الشخصية التجنبية

لا يعتبر اضطراب الشخصية التجنُّبية من الاضطرابات الأكثر شيوعاً لكنه أيضاً لا يعتبر اضطراباً نادراً، وحتى وقت قريب كان يصعب الفصل بين اضطراب التجنُّب واضطرابات أخرى مثل الانطوائية واضطراب الرهاب أو القلق الاجتماعي.

ما هو اضطراب الشخصية التجنُّبية؟

يعتبر اضطراب الشخصية الاجتنابية أو التجنُّبية Avoidant personality disorder واحداً من اضطرابات الشخصية المميزة حيث أدرجه الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية والنفسية في العدد الخامس (DSM5) ضمن اضطرابات الشخصية
وقد عرَّف الدليل اضطراب الشخصية الاجتنابية أو التجنُّبية أنه نمط ثابت ومستقر من التثبيط الاجتماعي وفرط الحساسية للنقد ومشاعر عدم الكفاية، ما يولد حالة من الخجل واجتناب التجارب والمواقف الاجتماعية التي قد تسبب له الإحراج أو تعرِّضه للانتقاد.
ويمكن القول أن اضطراب التجنُّب هو بمثابة استراتيجية تكيف يتبعها المريض بشكل وقائي ودفاعي، فيتعمَّد الابتعاد عن المواقف أو البيئات التي يعتبرها مقلقة ومخيفة، وسنتحدث عن أعراض ومظاهر هذا الاضطراب في الفقرات القادمة بالتفصيل.


تشخيص الشخصية الاجتنابية

حسب الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية والنفسية فإن هناك مجموعة من المعايير التشخيصية لاضطراب الشخصية التجنبية، ويتم التشخيص في حال انطبق أربعة أو أكثر من هذه المعايير على الحالة، وهذه المعايير هي
1- الميل للعمل بشكل فردي وتجنُّب بيئة العمل الجماعي أو الأعمال التي تتطلب احتكاكاً بالآخرين، وذلك خوفاً من الرفض أو الانتقاد السلبي.
2- الخوف من الانخراط بأنشطة اجتماعية ما لم يكن مطمئناً لكونه مقبول ومحبوب مسبقاً.
3- متحفِّظ في علاقاته الحميمة لأنه يخشى أن يتعرض للخزي أو السخرية.
4- يعتقد أنه مرفوض اجتماعياً.
5- متحفظ تجاه الأشخاص الجدد نتيجة تدني احترام الذات.
6- يعتقد أنه أقل أهمية من الآخرين وغير كفؤ اجتماعياً وأنه شخص غير مرغوب وغير جذاب.
7- يعاني من خشية التجارب الجديدة خاصة التي تنطوي على مجازفات أو التي تحتاج لجرأة.

أعراض  الشخصية التجنبية

من خلال المعايير التشخيصية يمكن فهم حالة الشخصية التجنبية بصورة عامة، وهناك الكثير من الأعراض المشتركة والمتشابكة بين اضطراب الشخصية التجنُّبية وغيره من اضطرابات الشخصية مثل الانطوائية والانهزامية واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع والرهاب الاجتماعي، وفيما يلي نستعرض أبرز أعراض ومظاهر اضطراب الشخصية التجنبية

الأعراض النفسية لاضطراب الشخصية التجنبية
1- تدني احترام الذات: 
يعتبر انخفاض تقدير الذات والصورة الذاتية السلبية من الحالات النفسية الشائعة، وقد قدمنا لكم في السابق مقالاً مفصَّلاً عن اضطراب تدني احترام الذات وأسبابه وأعراضه.
حيث يعتبر تدني احترام الذات وتشوّه الصورة الذاتية من أبرز مظاهر وأعراض اضطراب الشخصية الاجتنابية، ذلك أن المصاب بالشخصية الاجتنابية يشعر أنه أقل شأناً من الآخرين وأقل قدرة منهم على الأداء في المجالات المختلفة.

2- الحساسية تجاه النقد السلبي: في سياق متصل بانخفاض احترام الذات يكون المصاب باضطراب الاجتنابية شديد الحساسية للنقد السلبي أو الملاحظات أو التنمر والسخرية حتى لو كانت على سبيل المزاح، هذا ما يجعله يتجنّب المواقف التي قد يتعرض من خلالها للنقد.

3- الخجل: يعتبر صاحب الشخصية التجنبية الأكثر فهماً لمشاعر الخجل الاجتماعي، فشعوره الدائم بالخجل من ذاته والخجل من مواجهة الآخرين أو أداء أعماله بوجودهم هي الدوافع الأساسي لتجنّب الاجتماع.

4- الخوف من الرفص: يمتلك الشخص المصاب باضطراب التجنبية مشاعر خوف عميقة من الرفض والصد، هذه المشاعر تجعل خياراته دائماً ضيقة وغير حكيمة، كما يمتنع عن الكلام وإبداء الرأي خوفاً من قول شيء خطأ أو مواجهة آرائه بالرفض أو النقد.

5- الخوف من التجارب الجديد: ليس غريباً بعد كل ما قلناه أن الشخصية التجنبية تخاف من التجارب الجديدة بشكل كبير، وتفضل التعامل مع بيئيات وأشخاص ومهام سبق وتم اختبارها وتبيّن أنها آمنة وبعيدة عن كل تهديد أو النبذ والرفض،

6- اضطرابات نفسية مصاحبة: إلى جانب اضطراب انخفاض تقدير الذات واحتقار الذات فهناك مجموعة من الاضطرابات النفسية المصاحبة لاضطراب الشخصية التجنبية، أبرزها اضطرابات القلق والرهاب الاجتماعي، الاكتئاب، اضطراب الشخصية النرجسية ومتلازمة المحتال، وعادة ما يكون التعامل مع اضطراب التجنبية منفرداً أسهل بكثير من علاج الاضطرابات المتزامنة.

7- من الجدير بالذكر أن المصاب باضطراب الشخصية الاجتنابية يدرك نفسه إدراكاً عالياً، ويعرف تماماً أنه غير مرتاح في المواقف الاجتماعية المختلفة وأنه يسعى لتجنّب الاختلاط بالآخرين، وقد يعي الأسباب بشكل مذهل، لكنه قلما يكون قادراً على التحكم بسلوكه ومشاعره ذاتياً دون مساعدة.

الأعراض السلوكية لاضطراب الشخصية الاجتنابية
1- تجنّب التجمّع: 
ويشمل تجنّب التجمّع الانسحاب من الحفلات أو الأنشطة المشتركة وتجنّب الحديث إلى الآخرين والهروب من العلاقات الجديدة، قد يصل إلى الاعتماد على وسائل النقل الخصوصية خوفاً من التجمع في سائل النقل العامة، أو الانسحاب من المدرسة أو الدورات التدريبية خوفاً من النقد العلني.

2- تجنّب العمل مع الفريق: لا يستطيع المصاب باضطراب التجنبية العمل ضمن الفريق بسهولة، لذلك نجده غالباً يتجنّب العمل في بيئة جماعية ويفضل نوع المهام التي يتولاها من الألف إلى الياء، وذلك لأنه يشعر بانعدام الكفاءة ويخشى من النقد والإساءة.

3- التردد في العلاقات الاجتماعية: قلة الثقة بالآخرين واحدة من سمات الشخصية التجنبية، لكن ليست قلة الثقة ما تجعل الاجتنابي متردداً بعلاقاته؛ وإنما خوفه الدائم من الرفض هو ما يجعله أقل إقداماً على علاقات جديدة، حيث يأخذ وقتاً طويلاً في محاولة الحصول على قبول مسبق من الآخرين قبل أن يدخل معهم في حديث عابر.

4-  تجنب الاحتكاك الجسدي: وقد تصل رغبة الشخص بتجنب الاحتكاك الجسدي إلى التحفظ الكبير حتى في العلاقة الزوجية.

 

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟