الأيكولاليا

الإيكولاليا “Echolalia” هي اضطراب يحد من تواصل الطفل مع محيطه نتيجة لسماعه صدى أصوات بشكلٍ متكرر، مما يجعله غير قادر على التعبير عن أفكاره أو التواصل بشكل فعال. ويُطلق على هذه الحالة اسم “الإصابة بالصدى” حيث يكرر الطفل المصاب العبارات والأصوات التي يسمعها، وعند توجيه سؤال إليه يُكرر السؤال بدلًا من الإجابة عليه.

قد يخلط البعض بين الإيكولاليا وبين متلازمة توريت التي تنطلق من المصاب فيها صرخات بشكلٍ مفاجئ أثناء حديثه ويقول أشياء عشوائية نتيجة لإصابته بتشنج لا إرادي بالإضافة إلى عدم قدرته على التحكم فيما يقول .

لهذا فمن الضروري التمييز بين الحالات المتشابهة كي نكون قادرين على التشخيص الصحيح وإيجاد العلاج المناسب .

أسباب الإصابة بالإيكولاليا وعوامل الخطر :

تحدث الإصابة بالإيكولاليا عمومًا في سن الثلاث سنوات. ومن الشائع أن يُصاب الأطفال الذين لديهم تأخر في النمو أو الذين يُعانون من التوحد بهذه الحالة، لأنّ الإصابة بها تبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة، خاصة إذا كان الطفل يُعاني من تأخر في تطوّر الكلام. إن معرفة أسباب الإصابة ضرورية جدًا لوضع خطة علاج مناسبة. ويأتي أهم سبب للإصابة بها هو معاناة الطفل من إعاقة في التواصل وعدم قدرته على تكوين طريقة تفاعل مستقلة مع تقدمه في العمر. كما يُساهم القلق والتوتر في الإصابة بشكلٍ كبير، مما يؤدي إلى التزامهم الصمت الدائم لأنهم لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم.

أهم عوامل الخطر التي قد تُسبب الإصابة بالنسبة للبالغين هي إصابتهم بفقدان ذاكرة شديد أو تعرضهم لإصابات بالغة في الرأس، مما يُسبب سماعهم للصدى وعدم قدرتهم على التعبير عن أنفسهم، وفقدان قدرتهم على التحدث.

 

أعراض الإيكولاليا :

يُعاني المصابون بالإيكولاليا من أعراضٍ عدّة، علمًا أنّ الإصابة لا تقتصر على الأطفال فقط بل إنّها أكثر شيوعًا لديهم. أما الأعراض فهي كما يأتي:

  1. تكرار الأًصوات والعبارات التي يسمعها الطفل، ويمكن أن يكون هذا التكرار فوريًا أو متأخرًا بعد عدّة ساعات أو بعد أيام من سماعه للأصوات والعبارات.

  2. شعور الطفل بالإحباط عند رغبته في إجراء محادثة، وهذا قد يُسبب له اكتئابًا مبكرًا والًإصابة بحالة من الخرس.

  3. سرعة  الانفعال بشكلٍ مبالغ فيه، وخاصة عند طرح الأسئلة على المصاب نتيجة لعدم استطاعته قول إجابة واضحة نظرا لتكرار الصدى الذي يدور بداخله.

تشخيص الإيكولاليا :

إذا غضب طفل مصاب بالإيكولاليا من معلمه قد يرد عليه هكذا وبشكلٍ مفاجئ: “اذهب إلى الجحيم ، أيها الملازم!” حيث يكتشف المعلم لاحقًا أن الطفل قد شاهد موقفًا ما في مسلسل أو فيلم ما وعرف أنّ هذه العبارة مرتبطة بالتعبير عن مشاعر الغضب، فاستخدم هذه العبارة للتواصل رغم أنه استخدمها خارج السياق. تشخيص الحالة يكون بعرض الطفل على مختص، حيث يقوم بإجراء محادثة معه. في العادة يتم اختيار بعض الأطفال المصابين بالتوحد بانتظام لإجراء اختبار الإصابة بالإيكولاليا عليهم أثناء دروس النطق، وتتراوح شدة الإصابة بصدى الأذن ما بين الخفيفة إلى الشديدة، ويمكن أن يحدد الطبيب هذه المرحلة ليصف العلاج المناسب.

 

الإيكولاليا مرحلة تطور لا تأخر :

يوجد فئتان رئيسيتان من بالإيكولاليا أو الصدى الصوتي، وفي بعض الأحيان يصعب التفريق بينهما إلا من خلال التعرف على المتحدثين وطريقة تواصلهم. هذه الفئتان هما:

  1. الصدى الصوتي “التفاعلي”: يكون على شكل محاولة للاتصال بشكلٍ تفاعلي مع الأشخاص الآخرين مثل تكرار صدى الصوت الصادر عن الآخر واستخدام نفس العبارات بشكل متناوب أثناء محاولة التواصل. كما يحدث أيضا ما يُعرف بالإكمال اللفظي وهو استخدام الكلام المألوف والنمطي في الرد، كأن نسأل المصاب ما رأيك في الأمر فيجيب: أمر جيد! وهو رد اعتاد سماعه فكرره. وقد يكون الرد بحسب توفر المعلومات كأن تسأل الأم طفلها ماذا يريد أن يأكل فيجيبها بترديد أغنية من إعلان طعام يسمعه كثيرًا ليخبرها أنه يريد من هذا الطعام.

  2. الصدى “غير التفاعلي”: تكون فيه الكلمات والأصوات للتفاعل الشخصي وليس كطريقة للتواصل؛ مثل التحفيز الذاتي ووضع العلامات الشخصية، ويكون على شكل كلام غير مركّز يتحدث فيه الشخص مع نفسه ولا يعبر عن الظرف الموجود فيه مثل: قراءة المصاب بالصدى الصوتي لأجزاء من برنامج تلفزيوني أثناء تواجده في غرفة الصف، إذ يعتبر أنّ هذا السلوك محفزًا ذاتيًا له، أو قد يكون على شكل اقتران للمواقف بحيث يتم تشغيل الكلام من خلال موقف ما، وإن رأى المصاب منتجًا يحمل اسم علامة تجارية في المتجر مثلًا فقد يغني أغنية من الإعلانات التجارية. ويمكن أن تحدث هذه الفئة بتكرار المتحدث نفس العبارة بينه وبين نفسه عدة مرات قبل أن يرد. أي أن يدرب نفسه على الرد.

علاج الإيكولاليا :

يمكن علاج الصدى أو الإيكولاليا من خلال مجموعة من الطرق منها:

  1. علاج النطق: يكون بإخضاع المصابين إلى جلسات لعلاج النطق بشكلٍ منتظم لتعليمهم كيفية قول ما يفكرون به، وفي العادة يُستخدم التدخل السلوكي المسمى “cues-pause-point” للصدى المتوسط، حيث يطلب المعالج من المصاب الإجابة على سؤال ما بشكل صحيح وبطريقة معينة.

  2.  تناول الدواء: من أبرز الأنواع مضادات الاكتئاب وأدوية علاج القلق التي تقلل من الآثار الجانبية للإيكولاليا وتُساعد في الحفاظ على هدوء المصاب، خاصة أنّ الأعراض قد تزداد بزيادة القلق والتوتر.

  3. تقديم الرعاية المنزلية: يساعدة الأهل في تطوير مهارات الاتصال مع المصاب، وتعليمه من خلال حضور برامج تدريبية عبر الإنترنت وتشجيع المصابين على استخدام مفردات محدودة لتسهيل عميلة التواصل بشكل فعال.

الإيكولاليا تُعدّ جزءًا ليس إلا من عملية تطوّر اللغة لدى الأطفال، لكنها تنتهي بشكلٍ طبيعي عند الغالبية العظمى من الأطفال وتستمر لدى نسبة قليلة فقط. لهذا فمن واجب الآباء تشجيع أطفالهم على التواصل بعدة طرق وتعليمهم كلمات وعبارات متنوعة كي ترسخ في أذهانهم مع مرور الوقت ويتغلبوا على الإيكولاليا بشكلٍ طبيعي دون الحاجة للخضوع لأي تشخيص أو علاج.

 

أخصائي نفسي وارشاد اسري وتعديل سلوك 

الولاء مكي 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟