يعرف التوحد (Autism) في الطب النفسي بأنه مجموعة متشابهة من الاضطرابات في عملية التطور العاطفي والاجتماعي للطفل، مما ينتج عنه صعوبة في الاندماج والتأقلم مع العالم الاجتماعي المحيط، بالإضافة إلى بعض الاضطرابات الحسية مثل الانزعاج الشديد من الأصوات التي قد تبدو طبيعية للأشخاص الآخرين، وقيام الطفل بتكرار نمط معين من الحركات الرتيبة مثل هز الرأس أو تكرار بعض المفردات خصوصاً عند الشعور بالخوف والتوتر.
هل يمكن أن تظهر علامات التوحد قبل أن يبدأ الطفل بالكلام والتواصل الحقيقي؟
عادة ما تظهر العلامات المشيرة إلى التوحد خلال السنوات الـ 3 الأولى من العمر، يمكن أن يبدأ التطور النفسي والاجتماعي بشكل طبيعي لدى الطفل ثم يتدهور ويتحول إلى النمط الانعزالي والمتوحد،
– الحركات النمطية المتكررة مثل هز الرأس والتأرجح في المكان.
-البكاء والصراخ عند محاولة التقرب من الطفل.
– التأخر في النطق واكتساب المهارات اللغوية.
– ترديد أصوات أو كلمات أو جمل معينة.
– تجنب النظر بشكل مباشر إلى أعين المخاطبين.
– عدم الاستجابة للنداء أو إلى أصوات الوالدين التي يجب أن تكون مألوفة.
– التأخر في الإشارة إلى الأشياء حتى أكثر من عمر سنة.
– اضطراب الاستجابة العاطفية للمواقف الاجتماعية المختلفة فهو لا يبتسم عندما يحصل أمامه موقف مضحك مثلاً.
لا يمكن لعرض واحد من الأعراض السابقة أن يشير إلى التوحد أو ينفيه بشكل مطلق، فتكرار الكلمات والأصوات قد يكون طبيعياً إلى حد ما خلال سنوات تعلم اللغة، وعدم الاستجابة للنداء قد تشير إلى مشكلة في السمع..
أعراض التوحد في عمر السنتين
هذا العمر هو المرحلة التي تظهر فيها علامات التوحد بوضوح لدى معظم المصابين، تتسم هذه المظاهر بطابع تأخر الكلام والقدرة على ممارسة النشاطات التي يقوم بها الأطفال في نفس العمر، ومن هذه الأعراض:
– التأخر في لفظ الكلمات حتى سن 16 شهراً أو أكثر (بداية نطق الكلمات تكون عند اكتمال العام الأولى ولا يجب أن تتأخر عن 15 شهراً).
– فقدان المهارات اللغوية وتأخر اكتساب القدرة على تركيب جملة مفيدة.
– لا يفهم الطفل المصاب عملية الإشارة فلا يوجه نظره إلى المكان المطلوب عندما يشير أحد إلى شيء ما.
أعراض التوحد في سن المدرسة
ما هي المشاكل التي يعاني منها الطفل الكبير المصاب بالتوحد؟
في هذه المرحلة يكون الطفل غالباً قد اكتسب المهارات الأساسية للكلام والإشارة، أما الصعوبات الاجتماعية والعاطفية فهي تمثل العائق الأكبر أمام المصاب في هذه المرحلة والمراحل اللاحقة من الحياة، ومن الأمثلة على ذلك:
– عدم القدرة على التحدث بشكل طبيعي حتى لو كان تركيب الجملة سليماً، إذ يبقى حديث المتوحد وحيد النبرة كأنه صوت آلي.
– صعوبة إنشاء علاقات الصداقة مع الأقران.
– تجنب النظر المباشر في أعين الآخرين (حتى الوالدين).
– الكثير من المرضى يملكون مستوى ذكاء طبيعي لكن المتوسط العام لمعدل الذكاء (IQ) بين المصابين بالتوحد أصغر من القيمة الطبيعية بقليل (لا يعتبر التوحد تأخراً عقلياً إنما هو مشكلة نفسية عاطفية بشكل خاص).
أعراض التوحد لدى الكبار
هل يصيب التوحد البالغين؟ وما العلامات المميزة للتوحد عند الكبار؟
عادة ما يتم الحديث عن التوحد باعتباره من الاضطرابات الخاصة بالطفولة لكن الحقيقة هي أن التوحد يمكن أن يصيب الجميع وهو لا يختفي تلقائياً عندما يصبح الطفل بالغاً، يمكننا أن نعزو هذا التحيز في تقديرنا للفئة العمرية إلى بداية الاضطراب في عمر مبكر والتشخيص خلال الطفولة المبكرة في معظم الحالات، بالإضافة إلى اكتساب البالغين لبعض مهارات التأقلم التي تجعلهم قادرين على تدبير أمورهم إلى حد ما، ومن الأعراض المشيرة إلى إصابة البالغ بالتوحد:
– تجنب المناسبات الاجتماعية واللقاء مع الغرباء: وهو أهم أعراض التوحد لدى البالغين.
– عدم فهم المعاني غير المباشرة للكلام: مثل المبالغات المجازية والتعابير الساخرة.
– الاهتمامات المحدودة والشديدة: عادة ما يبدي المتوحد البالغ اهتماماً بعدد قليل من المواضيع، لكن اهتمامه بهذه المواضيع تحديداً يكون شديداً ويصل إلى حد الهوس.
– عدم القدرة على فهم المشاعر التي يشعر بها الشخص ذاته: يصيب هذا الاضطراب أقل من 10 في المئة من السكان بشكل عام، لكنه شائع جداً لدى المتوحدين إذ يصيب حوالي 85% منهم.
– الاكتئاب والقلق المزمنان: يحمل التوحد خطورة إضافية لتطور الاكتئاب والقلق وانفصام الشخصية والأرق واضطراب نقص التركيز وفرط النشاط لدى الأطفال.
– الإصرار على الروتين: يصعب على المتوحد تقبل التجديد ويصر على إبقاء كل شيء كما هو.
– مشاكل في لغة الجسد: مثل عدم النظر إلى عيني المحدث، والحديث بشكل وحيد الوتيرة دون استخدام التعابير الصوتية وحركات اليدين الطبيعية.
– عدم السيطرة على المشاعر: إذ تحدث لدى المصاب نوبات مفاجئة من الحزن أو الغضب بدون سبب.
اخصائي نفسي
الولاء مكي