تعرف أنك وقعت فريسة للابتزاز العاطفي حين يستخدم شخص قريب منك الخوف والإلزام والشعور بالذنب لديك للتلاعب بك أو السيطرة عليك أو تحقيق احتياجاته المادية أو المعنوية من خلالك، فلا يبتزك عاطفيا إلا شخص قريب منك جدًا، شخص يعرف الكثير عن تفاصيل حياتك، ويدرك نقاط ضعفك الذاتية ونقاط ضعفك تجاهه، يعرف أنك لاتحتمل إيذاءه، وأنك تشعر بالذنب تجاهه، وبالتالي يجعلك في وضع المضطر والمجبر رغم أنفك أن تحقق له ما يريد، وهو شخص كثير الشكوى والتذمر، يظهر ضعفه ليستدر عطفك، ويضعك تحت ضغط الشعور بالذنب والتقصير تجاهه، فإذا ضعفت أو استسلمت قام هو باستغلال ذلك لتحقيق مراداته. قد يبدي خضوعا أو وداعة أو استسلاما أو ضعفا في بعض مراحل العلاقة حتى تقع تحت قبضته فيمارس التسول العاطفي ولكن بطريقة ملتوية.
الابتزاز العاطفي :
“هو أحد أشكال التلاعب النفسي – ويحدث خلاله استخدام منظومة من التهديدات وأنواع مختلفة من العقاب يوقعها شخص ما على آخر قريب منه في محاولة للسيطرة على سلوكه“. ويتضمن الابتزاز العاطفي عادة.. شخصين تجمع بينهما علاقة شخصية قوية، أو علاقة حميمية (الأم والابنة، والزوج والزوجة، والشقيقتين، الأصدقاء المقربين، العاشقين). وعند التعرض للابتزاز العاطفي “يصبح الشخص رهينة عاطفية للآخر“. فالأمر يحدث هكذا: “إذا لم تفعل لي كذا، فأنت المسؤول عن ما يحدث لي“. وهو موجود في النساء والرجال والأطفال، ولكن يغلب وجوده في النساء والأطفال والمراهقين، حيث أنه يمثل نوع من الضغط الناتج .
خطوات فعالة لايقاف هذه السلولكيات :
1- تعرف على علامات التحذير
لا يعتبر التلاعب العاطفي حدثاً بين عشية وضحاها.. يقوم الجناة مراراً وتكراراً بالخداع والتلاعب لإرهاق الضحايا بمرور الوقت، وبالتالي إشعارهم بالضياع والارتباك.. ومع ذلك، هناك علامات محددة قد تشير إلى تكتيكات مبكرة للمتلاعب عاطفياً، ومنها:
يبذل محاولات لتقليب الآخرين عليك، يجعلك تكذب مراراً وتكراراً، ينتقدك على أنك مجنون أو حساس أو ضعيف أو غبي أو غير كفء، يعزلك عن الأصدقاء والعائلة.
2- استمع إلى حواسك، ولا تتردد في تخمين مشاعرك وذكائك
إذا شعرت أن شيئاً ما ليس صحيحاً في علاقتك؛ فلا تتجاهل حدسك.. إذا شعرت بطريقة معينة أو كنت تعتقد أن شيئاً ما صحيح؛ فلا تسمح لأي شخص بتشويه سمعتك.
3- إعمال العقل
نظراً لأن المتلاعبين عاطفيًا بارعون في التلاعب؛ فقد ينجذب أي شخص إلى تكتيكاتهم؛ فلا تقبل تأكيدات المتلاعب بخصوص صحتك العقلية أو العاطفية.
4- تحقق مع الآخرين
نظراً لأنك تنجذب إلى عملية التلاعب؛ فإن نظرة الآخرين ستساعدك على رؤية حقيقة الموقف.
5- لا تنتقم
نادراً ما يتراجع المتلاعب عاطفياً عما يقوم به، ويسعون عادةً إلى الانتقام إذا تم الرد عليهم.
6- عدم التفاعل
تجنب إظهار الخوف أو الانزعاج من تصرفاته.. تماماً مثل كل المتنمرين؛ فهم يعززون قوتهم من ضعف ضحاياهم.
7- تجنبهم قدر الإمكان
قلل من التعرض للمتلاعب عاطفياً، وكيفما أمكن، يُفضل الخروج من العلاقة بأسرع ما يمكن.
طبيعة المبتزين عاطفيا ؟
يستخدم المبتز العاطفي الخوف، والالتزام والشعور بالذنب في علاقاته، متأكدًا من أن الضحية تشعر بالخوف من إغضابه، والالتزام تجاهه بتوفير كل ما يلزمه، والشعور بالذنب إن لم يفعل. وابتكرت فوروارد وفريزر الاختصار FOG ويعني “ضبابًا“ ويشير إلى الخوف Fear والالتزام Obligation والشعور بالذنب Guilt والذي دائمًا ما ينتج عن التعرض للابتزاز العاطفي في علاقة بشخص يعاني من اضطراب الشخصية.
والذين يمارسون الابتزاز العاطفي يدركون في قرارة أنفسهم أن ما يطلبونه ليس من حقهم، لذا يلجأون إلى الاحتيال لتحقيق أغراضهم، ويزيد الابتزاز العاطفي في المجتمعات العاطفية التي تتحكم المشاعر في سلوكيات أبنائها. والمرأة على وجه الخصوص بارعة في استغلال دموعها ومظاهر ضعفها وانكسارها واحتياجها في عمليات الابتزاز العالاطفي. ويزداد الابتزاز العاطفي في العلاقات العاطفية بين الجنسين وقد تمارسه المرأة أو يمارسه الرجل، ويحدث نتيجة ذلك استغلال الطرف المبتز للطرف الآخر واستنزافه ماديا أو معنويا أو إبقائه تحت السيطرة مستغلا في ذلك حظوته عنده.
وتكمن حالة الشعور بالوحدة والشعور بعدم الأمان والخوف من الهجر خلف سلوك الابتزاز العاطفي، وهذا يدفع المبتز عاطفيا إلى استنزاف من يبتزه أو يبتزهم وجدانيا بشكاواه المتكررة والمستمرة وبتحميلهم مسؤولية معاناته.
ويغلب حدوث الابتزاز العاطفي من النساء (وان كان موجودا أيضا في الرجال)، ويكثر حدوثه في المصابات باضطراب الشخصية الحدية أو من لديهن سمات الشخصية الحدية، وهذه الشخصيات تشعر بالفراغ النفسي والعاطفي وتشعر دائما بالتهديد بالهجر ممن يتعلقون بهم ولذلك يتشبثون بهم تشبثا شديدا، ومع ذلك يؤذونهم بسلوكياتهم الملحة والمضطربة ويضعونهم في صراع ومشاعر بالذنب تجاههم.
ويحدث أيضا في الشخصيات النرجسية والسيكوباتية التي تميل إلى استغلال الآخرين لتحقيق أهدافهم وتلبية رغباتهم، وقد يحدث في شخصيات عادية حين تكون تحت تأثير احتياج ملح أو شعور بعدم الأمان.
والابتزاز العاطفي موجود عند الأطفال لكنه لا يعني أنهم محتالون لكنهم لا يمتلكون طرقا تعبيرية للاقناع سوى استثارة عواطف ذويهم لكنهم مع السنوات يكتسبون طرقا مختلفة في التعبير عن أنفسهم ويفترض بهم تجاوز الابتزاز العاطفي لكنه إذا ما استمر حتى مرحلة المراهقة والمراهقة المتأخرة فقد يصبح هو أسلوب تعامل الشخص مع كل من حوله .
الجذور الأسرية للابتزاز العاطفي :
ارتبطت حالات الابتزاز العاطفي بالشعور بعدم الأمان تنتج عن علاقات تنافسية بين الإخوة والأخوات، أو أن الطفل كان عرضة لشكل من أشكال الابتزاز العاطفي وكان حب الأم مشروطا بسلوكيات تحقق أهداف الوالدين وتوقعاتهم من الطفل. وعلى نطاق أوسع، في العلاقات الأسري… يتوقع من كل شخص أن يتم التحكم به، وأن يتحكم في الآخرين، عن طريق التأثير المتبادل الذي يمتلكه كل واحد على الآخر… ثم اللجوء إلى إجبار الآخرين بالتعاطف، والابتزاز، الامتنان، الشعور بالذنب، والعرفان أو العنف المجرد.
علاج الابتزاز العاطفي
ودائما في نهاية عرض أي مشكلة نتحدث عن العلاج ، فهل العلاج هنا يكون لمن يمارس الابتزاز ؟.. أم لضحية الابتزاز ؟.. الحقيقة يحتاج الإثنان للعلاج،
فمن يمارس الابتزاز تعلم منذ طفولته أنه يحصل على ما يريده بهذه الطرق الملتوية غير الناضجة، وتعود أن المحيطين به لا يحبونه إلا بشروط ومن خلال استراتيجيات معقدة، وبثمن أو مقابل، وقد تعزز لديه هذا السلوك في كل مرة كان يمارس فيها الابتزاز ويحصل على فائدة، ولذلك يحتاج لتبصيره بما يحدث ووقف تعزيز سلوك الابتزاز بعد الاستجابة له، وهذا لا يعني إهمال الشخص أو نبذه، ولكن إعطاء المشاعر بشكل راشد وناضج وليس تحت تأثير الابتزاز، ومراعاة احتياجه للأمان والحب غير المشروط.
وينبغي على الأشخاص أن يميزوا بين من يستغلهم عاطفيا وبين من يتعامل معهم بتوازن ليتجنبوا بذلك التعرض لخيبات أمل عاطفية لأن المبتزين في الغالب لا تعنيهم الا المصالح. والابتزاز العاطفي يعبر عن حالة نفسية غير سوية، لأن المبتزين يتكئون على الاحتيال لتحقيق أغراضهم، وهو تصرف يتم عن وعي لذا ينبغي أن يواجه بالحزم لكي يكف هؤلاء الاشخاص عن سلوكهم الانتهازي غير السوي.
أخصائي نفسي
الولاء مكي