه الجهاز العصبي في الإشراف على عمل وظائف الأعضاء؛ أي أنّه المسؤول الأساسي عن مدى تكامل وتلاؤم أداء هذه الأعضاء لوظائفها، فعندما يقوم الجهاز العصبي بمهامه بشكل سليم تكون عملية النمو عند الفرد سليمة ومستقرة. الوراثة: يحمل الإنسان في موروثاته الجينيّة الكثير من الخصائص النمائيّة؛ حيثُ تعتبر الوراثة عاملاً مهماً في تشكيل المظاهر والأنماط السلوكية، فالفرد يرث الاستعدادات والخصائص السلوكية الأولية له؛ أي أنّ الوراثة تحدّد الأساس الحيوي لتكوين الشخصية. البيئة: هي العوامل المادية والاجتماعية والثقافية الحضارية التي تساعد في بناء التكوين الشخصي للفرد، فالبيئة الاجتماعية تُكسِب الفرد الأنماط السلوكية من خلال تفاعله مع محيطه المجتمعي والذي قد يجعل منه فرداً مميزاً بذاته. الأسرة: هي البيئة الأولى التي يحتك بها الفرد منذ طفولته، فهي تشرف بشكل مباشر على مستوى نموّه النفسي، وبالتالي لها التأثير الأكبر على عملية تبلور وتكوين شخصية الفرد واتجاهاته السلوكية، فالتنشئة الأسرية السليمة تُنشئ أفراداً أسوياء. التعليم: عملية التعليم هي عبارة عن مجموعة الأنشطة العقلية والذهنية التي يمارس فيها الفرد خبراته الجديدة سواء أكانت من العادات أو القيم أو الاتجاهات أو المعايير وغيرها الكثير.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟