مشاعر الدونية …
يعبّر مفهوم عقدة النقص عن وجود مجموعة من المشاعر والأفكار التي تجعل الشخص يظنّ بأن الآخرين أفضل منه، كأن ينظر لهم بأنهم أكثر إنجازاً وأكثر جاذبية وأكثر سعادةً منه أو أكثر قدرة على جذب الانتباه والحصول على احترام الآخرين، وعادةً ما تتجلى عقدة النقص بالتبيعة والعاطفية والشخصية الاعتمادية والانعزالية في نفس الوقت.
ويجد الشخص الذي يعاني عقدة النقص نفسه دائماً يكافح لأجل أن يحسّن من شعوره تجاه نفسه وتجاه حياته، كما أنه لا يقدّر نقاط قوته والإيجابيات التي يتمتع بها وعادةً ما تتجلى مظاهر عقدة النقص إمّا بالعدوانية المفرطة والمنافسة الشديدة أو بالانعزالية والانطواء الاجتماعي.
نواجه جميعنا في كثير من المواقف لحظات من التردد وقلة الثقة بالنفس والشعور بعدة الكفاية، خاصةً عندما نشعر بأننا غير مؤهلين لأمر ما في حياتنا الخاصة أو المهنية، كأن نقارن أنفسنا بالآخرين أو نحمّل أنفسنا فوق طاقتها؛ إلا أنها في الغالب مشاعر مؤقتة لا تلبث أن تزول عندما نتذكر الأشياء الجميلة في حياتنا ونذكّر أنفسنا بنقاط القوة الكامنة لدينا.
لكن بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من عقدة النقص، فإنّ هذه اللحظات تكون مستمرة، إذ يشعر الشخص بتدني الذات بشكل مستمر، ويبدو له وكأنه أقل من غيره، وينتقد نفسه باستمرار، وهو أمر يمكن له أن يحدّ من سعادة الشخص واستمتاعه بحياته.
أعراض الاحساس بالدونية
عقدة النقص وجود مجموعة من الأفكار والمشاعر والسلوكيات السلبية التي تبدو متناقضة، حيث نجد أهم العلامات التي تدل على وجود عقدة نقص:
-
تدني احترام الذات والثقة بالنفس: تدني احترام الذات واحدة من أكبر الأزمات التي يمر بها من يشعر بالنقص والدونية، ولا يمكن القول أن تدني احترام الذات سبب لعقدة النقص أو نتيجة لها، وإنما هو شكل من أشكلها ومظهر من مظاهرها، ملازم لها في جميع الحالات.
-
التركيز المستمر على الأفكار السلبية: يتميز الفرد الذي يشعر بدونية بنمط تفكير سلبي يجعله يركز دائماً على الجوانب السلبية من كل ما يمر في حياته، هذا يدخله في حالة من الكآبة المستمرة والشعور بالعجز، ما يدفعه لاستجرار المزيد من الأفكار السلبية.
-
الانسحاب والتجنب: الشعور بالنقص والدونية يتزايد بشكل كبير في الأوساط الاجتماعية والاختلاط، هذا ما يدفع الشخص الذي يشعر بالدونية إلى الانسحاب من التعامل مع زملاء العمل أو أفراد الأسرة أو الأصدقاء، والانسحاب أيضاً من التجارب الجديدة والأماكن التي قد تحفز شعوره بالدونية.
-
إحباط الآخرين والإساءة لهم: لن يستطيع الشخص الذي يشعر بالنقص والدونية التعامل مع محيطه بشكل طبيعي، وقد تكون ردة فعله سلبية ومسيئة على بعد التصرفات العادية التي يقوم بها الآخرون، وذلك لأن تفسيره لهذه التصرفات يرتبط بشعوره العميق بالنقص.
-
الابتزاز العاطفي: إذا اتفقنا أن عقدة النقص والشعور بالدونية تنتج عن وتسبب شعوراً بعدم الكفاءة؛ غالباً ما يلجأ الشخص الذي يعاني من عقدة النقص لأشكال الابتزاز العاطفي لأنه لا يعتقد أنه سيحصل على الاهتمام دون سبب، فيقوم بالبحث عن الاهتمام عن طريق التظاهر بالمرض أو الاكتئاب أو عن طريق التحدث إليهم بشكل مستمر وفرض نفسه عليهم.
-
تجنب المنافسة: يحكم الشخص الذي يعاني من النقص على نفسه مسبقاً أنه غير كفؤ للمنافسة، لذلك يتجنب أي نوع من المنافسة خوفاً من مقارنة جهوده مع الآخرين أو مقارنة أدائه بأداء منافسيه.
-
عدم تقبل الانتقاد: غالباً ما يكون الفرد الذي يعاني من مشاعر الدونية غير قادر على تقبل كل ما يوجه له من مجاملات وانتقادات، وذلك لأن تفسيره للانتقاد أو المجاملة أو حتى المديح هو تفسير سلبي منطلق من شعوره بالنقص.
-
الخوف من المبادرة: يواجه الشخص في هذه الحالة أزمة حقيقة في المضي قدماً أو المبادرة لأي أمر، سواء على مستوى العلاقات الشخصية مثل الاعتراف بالحب أو مواجهة شخص متنمر أو طلب رقم شخص مهم، أو حتى على صعيد التفكير الذاتي مثل تجنب التفكير بحلول لبعض مشاكله.
-
الشعور بالذنب: من كوارث عقدة النقص والدونية الشعور المستمر بالذنب وربما العار، وغالباً ما يلقي الأشخاص الذين يعانون من النقص والدونية اللوم على أنفسهم عندما يتعرضون للإساءة، حتى الإساءات الكبيرة التي قد تدمر حياتهم.
-
التردد باتخاذ القرارات: بسبب الشعور بالعجز واحتقار الذات لن يستطيع من يشعر بالدونية اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة، وغالباً ما يطلب المساعدة من أشخاص كثر وبشكل عشوائي، وقد يفوت الأوان قبل اتخاذ القرار اللازم.
-
المعاناة من القلق والاكتئاب: بطبيعة الحال التفكير السلبي المستمر والشعور بعدم الكفاءة والانهزام والانكسار في الحياة اليومية، إلى جانب العزلة والتفسير السلبي للأحداث، كل ذلك يقود من يعاني من عقدة النقص إلى القلق والاكتئاب.
أخصائي نفسي
الولاء مكي