الأبوة والأمومة الإيجابية

هل يمكن أن تكون الأبوة والأمومة الإيجابية.. إيجابية!؟
الشرط الوحيد لتربية الأطفال الإيجابية؛ هو الالتزام (الاستمرارية والثبات)..

إن تطوير منهجية الانضباط الإيجابي، بأن يكون الوالدان حازمين أولاً، كي لا تتحول التربية إلى مصدر للمشكلات العاطفية والسلوكية لدى الأطفال؛ هو المبدأ الذي تقوم عليه الأبوة والأمومة الإيجابية، فإلى جانب تطويره مبادئ أدلر باحترام الطفل؛ نصح الطبيب النفسي والمربي رودولف دريكيرز (Rudolf Dreikers)؛ الأمهات والآباء “بتجنب إفساد الأطفال بالدلال، لأن استراتيجيات الأبوة والأمومة الإيجابية (لأن تقنياتها إن لم تُطبق بشكلها الصحيح)؛ تؤدي فقط إلى خلق المزيد من المشكلات مثل: مشاعر الاستحقاق والأنانية عند الطفل، كذلك التركيز على الذات فقط، وقلة التعاطف مع الآخرين.. الخ”.


مبادئ التربية الإيجابية

ما هي المبادئ التي تستند إليها الأبوة والأمومة الإيجابية؟
يجب أن يكون الوالدين حازمين وحنونين، بمعنى متماسكين ومتعاطفين؛ أمام أطفالهم.. وهنا نأتي على مبادئ الأمومة والأبوة الإيجابية على الشكل التالي:

المبدأ الأول: شعور الطفل بالانتماء والقيمة: بمجرد أن يتحقق للطفل حاجات المأكل والملبس والمأوى؛ تكون حاجاته الأساسية هي التالية لذلك، بالانتماء والشعور بالقيمة والأهمية، فما الذي يعينه الانتماء بالنسبة للطفل الصغير؟.. الانتماء هو الشعور بأنك مطلوب ومتصل مع الآخرين، لأننا كبشر نتوق إلى أن نكون جزءاً من شيء أكبر من أنفسنا، وبالنسبة للطفل؛ يعني الانتماء الشعور بالترابط العاطفي مع الأشخاص المهمين في حياته ويقينه بمدى ملائمته لهم، فغالباً ما يتأثر إحساس الطفل بالانتماء، عندما تحدث تغييرات كبيرة في حياته، مثلما يحدث عند ولادة (أخ أو أخت) جديد، حيث يمكن أن تؤدي هذه الأنواع من التغييرات إلى سلوكيات نكوص لدى الطفل، بالتالي إذا فهمت من أين تنشأ هذه السلوكيات، ستتمكن بطبيعة الحال من معالجتها بفعالية، أما عن شعور الطفل بالقيمة والأهمية؛ يحتاج الطفل إلى معرفة أنه يمكنه إحداث فرق وتأثير في الأسرة، من خلال تقديم مساهمات ذات مغزى، بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون قادراً على ممارسة سلطته الشخصية على عالمه الصغير، وهذه قوة.. وكل إنسان (طفل وبالغ) لديه حاجة أساسية إلى القوة والإرادة الحرة لاختيار كيفية ممارستها، بالتالي إذا كان الأطفال غير قادرين على ممارسة إرادتهم الحرة بطرق إيجابية؛ فسوف يستخدمون طرقاً سلبية للحصول على السيطرة والتحكم، الذي يتوقون إليه من خلال سلوكيات: رفض التعاون، أو التحدث مع والديه مواربة أو بلؤم، أو القيام بعكس ما يُطلب منه، وافتعال المشاكل عن قصد، وغيرها من السلوكيات السلبية، التي تحركها القوة الكامنة لدى الطفل، ثم تدفع الوالدين إلى الغضب!

المبدأ الثاني: كل سلوكيات الطفل موجهة نحو الهدف: كلها بما فيه السلبي والإيجابي، وهي ليست عشوائية أبداً؛ سواء رفض ابنك المراهق الدراسة للامتحان، أو عانيت من نزاعات لتناول وجبة الغداء مع طفلك في عمر الخامسة، أو عند وقت الذهاب إلى النوم.. الخ، سواء كان طفلك قادراً على التعبير عن الدافع وراء اختياره وسلوكياته، فيجب أن تعلم من خلال أبحاث أدلر؛ “أن السلوكيات السيئة هي ببساطة جهد الطفل لتحقيق الانتماء والأهمية”، وبمجرد أن نفهم أن السلوكيات السيئة، هي ملامح وأعراض وليست المشكلة الفعلية؛ يمكنك معالجة السبب الأساسي، بطريقة تؤدي في النهاية إلى تحقيق نتائج، وهذا لا يعني أن أساليب الأبوة والأمومة التي استخدمتها سابقاً كانت خاطئة، لكنها لا تعالج جذر المشكلة، ولكن.. ببساطة تداوي معظم أساليب التربية التقليدية؛ (مشكلة ذات جذور عميقة).. بشكل على سطحي، بحيث يمكن أن يحدث نزف في أي وقت ولأي سبب كان.

المبدأ الثالث: يتصرف الطفل المُحيط بشكل سيء: فالطفل الذي يسيء التصرف.. ليس طفلاً شريراً أو لئيماً أو وقح وعنيد؛ إنه ببساطة ذو عزيمة هابطة ومُحبط لسبب ما، ووفقاً لألفريد أدلر؛ يشير الإحباط بوضوح إلى أن احتياجات الطفل للانتماء والأهمية لا يتم الوفاء بها، فعندما يرفض طالب الصف الخامس الإصغاء، فهي الطريقة التي يعبر بها عن لسان حاله القائل: “لا أشعر بأنني أنتمي أو ليس لدي سيطرة كافية على حياتي الخاصة، وهذه هي الطريقة الوحيدة، التي يمكنني من خلالها إظهار ما أشعر به”، عندما يسيء طفلك التصرف؛ لا ينظر إليه على أنه سلوك سيء، بل صرخة طلباً للمساعدة، وبسبب شيء غير مناسب له أبداً، ولسوء حظ الأطفال، الذين لم يلمسوا طريقة إيجابية لتلبية احتياجاتهم العاطفية، فإنهم من الطبيعي أن يظهروا السلوكيات السلبية بدلاً من ذلك، وإذا استمرت مشاعر الإحباط لدى الطفل على فترات زمنية طويلة، فإنه يكرر السلوكيات السلبية الشائعة، وبمرور الوقت.. ترسخ لدى الطفل قناعة، بأن تصرفاته السيئة تجلب له الاهتمام الذي يبحث عنه، (حيث يتوق إليه أو يمنحه الشعور بالتحكم)، بالتالي عندما نغير تفكيرنا ونعترف بسوء السلوك، على أنه أحد ملامح أو أعراض مشكلة جذرية لدى الطفل، (قد تكون عاطفية طلباً للشعور بالقيمة والاهتمام)؛ بدلاً من رؤيتها على أنها فشل أو عيب في طفلنا، فسوف نرى تحسناً فورياً في سلوكه.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟