تجهل الكثير من الأمهات أضرار الشاشات على الاطفال الرضع، بل وتظن أن الألوان الزاهية والحركة التي يشاهدها تنمي قدراته العقلية، وفي حقيقة الأمر فإن هذا الاعتقاد خاطئ، حيث إن الطفل أقل من سن العامين لا يحصل على استفادة حقيقية ومباشرة من مشاهدة الشاشات ، فهو يحتاج في هذا السن إلى الاحتكاك المباشر مع الأشخاص المقربين، لتنمية مهارات التواصل والإدراك لديه، بل إن مشاهدة الشاشات تعرضه إلى مجموعة من التأثيرات السلبية، على المستوى السلوكي وإدراكه للعالم الخارجي، أو مخزونه اللغوي وصحته النفسية.
يلجأ بعض الآباء والأمهات إلى الشاشات كوسيلة لإلهاء الطّفل أثناء ممارستهم أنشطتهم اليومية ، وذلك لأن الألوان والأصوات التي تصدر عن التلفاز محبّبة لدى الطّفل وتلفت انتباهه بشكلٍ كبير، ولكن في الحقيقة يفضّل ألا يشاهد الأطفال تحت عمر 18 شهرًا التّلفاز، وذلك لأن أدمغتهم لا تزال غير قادرة على تحليل ما يرونه على شاشة التّلفاز وربطه بالواقع، وبالتّالي فإنه لا يضفي أي فائدة تعليمية للطفل، فالطّفل الرّضيع يحتاج إلى رؤية وجوه الأشخاص المحيطين به وسماع أصواتهم والتّفاعل معم ليكتسب مهارات جديدة، كما يجب أن يلمس الأشياء ويهزها ويرميها ليتعلّم أكثر.
تأثير التلفاز على سلوكيات الأطفال :
غالبا ما تحتوي البرامج التي تعرض على الشاشات بعض مشاهد تتضمن العنف، الأمر الذي ينعكس على الرضيع في صورة كوابيس ليلية، واضطرابات في النوم وقصر مدته، بالإضافة إلى ترسيخ العنف كأحد ركائز شخصيته في المستقبل، دون القدرة على التميز بين الخطأ والصواب.
كذلك فإن الشاشات لا يوفر للطفل التفاعل الاجتماعي والعاطفي، والذي يعتبر أحد احتياجاته الأساسية في هذه المرحلة العمرية، مثله مثل الحاجة للرضاعة والطعام، ما يؤثر بالسلب على صحة الطفل النفسية وتعامله مع محيطه الاجتماعي، حيث ينشأ الطفل منعزلا ومنطويا وقد يصل الأمر حد الإصابة بالتوحد.
العمر المناسب للطفل لمشاهدة التلفاز
أكدت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، أن مشاهدة الشاشات لمن هم دون العامين ممنوعة، إلا أن آخر توصية لها في عام 2016، بينت أنه يمكن مشاهدة التلفزيون لمن بلغ عاما ونصف العام لمدة ساعة باليوم، مع مراعاة أن تقسم إلى مرتين خلال اليوم الواحد.
كما أكدت أن تكون البرامج التي يتعرض لها الطفل في أي فئة عمرية، خاضعة لمراقبة الوالدين للتأكد من مدى مطابقة محتواها، لمعايير وأخلاقيات المجتمع، كذلك مدى التوافق بينها وبين المفردات الأساسية للتربية، كما يحذر من ترك الطفل أمام التلفاز بدون متابعة أو توضيح بسيط لما يراه حتى لا تضعف لدى الطفل مهارات التفاعل ويصبح متلقيا فقط.
يحتاج الطفل حتى وهو في سن صغيرة إلى توضيح الصحيح من الخاطئ في أغلب ما يراه، حيث يمكنك التعليق بعبارات تحفيزية لما يراه كسلوك جيد ليقلده الطفل، أو التعبير بطريقة حزينة رافضة لأي سلوك يراه الرضيع في التلفاز، حيث يعد العنف والتوحد من السلبيات الخطيرة لأفلام الكرتون على الأطفال ومن أهم أضرار التلفزيون على الرضع، ويمكنك تكرار الأشياء الصحيحة مع الطفل وممارستها، مما يقويها ويطبع في ذاكرته هذه الطريقة من السلوك الصحيح ويعلم أنه سيلاقي تشجيعا من والديه.
* آثار الإفراط في قضاء الوقت أمام الشاشة :
إن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال لا تشجع استخدام الوسائط من قِبل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين؛ وتوصي بالحد من الوقت الذي يقضيه الأطفال الأكبر سنًا أمام الشاشة بحيث لا يزيد عن ساعة أو ساعتين في اليوم، حيث اقترنت الكثير من المشكلات بالإفراط في الوقت الذي يقضيه الطفل أمام الشاشة.
ومن هذه المشكلات ما يلي :
1- السمنة
كلما كان طفلك أكثر مشاهدة للتلفاز، زاد خطر إصابته بالسمنة، كما أن وجود جهاز تلفاز في غرفة نوم الطفل يزيد أيضًا من هذا الخطر، كما يمكن للأطفال أن يشعروا بشهية لطعام غير مرغوب فيه يتم الترويج له في الإعلانات التلفزيونية، فضلاً عن الإفراط في تناول الطعام أثناء مشاهدة التلفاز.
2- عدم انتظام النوم
كلما كثر الوقت الذي يشاهد فيه الأطفال التلفاز، فسوف يعانون غالبًا من مشكلات في النوم، أو مواعيد نوم غير منتظمة، وفي المقابل، يمكن أن تؤدي قلة النوم إلى التعب وزيادة تناول الوجبات الخفيفة.
3- المشكلات السلوكية
إن طلاب المدارس الابتدائية الذين يقضون أكثر من ساعتين يوميًا في مشاهدة التلفاز أو استخدام الكمبيوتر هم الأكثر عرضة للمشاكل النفسية والاجتماعية ومشاكل الانتباه، وكذلك ألعاب الفيديو اقترنت بزيادة مخاطر مشاكل الانتباه لدى الأطفال، والإفراط في مشاهدة التلفاز في سن الرابعة مرتبط بالتنمر في سن السادسة إلى الحادية عشرة.
4- ضعف الأداء الأكاديمي
يميل طلاب المدارس الابتدائية الذين لديهم أجهزة تلفاز في غرف نومهم إلى أداء أسوأ في الاختبارات مقارنة بأولئك الذين ليست لديهم أجهزة تلفاز في غرف نومهم.
5- العنف
قد يؤدي التعرض إلى الكثير من العنف عبر وسائل الإعلام المختلفة، خاصة على شاشة التلفاز، إلى عدم مبالاة الأطفال بالعنف. نتيجة لذلك، يتعلّم الأطفال قبول السلوك العنيف كوسيلة طبيعية لحل المشاكل.
6- قلّة الوقت للّعب المفيد
يؤدي الإفراط في الوقت الذي يقضيه الطفل أمام الشاشة إلى قلّة وقت ممارسة الأنشطة المفيدة، ما يسميه البعض اللعب الإبداعي.
* كيفية تقليص فترة مشاهدة التلفاز :
إن مجموع فترة مشاهدة طفلك للتلفاز وما إلى ذلك قد يكون أكبر مما كنت تدرك، فابدأ بمراقبة ذلك وتحدث مع طفلك عن أهمية الجلوس فترة أقل والتحرك فترات أكثر. علاوة على ذلك، وضّح قواعد فترة مشاهدة الشاشة، والعواقب المترتبة على كسرها، وفي هذه الأثناء، اتخذ خطوات بسيطة للحد من فترة مشاهدة الشاشة.
فمثلا :
1- أوقف تشغيل التلفاز عند عدم وجود أي مشاهد أمامه
في حالة تشغيل التلفاز، حتى لو لم يكن هناك أحد يشاهده، من المحتمل أن يجذب انتباه الطفل، فإذا كنت غير مهتم بمشاهدة عرض معيّن، فأوقف تشغيل التلفاز.
2- احرص على إبقاء أجهزة التلفاز والكمبيوتر خارج غرف النوم
فالأطفال الذين لديهم أجهزة تلفاز في غرف نومهم يشاهدون التلفاز أكثر من الأطفال الذين ليس لديهم هذه الأجهزة في غرف نومهم، راقب فترة مشاهدة طفلك للشاشة ومواقع الويب التي يزورها عن طريق إبقاء أجهزة التلفاز وأجهزة الكمبيوتر في منطقة مشتركة في منزلك.
3- لا تسمح لطفلك بالأكل أمام التلفاز
إن السماح لطفلك بتناول الطعام أو تناول وجبة خفيفة أمام التلفاز يزيد من الوقت الذي يقضيه أمام الشاشة، كما تشجع هذه العادة السيئة أيضًا على المضغ بلا وعي، والذي يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن.
4- قم بإرساء قواعد اليوم الدراسي
يعاني معظم الأطفال خلال الأسبوع الدراسي من قلة وقت الفراغ، فلا تدع طفلك يقضي كل الوقت أمام الشاشة، خاصة أثناء الدراسة، وتجنب أيضًا استخدام فترة مشاهدة الشاشة كمكافأة أو عقاب، فقد يؤدي هذا إلى أن تبدو فترة مشاهدة الشاشة أكثر أهمية للأطفال.
5- تحدث إلى مقدمي خدمات الرعاية للطفل
شجع أقاربك المحيطين بطفلك على الحد أيضًا من الوقت الذي يقضيه طفلك أمام الشاشة.
6- شجع على ممارسة الأنشطة الأخرى
بدلاً من الاعتماد على قضاء الوقت أمام الشاشة كوسيلة للترفيه، ساعد طفلك على البحث عن أنشطة أخرى للقيام بها، مثل القراءة، أو لعب الرياضة، أو المساعدة في أعمال المطبخ أو محاولة الألعاب المنزلية.
7- كن قدوة صالحة
كن قدوة صالحة عن طريق الحد من الوقت الذي تقضيه أمام الشاشة.
8- افصله
إذا أصبح الوقت الذي يقضيه الطفل أمام الشاشة مصدرًا للتوتر في عائلتك، فافصل التلفاز، أو أوقف تشغيل الكمبيوتر أو ضع الهواتف الذكية أو ألعاب الفيديو بعيدًا لفترة من الوقت. يمكنك تخصيص يوم واحد في الأسبوع أو الشهر كيوم خالٍ من الجلوس أمام الشاشة لجميع أفراد الأسرة، ولمنع مشاهدة التلفاز بدون إذن منك، ضع قفلاً على مقبس الكهرباء الخاص بالتلفاز.
* كن مشاركًا نشطًا
عندما يأتي وقت جلوس طفلك أمام الشاشة، اجعله وقتًا مفيدًا قدر الإمكان:
– خطط لما سيقع عليه نظر الطفل
بدلاً من التقليب بين القنوات، احرص على مشاهدة مقاطع الفيديو أو البرامج عالية الجودة، وفكر في استخدام إعدادات المراقبة الأبوية على التلفاز وأجهزة الكمبيوتر، وتعرّف على ألعاب الفيديو وتطبيقات الهواتف الذكية قبل السماح لطفلك باللعب بها.
– شارك طفلك في المشاهدة
احرص على مشاهدة البرامج مع طفلك قدر الإمكان، وتحدث حول ما تراه، مثل القيم الأسرية أو العنف أو تعاطي المخدرات، وإذا رأيت إعلانًا للوجبات السريعة، فبيّن له أنه ليس لمجرد أنه يظهر على شاشة التلفاز أن ذلك يعني أنه جيد له.
– سجل البرامج وشاهدها في وقت لاحق
يسمح هذا لك بأن تقدم سرعة العرض عند ظهور الإعلانات التجارية لبيع لعب الأطفال والوجبات السريعة وغيرها من المنتجات، وعند مشاهدة البرامج المباشرة، استخدم زر كتم الصوت أثناء عرض الإعلانات التجارية.
– شجع طفلك على قضاء وقت نشيط أمام الشاشة
حبّب طفلك في ممارسة تمارين الإطالة أو القيام ببعض أنشطة التأمل والاسترخاء أثناء مشاهدة عرض ما، وضع تحديًا لأفراد عائلتك لمعرفة من الذي يمكنه ممارسة تمارين القفز أكثر خلال الفاصل الإعلاني، واختر ألعاب الفيديو التي تشجع النشاط البدني.
وقد يكون من الصعب البدء في تحديد الوقت الذي يقضيه طفلك أمام الشاشة، ومع ذلك، فهو أمر يستحق المجهود، وذلك من خلال إرساء قواعد أسرية جديدة وإجراء تغييرات صغيرة في روتين طفلك بشكل ثابت، يمكنك الحد من الوقت الذي يقضيه الطفل أمام الشاشة ومن آثاره .
بي بيرفكت للطب النفسي
أكاديمية كوريكتور
أخصائي نفسي
الولاء مكي