معنى التقليد عند الأطفال
هو عملية محاكاة لموقف أو شخصية معينة، وتماهي مع صفات وخصائص الشخص أو الشيء الذي يقلده، وفيه يجد الطفل المتعة في تكرار وتقليد خصائص الشخصية أو الموقف الذي يقلده والصورة التي يعكسها، ويمارس هذا التقليد وظيفة تعليمية من حيث أنه يسمح للطفل بتجريب واختبار مواقف لاحظها ونالت إعجابه، أو محاكاة شخصيات أثرت فيه.
أهداف وأسباب مباشرة للتقليد والمحاكاة عند الأطفال:
– المتعة واللعب والتسلية: فالنسبة للأطفال يمثل التقليد نوع من اللعب والتسلية، وهذا اللعب يعطيهم شعور بالمتعة وهم يجربون بعض الأدوار والمواقف والأشياء التي تعجبهم ويجدون فيها ما يجذبهم ليقلدوه.
– المحبة: أما الدافع الذي يحدد من يرغب الطفل بتقليده فهو درجة ومعيار محبته له، فمن جهة يقلد الطفل الأشخاص الذين يحبهم ويجد معهم صفات مشتركة من منطلق الاقتداء بهم والتماهي مع صفاتهم، ومن جهة أخرى قد يقلد الأطفال شخصاً يكرهونه بدافع السخرية من تصرفاته.
– الاقتداء والإعجاب: قد يعجب الطفل بإحدى الشخصيات الأسطورية في برامج الأطفال أو الألعاب والروايات ويقلد هذه الشخصية بقصد التشبه بها وبصفاتها البطولية أو الجمالية.
– تحقيق بعض الأهداف المحببة: مثل نيل الإطراء والإعجاب أو إضحاك الآخرين ولفت انتباههم أو تمثيل الأحلام والأفكار التي يتمناها ويطمح إليها.
– الظهور بمظهر الكبير: فمن أكثر الأشياء التي تغري الأطفال هي التي تجعلهم يبدون وكأنهم كبار ناضجون، ويدفعهم هذا إلى تقليد سلوك الكبار عموماً وطريقة كلامهم وربما اهتماماتهم.
أسباب غير مباشرة لتقليد الأطفال
– التعلم: فكما سبق وذكرنا فإن التقليد يمارس وظيفة تعليمية لدى الأطفال من خلال إتاحة الفرصة لهم ليضعوا أنفسهم مكان الشخص أو الموقف الذي يقلدونه ومن ثم فهم ظروف وأفكار الآخرين.
– الغيرة: قد يقلد الطفل بعض الأشخاص الذين يشعر بالغيرة منهم كونهم يملكون أشياء أو صفات ليست لديه، وهو من خلال تقليده لهم يشعر وكأنه مكانهم ويحصل على ما يحصلون عليه.
– بناء الهوية الذاتية: حيث أن الطفل من خلال التقليد يتعرف على الفروق بينه وبين الآخرين وهنا يمارس التقليد وظيفة نفسية لدى الطفل في بناء هويته الذاتية وشخصيته الاجتماعية وتمييزها عن شخصيات وهويات الآخرين.
– البحث عن الشبيه: يرغب الطفل في التعرف على من يشبهه ويحمل صفات وخصائص قريبة إليه، وتمثل هذه الرغبة دافعاً لديه ليقلد الآخرين ويتعرف على صفاتهم.
– اختبار بعض المواقف: يتيح التقليد أمام الطفل الفرصة لكي يجرب بعض المواقف التي يرغب بفهمها والتعرف عليها وبعض الأدوار الاجتماعية التي يلاحظها كدور الأم أو الأب والخال والعم أو المعلم.
توجيه سلوك التقليد عند الأطفال نحو أهداف تربوية
الطفل يقلد الأشياء التي أحبها ونالت إعجابه ومن هنا وإذا أحسن استخدام هذه الخاصية يمكن توجيه سلوك الأطفال وأفعالهم إلى أمور مفيدة على الصعيد التربوي والتعليمي عن طريق الملاحظة والاختبار، فهو يقلد بشكل شبه حرفي تقريباً وعندما يعجبه سلوك أو صفة معينة لدى أحد الأشخاص فإنه سوف ينتظر الفرصة الأولى ليقلد هذا السلوك ويعيد تكراره، ومن هنا كان من الممكن توجيه سلوكيات الأطفال عبر التقليد عن طريق اتباع عدة خطوات:
– الانتباه جيداً لتصرفات الأهل أمام أطفالهم: فالطفل شديد الملاحظة لجميع التصرفات والسلوكيات التي تصدر عن والديه سواءً كانت جيدة أو سيئة وهو باستمرار يحاول تقليد ما لاحظه وتعلمه منهم.
– تعريض الأطفال لنماذج سلوكية جيدة ومحببة وتحفزيهم لتقليدها: في برامج الأطفال أو القصص والروايات والحواديت الشعبية الكثير من الشخصيات ذات الصفات الحميدة، ويمكن من خلال الربط بين صفاتها وسلوكيات الطفل تحفيزه على تقليد تصرفاتها وخصائصها الجيدة.
– استخدام أسلوب الثواب والعقاب في تحفيز بعض السلوكيات: فعند تقليد الطفل لأحد النماذج السلوكية الجيدة يجب تحفيزها وربطها بشيء محبب بالنسبة إليه والعكس صحيح فعندما يظهر تصرفات وسلوك خاطئ يجب معاقبته أو منعه أو إخافته من مثل هذه السلوكيات.
– يمكن أن يتعلم الطفل العادات الجيدة من خلال التقليد: كالنظافة وغسيل الوجه والأسنان والترتيب والنظام وعادات النوم والاستيقاظ باكراً أو الالتزام بالمواعيد والواجبات المنزلية أو المدرسية.
– استخدام الغيرة للتحفيز: ولكن بطريقة مدروسة ومدركة كالغيرة من أحد الأقران لتحفيزه على النجاح بدراسته، والتقليد في التفوق والقيام بالواجبات على أكمل وجه.
التقليد هو نمط سلوكي أو ردة فعل يقوم بها معظم الأطفال، وهذا النمط أو يكون مفيد أو ممتع ومضحك في بعض الأحيان، أو يكون مزعج ومضر في أحيان أخرى، فمن جهة قد يختصر الكثير من الجهد والوقت لتعليم الطفل بعض السلوكيات والتصرفات والعادات المرغوبة والمفيدة، ومن جهة أخرى قد يتمادى الطفل ويتجاوز حدوده وهو يقلد بعض الأشخاص أو الأشياء أو قد يؤدي التقليد إلى نتائج عكسية من حيث تعلم الطفل لسلوكيات وعادات خاطئة ومرفوضة، وذلك تبعاً لما يلاحظه الطفل عند الكبار ويقلده من سلوكيات وتبعاً للتعزيز أو التشجيع الذي يجده نحو بعض تصرفاته دون الأخرى.
أخصائي نفسي
الولاء مكي