السلوك الأنساني والأصدقاء (1 )

يقال أن “الصاحب ساحب” ويقال أيضاً “قل لي من تصاحب أقل لك من أنت”… فيتأثر الشخص بأصحابه إلى درجة كبيرة جداً، ويكون لهم تأثير أحياناً يضاهي تأثير الأهل أو الشريك، وحتى أكبر من تأثير الشخص نفسه على نفسه وسلوكياته ورغباته وأسلوب حياته.
في هذه المقالة سوف نستعرض دور الأصحاب في اختيار السلوك الشخصي، ومدى تأثير أصدقاءك عليك، وما هي الأمور التي تحدد مدى تأثرك بهم.

دور الأصحاب في اختيار السلوك الشخصي

وجدت الدراسات أن الإنسان عندما يصل لعمر 15-25 تقريباً؛ وهي المرحلة التي يكوّن فيها الشخص أصدقاء يبقون معه لوقت طويل فإنهم يؤثرون على نمط حياته.

هذه النقاط سوف توضح لك دور الأصحاب في اختيار السلوك الشخصي للشخص:

  1. التأثير في العادات: فلو ذهبت إلى مطعم مع صاحبك فطلب هو صدر دجاج مشوي مع صحن سلطة، بينما أردت أنت أن تطلب الهمبرغر المقلي مع البطاطا فقد تتردد قليلاً، فسلوك الأكل معدي. كما وجدت دراسة نُشرت في مجلة New England Journal of Medicine أن فرص الإصابة بالسمنة تزداد بالفعل بنسبة 57٪ إذا كان لديك صديق يعاني من السمنة، أي أن هذه النسبة تفوق نسبة السمنة بالوراثة. ولو كان صديقك هادئاً وكنت أنت عصبي فقد تعديه بهدوئك وتساعده على التخلص من عصبيته حتى لو لم تفتح معه يوماً موضوع العصبية؛ فالعادات معدية.

  2. التأثير على الصحة: فقد يكسبك الأصدقاء عادات صحية جيدة أو سيئة تؤثر على صحتك الجسدية والعقلية والنفسية بشكل مباشر؛ أو قد يؤثرون على نمط تفكيرك وعلى علاقاتك وأمور كثيرة في حياتك لها علاقة بصحتك.

  3. التأثير على المظهر: فإن للأصدقاء تأثير كبير على ما ترتديه كما تقول مستشارة الموضة ومؤلفة كتاب Steal This Style “شيري ماثيسون”. كما يؤثرون على هيئتك وستايلك، وقد يعدوك بطريقة المشي أو الكلام… [4]

  4. النجاح الدراسي: كم من مرة سمعت وأنت طالب في المدرسة أن المعلم قد أوصى بنقل طالب معين من صفه حتى يبعده عن مجموعة معينة من الأصدقاء بعد أن تغير سلوكه وساءت أخلاقه بسبب انتمائه لهذه المجموعة؟!

  5. طريقة التفكير: فقد يغير صديقك طريقة تفكيرك بأكملها؛ فيغير من مبادئك وثوابتك وقناعاتك.

  6. بعض المهارات: فتؤثر الصداقة أيضاً على مهاراتك، بإكسابك مهارات جديدة أو تطوير مهاراتك القديمة؛ فقد يكون صديقك بارعاً في الطهي فتصبح مثله. كما قد يتسبب صديقك بتراجع مهاراتك أحياناً؛ على غرار تسبب بعض الأصدقاء بالتراجع الدراسي للشخص كما ذكرنا آنفاً.

  7. التوجه والنمو المهني: فقد يوجهك صديقك للعمل في مهنة معينة عن قصد أو دون قصد، وقد يتسبب في نجاحك وتفوقك المهني، أو العكس؛ كما قد يتسبب بتراجعك المهني بسبب إلهائك عن التطور المهني أو لأنك تقلده في سلوكياته السلبية المؤثرة على عملك.

  8. امتلاك المال: فعندما يؤثر بك صديقك هذا التأثير كله على عاداتك ومهاراتك ونموك المهني وطريقة تفكيرك وصحتك، فإن ذلك بالتأكيد سيؤثر على دخلك إما بالزيادة أو بالنقصان.

الأمور التي تحدد مدى تأثرنا بالأصحاب
يختلف تأثير الأصحاب على بعضهم البعض، ويعتمد ذلك على عدة أمور وعوامل منها:
  1. المرحلة العمرية: فيتأثر الصغار بأصحابهم أكثر من الكبار، كما أن لأصحاب مرحلة المراهقة تأثير عجيب على الشخص يفوق تأثير الأهل في أغلب الحالات.
  2. البيئة التي تنشأ فيها: فعندما ينشأ الشخص في بيئة مشتتة وغير صحية يكون عرضة أكثر للتأثر بأصحابه لأنه يكون سهل التشكيل ويبحث في داخله عن مخرج يخرجه من البيئة التي لا يحبها. فكلما كانت علاقة الشخص بمحيطه وبيئته وأهله قوية كلما صعب التأثير به.
  3. سلوكيات المجتمع الذي تعيش فيه: فعندما يتعرف الشخص على صاحب مدخن مثلاً ويكون متواجداً في مجتمع يتقبل التدخين، فإن انحرافه وإقباله على اكتساب عادة التدخين تزيد، أما إن كان يعيش في منزل لا يقبل التدخين ويميز رائحة المدخن فإنه سيقاوم هذه العادة ولو قليلاً وسيفكر عدة مرات قبل اكتسابها. ولو كان الشخص متواجداً في بلد أجنبي يتقبل مبدأ العلاقات قبل الزواج وكان الصاحب لديه علاقات قبل الزواج فسيكون أسهل على صاحبه أن يتقبل هذا السلوك ويقلده، بينما سيكون الموضوع أصعب لو كان في بلد محافظ أكثر.
  4. التربية الدينية والأخلاقية: فالدين والأخلاق والتربية تردع الإنسان وتجعله يفكر بعواقب الأمور، فيكون أسلس في اكتساب لعادات الإيجابية وأصعب في اكتساب العادات السلبية.
  5. قوة الشخصية: فكلما كانت الشخصية أقوى كلما كان الشخص متحكماً بنفسه أكثر، فلا يكتسب إلا الأمور التي تعجبه فعلاً، ولا يكتسب غالباً الأمور التي لا يتقبلها . ففي أي علاقة هناك القائد والتابع؛ فيكون صاحب الشخصية الأقوى هو الأكثر تأثيراً في العلاقة، ويكون صاحب الشخصية الضعيفة تابعاً ومتأثراً أكثر.
  6. مستوى الوعي: فكلما زاد وعيك كلما تحكمت بنفسك أكثر، فالشخص الواعي هو الذي يحدد مدى تأثره، أو على الأقل يميز علامات بدئه باكتساب أمر لا يريده فيرفض ذلك أو يبتعد عن هذا الصاحب…
  7. الاستعداد والرغبة: فعندما يكون للصاحب “تلتين الخاطر” كما يقال لاكتساب سلوك معين من صاحبه يسهل عليه استقطابه في وقت قصير جداً.

أخصائي نفسي

الولاء مكي

فكرتين عن“السلوك الأنساني والأصدقاء (1 )”

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟