أضطراب الأعراض الجسدية وأسبابها النفسية

ما هو اضطراب الأعراض الجسدية؟

كان يُعرف سابقًا بـ”اضطراب الجسدنة” أو “الاضطراب جسدي الشكل”، وهو حالة يشعر فيها المريض المصاب بأعراض ليس لها تفسير طبي واضح، وتشمل الشعور بالألم أو ضيق التنفس أو ضعف الجسم.

قد تكون هذه الأعراض بسبب مرض عضوي أو مرض نفسي، ولكن شعور المريض بها يكون أشد مما هو متوقع.

يختلف اضطراب الأعراض الجسدية عن الأمراض الجسدية ذات المنشأ النفسي، التي تُعد أمراضًا جسدية واضحة ومُشخَّصَة نشأت بسبب اضطرابات نفسية معروفة ومُشخَّصَة أيضًا.

العلامات والأعراض

يعتقد المريض وجود حالة طبية مسبِّبة للأعراض التي يشعر بها -حتى وإن لم توجد حقيقة-، ويُعد هذا الاعتقاد السمة الأساسية لاضطراب الأعراض الجسدية.

تشمل أعراض هذا الاضطراب:

  • الألم: وهو أكثر الأعراض شيوعًا، ويكون في أماكن مختلفة في الجسم.

  • الأعراض العصبية، مثل: الصداع واضطرابات الحركة والضعف العام والدوار والإغماء.

  • أعراض الجهاز الهضمي، مثل: آلام البطن والإسهال والإمساك وغيرها.

  • أعراض الجهاز التناسلي، مثل: الشعور بالألم في أثناء العلاقة الزوجية، أو الآلام الشديدة المصاحبة للطمث عند الإناث.

تتشابه هذه الأعراض مع أعراض الأمراض النفسجسمية، وهي أعراض جسدية تظهر بسبب مرض نفسي، مثل: القلق أو الاكتئاب أو غيرها من الأمراض النفسية.

 

كيف تؤثر هذه الأعراض في المريض؟

  • يشعر المريض بالقلق الشديد والمستمر من السبب الطبي المتوقع لهذه الأعراض.

  • يجري المريض فحوصات طبية باستمرار، خصوصًا عند ظهور أي علامات أو أعراض مرَضية.

  • يعتقد المريض بعدم تشخيص الطبيب لحالته تشخيصًا صحيحًا.

  • يخاف المريض من ممارسة الرياضة؛ اعتقادًا منه أنها ستضر جسده.

  • لا يستجيب المريض للعلاج الطبي أو يزيد تأثره بالآثار الجانبية للأدوية.

  • يصعب على المريض ممارسة أنشطة الحياة اليومية الاعتيادية.

أسباب اضطراب الأعراض الجسدية :

لم يتوصل الباحثون إلى أسباب واضحة لاضطراب الأعراض الجسدية، لكنه قد يكون مرتبطًا بـ:

  • الصفات الوراثية، مثل: زيادة الحساسية تجاه الألم.

  • صعوبة التعامل مع التوتر.

  • قلة وعي المريض بالعواطف، مما يجعل تركيزه على المشكلات الطبية الجسدية أكثر منه على المشكلات التي لها علاقة بالمشاعر والأحاسيس.

  • بعض التصرفات السلوكية التي يتعلمها المريض من البيئة المحيطة، كأن يحرص على جذب انتباه من حوله في حالة المرض أو تقاعسه عن الحركة لوجود الألم.

من هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب؟

أظهرت الدراسات وجود عوامل تزيد من احتمالية الإصابة باضطراب الأعراض الجسدية، تتضمن هذه العوامل:

  • تعاطي المخدرات.

  • تعاطي الكحول.

  • تعرض الشخص للتجاهل في طفولته.

  • التعرض للصدمات.

  • تعرضه لاعتداء جسدي أو جنسي.

  • وجود اضطراب نفسي آخر، مثل: القلق أو الاكتئاب.

  • وجود تاريخ عائلي لحالة مرَضية، مما يعرضه لخطر الإصابة بها.

  • معاناة المريض حالة مرَضية واضحة ومُشخَصَّة.

وُجِد أن النساء أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب، وذلك لأنهن أكثر عُرضَة للصدمات والاعتداءات مقارنة بالرجال.

التشخيص :

يسأل الطبيب المريض عن تاريخه المرضي ويفحصه، وقد يطلب إجراء بعض الفحوصات الطبية للتأكد من وجود مرض معين أو استثنائه.

إذا أظهرت الفحوصات عدم وجود حالة مرضية، ووُجِدت العوامل التي تزيد احتمالية الإصابة باضطراب الأعراض الجسدية؛ يُنصح المريض باستشارة الطبيب النفسي.

يشخص الطبيب النفسي اضطرابَ الأعراض الجسدية إذا:

  • كانت كل الأعراض أو أحدها تؤثر في حياة المريض وتعوق نشاطاته اليومية.

  • كان المريض يفكر بالأعراض وخطورتها على نحو مبالغ فيه، مما يستنزف طاقته ووقته.

  • استمرت الأعراض أو أحدها مدة ستة أشهر أو أكثر.

علاج اضطراب الأعراض الجسدية :

يمكن علاج هذا الاضطراب بالجمع بين العلاج النفسي والعلاج الدوائي أو أحدهما.

يهدف العلاج إلى تحسين جودة حياة المريض وتخفيف شعوره بالتوتر والألم.

العلاج النفسي: 

يُعد العلاج المعرفي السلوكي -أحد أنواع العلاج النفسي- الخطوة الأولى في علاج اضطراب الأعراض الجسدية.

يساعد العلاج المعرفي السلوكي المريضَ على تحديد أنماط التفكير غير المنطقية لديه، فيتعلم كيفية تغيير أفكاره لتصبح أكثر إيجابية.

يتعلم المريض أيضًا كيفية التغلب على مشاعر القلق تجاه حالته الصحية وكيفية التعامل مع أي اضطراب نفسي يعانيه كالاكتئاب.

العلاج الدوائي:

يمكن أن يصف الطبيب النفسي أدوية مضادة للقلق أو أدوية مضادة للاكتئاب إذا كان المريض يعاني أحد هذه الاضطرابات النفسية.

تساعد هذه الأدوية المريض -إلى جانب العلاج النفسي- على تخفيف القلق والأعراض التي يعانيها، ويكون استخدامها مؤقتًا وتحت إشراف الطبيب.

لا شك أن المريض ينزعج من عدم وجود مرض عضوي يسبب الآلام والأعراض التي يشعر بها، فهي تؤثر في حياته وتشعره بالعجز عن أداء المهام اليومية.

لا بد من التعاطف مع المريض وعدم الاستهانة بشكواه، وتشجيعه على استشارة الطبيب النفسي.

إن تقديم الدعم المناسب للمريض في الوقت المناسب وبالكيفية المناسبة لهو أهم خطوات الوصول إلى العلاج المناسب .

 

أخصائي نفسي 

الولاء مكي 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى
× تريد المساعدة؟