يعد اضطراب «الرهاب الاجتماعي» من أكثر الاضطرابات النفسية الشائعة عند الأطفال، وعلى الرغم من ظهور أعراضه المزعجة لبعض الأسر، إلاّ أن التفسيرات الخاطئة غالباً ما تساهم في ترسبه ونموه إلى مرحلة المراهقة والشباب، وللأسف أن هناك الكثير من العقد النفسية المؤثرة في شخصية الطفل ستستمر أيضاً وحينها ستزيد شكاوى الأسرة والمدرسة، فضلاً عن ما يعانيه المصاب من متاعب تعطل أهدافه الحياتية والمستقبلية.
ومن علامات الرهاب الاجتماعي القلق والارتباك عند مقابلة الجمهور، مع الخوف الشديد أو تجنب اللقاءات الاجتماعية، وهنا لابد من المبادرة في علاج الطفل والتواصل مع مختصين ، كذلك يجب على الوالدين تفهم حالته وإعطائه جرعات كبيرة من الحب والحنان، إضافةً إلى الحوار معه والإنصات لمشاعره، حيث يساهم ذلك في تنمية ثقته بنفسه وتقديره لذاته، إلى جانب إشراكه تدريجياً في أنشطة اجتماعية بسيطة.
معني الرهاب الاجتماعي :
الرهاب الاجتماعي مشكلة سلوكية عند الطفل واضطراب نفسي يختلف كلياً عن الخجل الذي يُعد صفة نفسية ممكن أن تكون عند الأطفال أو البالغين، مضيفةً أنه في الغالب يكون سببه قلة الوعي والصعوبة في تشخيص المشكلة، مما جعل البعض من الأسر يعتقد أنه نوع من الخجل،
لكن كلما زاد عمر الطفل واحتكاكه بالمجتمع متمثلاً بالأصحاب في بيئة المدرسة، والأقارب في محيط الأسرة كلما اتضحت الصورة أكثر في قصور أداء الطفل أثناء تفاعله مع مجتمعه، سواء كان باللعب أو عدم قدرته على التحدث أمام الآخرين بالفصل مثلاً، وعجزه عن تكوين العلاقات وقصور واضح في اللغة التعبيرية، مبينةً أن الرهاب الاجتماعي كأي مرض نفسي أو جسدي يولد الطفل ولديه بوادر استعداد الإصابة به، لكن البيئة تعد عاملاً مهماً في تعزيز ظهور هذا الاضطراب أو وجوده داخل الطفل.
وأشارت إلى أنه لا تقتصر مشكلة اضطراب الرهاب الاجتماعي على تكوين علاقات مع الفئة العمرية نفسها، إنما المشكلة في أنه يتكون عند الطفل خوف شديد من أي موقف اجتماعي، وقد يكون هذا سبب ابتعاده عن التواجد في الأماكن العامة والمزدحمة بالناس، وينشأ هذا النوع من الاضطراب لعدة أسباب منها تعرض الطفل إلى التنمر أو موقف محرج، مؤكدةً على أنه يكون الرهاب من الأماكن العامة أكثر من التعامل مع الأشخاص .
أسباب الرهاب الاجتماعي لدى الطفل :
يجب أن تواجه الأفكار والمعتقدات السلبية التي كوّنها عن ذاته بالتشجيع ورواية القصص لما فيها من تنمية العلاقة بين الوالدين والطفل، وإيصال رسائل إيجابية للطفل لأنها تعد من الأمور المحببة لديه، والتي يمكن من خلالها تنمية المبادئ وسهولة اكتساب الأخلاقيات التي تناسب النمو العقلي، لذلك من المفترض عدم الحكم على المشاعر السلبية للطفل بأنها شيء خاطئ أو عيب، فليس من الخطأ أن يشعر الطفل بالخوف أو القلق، لكن يجب معرفة النقطة الفاصلة بين الخوف الطبيعي والخوف المرضي الذي قد يسيطر عليه، ومن المهم بمكان تشجيع الطفل على التعبير عن مشاعره بكل أريحية ومن غير إصدار أحكام، بل بالتحفيز والرسائل الإيجابية.
و من أهم أسباب استمرار الرهاب الاجتماعي
إلى مراحل عمرية متقدمة هو طريقة تعاطي الوالدين مع هذا الاضطراب في مرحلة الطفولة، أيضاً انخفاض الوعي في البيئة المدرسية بشكل خاص وفي المجتمع بشكل عام وأسلوب تعاطيهم مع هذه المشكلة، مضيفاً أنه من المهم في حال ملاحظة مؤشرات الرهاب على الطفل عند مقابلته للجمهور كالقلق والارتباك المبالغ فيه وتعرق شديد أو صداع وضيق في التنفس مع الخوف الشديد أو تجنبه اللقاءات الاجتماعية، فلابد من المبادرة في علاجه والتواصل مع مختصين أو مستشارين وعرضه عليهم مباشرة، مبيناً أن عدم علاج الطفل من هذه الحالة له تأثير سلبي وعميق على مستقبله وحياته من حيث التحصيل الأكاديمي وحياته الاجتماعية، وقد يتطور إلى أمراض نفسية، ذاكراً أن من أهم الخطوات التي يجب على الوالدين اتباعها عند ملاحظة أي من المؤشرات السابقة عدم السخرية من حالته أبداً، فهذا يؤدي إلى زيادة في حدة الرهاب، بجانب إلى تفهم حالته وإعطائه جرعات كبيرة من الحب والحنان عن طريق الضم والاحتكاك الإيجابي واللغة، مشيراً إلى أن الحوار مع الإنصات لمشاعره من أهم الخطوات التي تنمي ثقته بنفسه وتقديره لذاته بمحاولة التدرج في إشراكه بأنشطة اجتماعية بسيطة، وتشجيعه على حديث النفس الإيجابي، كذلك التدرج معه في الإلقاء أمام الجمهور كحديثه أمام المرآة أولاً ثم أمام الوالدين وإخوته.
اعراض الرهاب الاجتماعي عند الاطفال :
يبدأ مريض الرهاب الاجتماعي دائمًا بتجنب الآخرين فيتجنب الانوجاد في مجموعات والعمل ضمن فريق والانخراط في المجتمع وهو من الأعراض الأولية التي تظهر على مريض الرهاب الاجتماعي، فنجده ينفصل عن أصدقائه وأصحابه ويتجنب الحديث مع الآخرين ويعزل نفسه عن كل التجمعات التي كان معتاداً أن يكون حاضراً وفعالاً فيها. ويخاف مريض الرهاب الاجتماعي من المواقف والأمور التي من الممكن أن تعرضه للمساءلة أو طلب تفسير منه، ويتجنب أيضا المواقف التي قد تؤدي إلى حكم الآخرين عليه وإبداء آرائهم فيها.
-
الارتباك والقلق من تعرض الطفل إلى الإحراج هو شعور ملازم للشخص المريض بالرهاب الاجتماعي.
-
الخوف من التعرض للأذى من جانب أشخاص معينين هو أحد أهم وأوضح أعراض الإصابة بالرهاب الاجتماعي.
-
تجنب التعامل مع الغرباء والخوف الشديد من الاقتراب منهم هو ظاهرة من الظواهر التي تميز مريض الرهاب الإجتماعي.
-
يخاف مريض الرهاب الإجتماعي دائماً من أن يلاحظ اي شخص ظهور علامات القلق و الخوف على وجهه أو في تصرفاته الحياتية والاجتماعية.
-
يكون مريض الرهاب الإجتماعي في حالة من القلق الدائم جراء ظهور أي علامة من علامات الخجل أو القلق على وجهه مثل: احمرار الخدين أو حدوث رعشة في نبرة صوته أو في حركة أطرافه مثلاً.
-
يتجنب مريض الرهاب الإجتماعي القيام بأي شيء جديد أو مبتكر في حياته اليومية، وذلك يرجع إلى خوفه من التعرض للانتقاد من الآخرين وخوفاً من الفشل والتعرض للمساءلة بشأن ما قام به.
طرق علاج الرهاب الاجتماعي عند الاطفال
يستجيب الرهاب الاجتماعي بشكلٍ جيد للعلاج الذي يهدف بشكلٍ اساسي الى تعديل سلوكيات الطفل.
-
والعلاج نوعان:
علاج سلوكي: يهدف العلاج السلوكي المعرفي بواسطة خبير الى تعزيز المهارات الاجتماعية للطفل وقدرته على التأقلم مع المواقف التي تُسبب له القلق الشديد والخوف غير المبرر الذي يتعذّر عليه ضبطه؛ وفي اطار جلسات هذا العلاج، يدرك الطفل قدرته على التحكم بقلقه وسلوكياته ويتعلم كيفية التغلب على مخاوفه وتغيير نمط تفكيره.
والى جانب العلاج السلوكي المعرفي، هناك العلاج بالتعرض الذي يقوم على مبدأ التخفيف من حدة القلق الذي يشعر به الطفل في مواقف معينة من خلال تعريضه بشكل تدريجي ومدروس لمثل هذه المواقف.
علاج دوائي: يمكن لبعض انواع الادوية ان تخفف من اعراض الرهاب لدى الطفل، لا سيما ان ترافقت مع علاج سلوكي معرفي. ولكن الطبيب وحده من يقرر اللجوء إليها. فلنتذكر نحن الأمهات بأن نكون سنداً لأطفالنا في هذه المرحلة، ونبذل ما في وسعنا للتخفيف عنهم والحدّ من مخاوفهم وعدم اجبارهم على امور تزعجهم حتى ولو بدت لنا بسيطة.
- بي بيرفكت للطب النفسي
- أكاديمه كوريكتور
- أخصائي نفسي
- الولاء مكي