أن الموهبة داخل الطفل تبدو كقمه البركان التي تحتاج إلى سبيل من أجل الخروج، وفي حال عدم التنفيس عنها وتوظيفها بالشكل المناسب قد تنقلب الأمور إلى العكس تمامًا.
من أين تأتي الموهبة؟
في مرحلة ما كنت أبحث عن موضع تميز ابني، لكن الأمر جاء بشكل عكسي، وبدلاً من أن أحمسه للتعبير عن نفسه، رحت أضغطه ،
ليظهر لي ما أعتقد أنه موضع موهبة، كالفك والتركيب الذي جعلني أحلم لوهلة أنه سيكون مهندسًا عظيمًا، وعليه أن يبهرني أكثر بما يفعل، لكن هذا لم يحدث، ما أصابني بإحباط لم ألبث أن تعلمت من بعده درسًا هامًا جدًا، الموهبة تنبع من داخل الطفل، ولا تأتي من خارجه،
هذا يعني
أن تشجيع الطفل على تبني اهتمامات معينة بدعوى تنمية موهبتهم قد يأتي بنتائج عكسية. اكتشاف موهبة الطفل تبدأ من تركه حرًّا، يستكشف ما يريد دون أي توجيه بأي شكل ودون أي تلقين .
الموهبة الحقيقة تظهر في لحظة حرية تامة يختار خلالها الطفل ما يحب فعلاً.
يقصد بالموهبة :
القدرة الخاصة على القيام بأمر ما، والتي يمتلكها الفرد فطريًا دون أي تمرين أو تدريب.
إنها شيء تبرع في القيام به دون جهد أو عناء يذكر. تولد الموهبة مع الشخص، وتكون مخفية حيث يجب اكتشافها والاعتراف بها في الوقت المناسب، لأنها مادة خام تحتاج للمعالجة والعناية حتى تنمو وتتطوّر.
من الجدير بالقول أنّ كلّ واحد منا يولد بموهبة خاصّة، ولا تقتصر الموهبة على الدراسة،
إذ قد يمتلك الشخص موهبة في الغناء أو الرسم، أو الطبخ أو التمثيل أو غيرها من المجالات المتعدده.
ولتكتشف موهبة أحدهم (وخاصة الأطفال)، ما عليك سوى مراقبته وهو وحده، إذ سيلجأ مباشرة للقيام بما يتميز فيه ويستمتع به كثيرًا، وتلك في الغالب موهبته الدفينة.
ما هو الفرق بين المهارة والموهبة؟
هناك عدد من الفروقات المهمّة التي تميّز المهارة عن الموهبة والتي نذكر منها ما يلي:
الموهبة :
صفة فطرية يولد بها الفرد وملكة خاصة على القيام بأمر معيّن. في حين أنّ المهارة هي خبرة مكتسبة يحصل عليها الفرد بالتعلّم والتدريب.
الموهبة :
هي هبة إلهية لا يد للإنسان في اكتسابها، في حين أنّ
المهارة : هي مقدرة تحتاج إلى الوقت والجهد لتطويرها.
يقتصر الموهبة الظاهرة على عدد محدود من الناس نظرًا لأن نسبة كبيرة منهم يفشلون في اكتشاف مواهبهم الدفينة.
في حين أنّ المهارة قد تُكتسب من قبل أيّ شخص إن هو امتلك القدرة والإرادة ومصادر التعلّم المناسبة. تكون الموهبة مختفية دائمًا، لذا لابدّ من اكتشافها والاعتراف بها ورعايتها لتنمو . بعكس المهارة التي تكون ظاهرة ولا تحتاج إلاّ إلى التطوير والتمرين المستمر لتتطوّر.
التمرين والتدريب يسهم بشكل ضئيل في تطوير الموهبة إلاّ أنه مع ذلك عنصر أساسي لاكتساب المهارة وتنميتها.
ما هو العمر المناسب لاكتشاف المواهب؟
لا توجد إجابة نموذجية عن هذا السؤال، لدى كل من الأب والأم، أنتما من تملكان اكتشاف مواطن تميز الصغير. دور الوالدين لا يقف عند حدود الطعام والشراب والتعليم والعناية والنظافة، ولكن أيضًا يمتد إلى استكشاف مواطن التميز لدى الطفل، ومن المفيد أن نعلم أن بعض الأطفال يولدون مميزين بالفطرة، والبعض الآخر يكتسب عدة مهارات تثقل موهبة ما لديه مع الوقت،
إن كان صغيرك قد تخطى الخامسة من عمره ولم تعثر بصحبته بعد على موطن موهبته، فالفرصة لم تمضِ، على العكس، مزيد من الوقت قد يعني مزيدًا من الوضوح للموهبة. التعلم واكتساب المهارات مسألة تستمر على مدار العمر، لكن هذا لا يعني أن نتأخر؛ كلما استطعت البدء في عمر مبكر كان ذلك سببًا كي يشكرك أبناؤك في المستقبل.
كيف تطوّر الموهبة؟
نظرًا لأن الموهبة أمر فطري ، فهي لا تحتاج إلى ذلك الجهد الكبير للتطوير ،وتكون تنمية الموهبة في الغالب عملية أكثر إمتاعًا من تعلّم المهارة الجديدة.
ما هي الطرق التي قد تسهم في تطوير موهبتك؟
1- غذّي شغفك يعتبر الشغف وقودًا للموهبة .
هناك دومًا أمور تستمتع برؤيتها أو الاستماع لها أو تجربتها، وهذه الأمور هي التي تشكّل شغفك. هل تحب الكتب؟ الأفلام؟ الموسيقى والفنون أم الرياضة ؟ اسأل نفسك عمّا تستمتع به، ثمّ استثمر فيه،
فشغفك هو أفضل ما يمكن أن تنفق نقودك عليه لأنك في هذه الحالة تستثمر في نفسك وفي نجاحك المستقبلي.
2- شارك شغفك مع الآخرين وعندها ستشعر بالسعادة، وعندما تتشاركه مع الآخرين ستشعر بسعادة مضاعفة وبالإنجاز، الأمر الذي سيعزّز موهبتك ويدفعك إلى تحسينها وتطويرها أكثر.
لا شكّ أنّ أفضل طريقة لتشارك الشغف هي مع أشخاص يمتلكون اهتمامات متماثلة، لأنك بهذه الطريقة ستتعرّف على مصادر جديدة للتعلم، وطرق جديدة للتعبير عن شغفك، بالإضافة إلى الانفتاح على فرص جديدة لتوسيع هذا الشغف وبالتالي تنمية موهبتك.
3- اشحن قدراتك وطوّرها ونقصد بها القدرات التي تستخدمها في الغالب لمشاركة الشغف والتعبير عن موهبتك. حيث أنّ تطوير هذه القدرات والمهارات سيعمل بدوره على تعزيز موهبتك.
ولتتضح لك الصورة أكثر، إليك هذا المثال. لنفترض أنّك تستمتع بالاطلاع على تجارب الآخرين الملهمة أو بتخيّل قصص وأحداث تساعد الآخرين على التخلص من الإحباط والتفاؤل بالحياة. هذا هو شغفك وموهبتك الإبداعية، وحتى تشاركه مع الآخرين، اخترت الكتابة. هنا لابدّ لك من تطوير هذه المهارة من خلال بناء قاعدة مفردات ثرية ولغة سليمة تمكّنك من إيصال أفكارك للآخرين على الوجه الصحيح. ممّا سبق، نلاحظ أنّ كلاّ من الموهبة والمهارة أمران مختلفان، وقد يعتقد البعض أن الموهبة وحدها كافية للنجاح، أو أنّ المهارة وحدها ستحقق لهم طموحاتهم، لكن ذلك ليس صحيحًا تمامًا… نعم قد تحقق لك المهارة وحدها أو الموهبة وحدها نجاحًا يفرحك، لكنّ إن جمعت بينهما فستحقق طموحات ونجاحات أعظم.
كيف أكتشف موهبة طفلي؟
ثمة وصفه سحريه للكشف عن موهبة الطفل، في مرحلة مبكرة من عمره،
1. لا تضغط طفلك ولا تستعجله :
في النادي الذي توصلت له أخيرًا كي أدرب ابني فيه على السباحة، كانت هناك أم تجلس بفخر تتحدث عن الرياضات الثلاث التي ينقسم أسبوع ابنها بينها، وأنه لا يملك وقتًا أبدًا، ولا هي أيضًا، فهو يتدرب سباحة وجمباز وكرة قدم، ، باختصار نادرًا ما يمكث بالمنزل. لوهلة تمنيت لو أنني أفعل الأمر ذاته مع ابني، لكني تذكرت كل المجهود المبذول كي نلحق بتمرين واحد فقط، . هل يمكن لطفل مرهق أن يتميز ويبدع؟ حين أنهى صغيرها تمرين السباحة ووقف قبالتها بضيق راجيًا أن تعفيه من تمرين كرة القدم، الذي يحل عقب ساعة واحدة من انتهاء الأول، لكنها كانت حاسمة: “كل ده عشان مصلحتك”.
2. الموهبة أقرب مما تتخيلي :
المواهب تتتغير بتغير الزمن، إن كانت موهبة الصغير لم تبرز في الأمور التي تألفينها كالرسم والموسيقى واللغة، فيمكن أن تتعلق موهبته بأمور لا تخطر ببالك، كالتكنولوجيا التي تجتهدين في إبعاده عنها، والشاشات التي تبحثين في كيفية حمايته منها. المرونة تتطلب منك أن تتركي للصغير كي يجرب، وأن تكتشفين معه مواضع شغفه، وتلك الأمور التي يمكنه أن ينفق فيها ساعات دون كلل أو ملل، كالألعاب مثلاً. ماذا عن تعليمه مبادئ البرمجة كي يصمم لعبته بنفسه؟
3. الخطأ بداية الصواب :
من أشهر الأخطاء التي يقع فيها الآباء هو الشعور بالاحباط مع أطفالهم حين يبدؤون الخطوات الأولى، فمثلاً قد تتعلق موهبة الصغير بالبرمجة، لكنه قد يمل في المرحلة الأولى من التعلم، هذا لا يعني أنه لا يملك الموهبة أو أنه فقدها، هو فقط بحاجة إلى مزيد من الوقت والجهد كي يصير أفضل. ارتكاب الأخطاء والملل ليس نفيًا للموهبة.
4. المسألة ليست سهلة :
الموهبة ليست أمرًا طبيعيًا نولد به ويتطور مع الوقت، الموهبة بذرة ترعاها فتنمو، وإما تختفي.
كلمة السر في المرونة مع عدم الاستسلام أبدًا، عليك دائمًا أن تكون منفتحًا على أفكار طفلك وتطلعاته.
5. طفلك ليس نسخة منك :
تراجع وشاهد الأمور التي لم ننجح بها، لن يحققها لنا أبناؤنا، هم امتداد لأنفسهم لا لنا، كل المطلوب أن نكون بالخلف لا الأمام،
نصائح الخبراء من أجل تنمية موهبة الطفل :
أمضى كي أنديرسون، أستاذ علم النفس، سنوات طويلة في دراسة الأشخاص المتميزين، وكانت النتيجة التي توصل إليها أن الأهم من الموهبة، الممارسة، حيث توصل إلي أنه بإمكان أي شخص أن يجيد أي شيء إذا شارك في ممارسة متعمدة، وتحسين الأداء الشخصي عبر أهداف صغيرة جدًا ومحددة بشكل كبير، وبكثير من المثابرة والاهتمام.
نصائح الخبراء من أجل تنمية موهبة الطفل
أمضى كي أنديرسون، أستاذ علم النفس في فلوريدا، سنوات طويلة في دراسة الأشخاص المتميزين، وكانت النتيجة التي توصل إليها أن الأهم من الموهبة، الممارسة، حيث خلص إلى أنه بإمكان أي شخص أن يجيد أي شيء إذا شارك في ممارسة متعمدة، وتحسين الأداء الشخصي عبر أهداف صغيرة جدًا ومتعاقبة ومحددة بشكل كبير، وبكثير من المثابرة والاهتمام.
– اتركي العنان لخياله, فإذا قوبلت أحلامه بالسخرية، فإن ذلك يصيبه بالإحباط ويطفئ ملكاته.
– شجّعيه على اللعب الجماعي, فاللعب بالنسبة له ضرورة حيوية تنمّي جسده وتفتّح ملكاته وتعزّز خبراته.
– إن تشجيع الطفل الموهوب على الابتكار ومدح سلوكه وتقدير إنجازاته، مهما كان حجمها، يشبع رغباته وينمّي خياله، ويمنحه الفرصة في التعبير عن ذاته.
– ساعدي طفلك ليفكر كالكاتب, ومن المهم أن تحدثي طفلك عن العالم من حولك وحاولي أن تشرحي لماذا تتغير أوراق الشجر في ألوانها وأنت تجمعيها وهو معك.
– اصحبي طفلك في رحلة ميدانية تعرفيه فيها بالفنون والعلوم والتاريخ
– اجمعي الأعمال الفنية والكتابات والمشاريع الأخرى التي تبرز موهبة طفلك. -يجب أن يعامل الطفل على أنه فرد له قيمته.. وأن جهده ووجوده لازمان للآخرين.
دمتم داعمين لأبنائكم
بي بيرفكت للطب النفسي
أكاديمية كوريكتور
أخصائي نفسي وتعديل سلوك
الولاء أحمد